53

تبیان فی اعراب قرآن

التبيان في إعراب القرآن

تحقیق کنندہ

علي محمد البجاوي

ناشر

عيسى البابي الحلبي وشركاه

قَالَ تَعَالَى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) «٣٥» قَوْلُهُ تَعَالَى: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ): أَنْتَ تَوْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ فِي الْفِعْلِ أَتَى بِهِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي: كُلْ أُأْكُلْ مِثْلُ اقْتُلُ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ حَذَفَتِ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ تَخْفِيفًا، وَمِثْلُهُ خُذْ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَلَا تَقُولُ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَجَرَ يَأْجُرُ جُرْ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أُوْكُلْ شَاذًّا. (مِنْهَا): أَيْ مِنْ ثَمَرَتِهَا ; فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَمَوْضِعُهُ نَصْبٌ بِالْفِعْلِ قَبْلَهُ وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. وَ(رَغَدًا): صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ أَكْلًا رَغَدًا ; أَيْ طَيِّبًا هَنِيئًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، تَقْدِيرُهُ كُلَا مُسْتَطِيبَيْنِ مُتَهَنِّئَيْنِ. (حَيْثُ): ظَرْفُ مَكَانٍ، وَالْعَامِلُ فِيهِ كُلَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَكُونُ حَيْثُ مَفْعُولًا بِهِ ; لِأَنَّ الْجَنَّةَ مَفْعُولٌ، وَلَيْسَ بِظَرْفٍ ; لِأَنَّكَ تَقُولُ سَكَنْتُ الْبَصْرَةَ وَسَكَنْتُ الدَّارَ بِمَعْنَى نَزَلْتُ، فَهُوَ كَقَوْلِكَ انْزِلْ مِنَ الدَّارِ حَيْثُ شِئْتَ. (هَذِهِ الشَّجَرَةَ): الْهَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ فِي هَذِي ; لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ هَذِي وَهَاتَا وَهَاتِي وَالْيَاءُ لِلْمُؤَنَّثِ مَعَ الذَّالِ لَا غَيْرَ، وَالْهَاءُ بَدَلٌ مِنْهَا ; لِأَنَّهَا تُشْبِهُهَا فِي الْخَفَاءِ وَالشَّجَرَةُ نَعْتٌ لِهَذِهِ. وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: «هَذِهِ الشَّيَرَةُ» وَهِيَ لُغَةٌ أُبْدِلَتِ الْجِيمُ فِيهَا يَاءً لِقُرْبِهَا مِنْهَا فِي الْمَخْرَجِ. (فَتَكُونَا): جَوَابُ النَّهْيِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: إِنْ تَقْرَبَا تَكُونَا وَحَذْفُ النُّونِ هُنَا عَلَامَةُ النَّصْبِ ; جَوَابُ النَّهْيِ إِذَا كَانَ بِالْفَاءِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْزُومًا بِالْعَطْفِ.

1 / 52