فدخل الرشيد وجمل يَطوف بيده ليصافح بها الفضيل، فلما وقعت يده عليه قال: الويل لهذه اليد الناعمة، إن لم تنج من العذاب في القيامة. ثم قال له: يا أمير المؤمنين استعد لجواب الله تعالى، فانه يوقفك مع كل واحد مسلم على حدة يطلب منك إنصافك إياه. فبكى هارون الرشيد بكاء شديدًا وضمه إلى صدره. فقال له العباس: مهلًا فقد قتلته. فقال الرشيد للعباس: ما جعلك هامان إلا وجعلني فرعون. ثم وضع الرشيد بين يديه ألف دينار وقال له: هذه من وجه حلال من صداق أمي وميراثها. فقال له الفضيل: أنا آمرك أن ترفع يديك عما فيها وتعود إلى خالقك وأنت تلقيه إليّ. فلم يقبلها وخرج من عنده.
نكتة: سأل عمر بن عبد العزيز محمد بن كعب القرظي فقال: صف لي العدل. فقال: كل مسلم أكبر منك سنًا فكن له ولدًا، ومن كان أصغر منك فكن له أبًا، ومن كان مثلك فكن له أخًا، وعاقب كل مجرم على قدر جرمه، وإياك أن تضرب مسلمًا سوطًا واحدًا على حقد منك فإن ذلك يصيرك إلى النار.
نكتة: حضر بعض الزهاد بين يدي خليفة، فقال له: عظني فقال: يا أمير المؤمنين إني سافرت الصين وكان ملك الصين قد أصابه الصمم وذهب سمعه فسمعته يقول يومًا وهو يبكي: والله ما أبكي لزوال سمعي وإنما أبكي لمظلوم يقف ببابي يستغيث فلا أسمع استغاثته، ولكن الشكر لله إذ بصري سالم. وأمر مناديًا ينادي ألا كل من كانت له ظلامة فليلبس ثوبًا أحمر. فكان يركب الفيل فكل من رأى عليه ثوبًا أحمر دعاه واستمع شكواه وأنصفه من خصمائه. فانظر يا أمير المؤمنين إلى شفقة ذلك الكافر على عباد الله وأنت مؤمن من أهل بيت النبوة فأنظر كيف تريد أن تكون شفقتك على رعيتك.
نكتة أخرى: حضر أبو قلابة مجلس عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني قال: من عهد آدم إلى وقتنا هذا لم يبق خليفة سواك. فقال: زدني. فقال: أنت أول خليفة يموت. فقال: زدني. فقال: إن كان الله معك فممن تخاف وإن لم يكن معك فإلى من تلتجىء. قال: حسبي ما قلت.
1 / 20