قال جل شأنه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (١).
وأخبر عن وعده بأنه وعد الصدق فقال جل شأنه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ (٢).
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وأهل الإيمان عملوا بهذه الآيات، وعلموا أن وعد الله حق فوثقوا في ذلك، وكانت دافعًا لهم لقوة الإيمان وزيادته، والحرص على الجهاد والقتال في سبيل الله تعالى.
ولا أدل على ذلك من موقف عمير بن الحمام ﵁ فعن أنس بن مالك ﵁ قال: «بعث رسول الله ﷺ بسيسة عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله ﷺ «قال لا أدري ما استثنى بعض نسائه» قال فحدثه الحديث قال فخرج رسول الله ﷺ فتكلم فقال «إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا» فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال «لا إلا من كان ظهره حاضرًا» فانطلق رسول الله ﷺ وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون فقال رسول الله ﷺ «لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» فدنا المشركون فقال رسول الله ﷺ «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» قال: يقول: عمير بن الحمام الأنصاري يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟ قال «نعم» قال بخ بخ فقال رسول الله ﷺ «ما يحملك على قولك بخ بخ» قال لا والله يا رسول الله إلى رجاء أن أكون من أهلها قال «فإنك من أهلها» فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل
(١) سورة لقمان، الآيتان: ٨، ٩.
(٢) سورة الأحقاف، الآية: ١٦.