تبیان
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي
تفسير التبيان ج1
قوله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد
قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون(74)
آية واحدة بلا خلاف.
قرأ ابن كثير وحده هاهنا عما يعملون بالياء الباقون بالتاء.
الخطاب بقوله: " قلوبكم " قيل فيمن يتوجه اليه قولان:
احدهما - انه اريد بنواخى المفتول حين انكروا قتله بعد ان سمعوه منه عند احياء الله تعالى له، انه قتله فلان. هذا قول ابن عباس.
والثاني - قول غيره: أنه متوجه إلى بني اسرائيل كلهم. قال: وقوله: " من بعد ذلك " اي من بعد آيات الله كلها التي اظهرها على يد موسى.
وعلى الوجه الاول يكون ذلك اشارة إلى الاحياء.
ومعنى " قست قلوبكم " اي: غلظت ويبست وعتت.
اللغة: القسوة: ذهاب اللين، والرحمة والخشوع، والخضوع.
ومنه يقال: قسا قلبه يقسو قسوا وقسوة وقساوة.
وقوله من بعد ذلك اي من بعد احياء الميت لكم ببعض من اعضاء البقرة بعد ان تدارأوا فيه واخبرهم بقاتله، والسبب الذى من اجله قتله.
وهذه آية عظيمة كان يجب على من شاهد هذا ان يخضع ويلين قلبه. ويحتمل ان يكون من بعد احياء الميت.
والآيات الاخرى التي تقدمت كمسخ القردة والخنازير ورفع الجبل فوقهم وانبجاس الماء من الحجر وانفراق البحر وغير ذلك. وانما جاز ذلك وان كانوا جماعة. ولم يقل ذلكم، لان الجماعة: في معنى الجمع والفريق. فالخطاب في لفظ الواحد ومعناه جماعة.
قوله: " فهي كالحجارة "
يعني قلوبهم، فشبهها بالحجارة في الصلابة واليبس والغلظ والشدة: اي اشد صلابة، لامتناعهم بالافرار اللازم من حقه الواجب من طاعته بعد مشاهدة الآيات.
ومعنى " أو " في الآية: يحتمل امور: احدها ذكره الزجاج: فقال هي بمعنى التخيير كقولك جالس الحسن او ابن تفسير التبيان ج1
صفحہ 303