أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى ربه الغني، علي صدر الدين الحسيني الحسني، أسنى الله له جوائز فضله السني: هذا كتاب جمعت فيه من لسان العرب، ما يحظى منه بارتشاف الضرب، وأحرزت فيه من غريب القرآن والأثر، ما يرضى منه صدق العين والأثر، وأضفت إلى ذلك من بيان مجازات الكلام، ومصطلحات العلماء الأعلام، وأمثال العرب العرباء، ونفاثات سقاة الألبان والألباء، ما لا يستغني عنه الفضلاء في مدارسهم، والأدباء في مجالسهم، والخطباء في مقاماتهم، والشعراء في كلماتهم، وأمليته حاويا للفصيح، والثابت الصحيح، والآحاد والمتواتر، والشوارد والنوادر، معتمدا في النقل على الكتب المشهورة، وأمهات الزبر المأثورة، مع الأخذ بالثقة في البيان والتعريف، والتحرز في الضبط عن التصحيف والتحريف، غير متكل على النقل دون النقد، إلا ما أجمع عليه أهل الحل والعقد.
فإن هذه اللغة الشريفة التي رفع الله مقدارها، وجعل على ألسنة خيرته من خلقه مدارها، لم تكن تؤخذ إلا بالسماع والتلقين، أو الرواية الوافية ببلج الحق وثلج اليقين، وعلى هذا جرى السلف من العلماء في سالف الدهر، فجنوا من رياضها يانع الثمر ونافح الزهر، وما كانوا ليتكلوا على ما في بطن صحيفة ومتن مجلة، ما لم يشافهوا به الجهابذ من المشايخ الجلة، ثم طمست آثار تلك الأعلام، وعمت سبل الهدى غاشية الظلام، وحار طرف الدليل، وطاح صوت الحادي، وأمسى الخريت ينادي: إنه الليل وأضواج الوادي؛ فلم يبق إلا الرجوع الى ما أودعه العلماء في بطون الدفاتر، والنهوض الى الاقتباس منها بعزم غير فاتر، وإذ قد تعذر الاستفهام عند الاستبهام، والحصول على الصواب، بالسؤال والجواب.
صفحہ 6