فقال الملك وهو يحاول النهوض: «إنما أنت أصم يا توماس، ألا تسمع هذا الصليل وذاك الرنين؟ وحق السماء لقد حل الترك في المعسكر، وإني لأسمع هتافهم.»
ثم حاول أن ينهض من فراشه مرة ثانية، فاضطر دي فو أن يلجأ إلى قوته الغشومة، وأن يستعين كذلك برهط من الحجاب، فاستدعاهم من الفسطاط الداخلي كي يكبحوه.
فقال الملك وهو حانق - وقد تعلقت أنفاسه وأنهكه العراك، فاضطر أن يخضع لقوة فوق قوته، وأن يستقر على فراشه في سكون: «أنت خائن غدار يا دي فو، يا ليت لي من الطاقة ما يكفي لأن أهشم رأسك بسيفي.»
فقال دي فو: «يا ليت لك هذه الطاقة يا مولاي، بل ويا ليتك تصرفها كما ذكرت وتعرضني لأخطارها؛ لو مات توماس ملتن، وعاد قلب الأسد كما كان، إذن لرجحت كفة العالم المسيحي.»
فقال رتشارد وقد مد يده ولثمها البارون إكراما وتبجيلا: «إنما أنت خادم مخلص أمين، فهل تعفو عن سيدك وقد انتابه الجزع؟ إن هي إلا هذه الحمى المحرقة التي تزجرك، أما سيدك رتشارد ملك إنجلترا فرءوف بك رحيم؛ ولكني أرجوك أن تذهب وتأتيني بالخبر اليقين: من هؤلاء الأغراب الذين حلوا بالمخيم، فإني لا أظن هذه الأصوات من أصوات المسيحيين.»
وخرج دي فو من السرادق بهذه الرسالة التي كلفها، ووكل إلى الحجاب والأصفياء والأتباع أن يضاعفوا رعاية المليك إبان غيبته - وقد اعتزم ألا يطيل أمدها - وتوعد أن يحملهم تبعات الإهمال، فزار ذلك، بل زاد من تهيبهم وقلقهم على أداء واجبهم؛ إذ كانوا يخشون من المليك حنقه وغضبه أولا، ومن لورد جلزلاند
1
صرامته وصلابته ثانيا.
الفصل السابع
لم يمض على التخوم
نامعلوم صفحہ