ولبن البقر بين لبن الضأن والمعزى في الرقة والغلظ، يغذي ويسمن، وقد نبه على نفعه عليه الصلاة والسلام بقوله: (عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء).
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أنزل الله من داء إلا وله دواء، فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر) رواه النسائي.
قوله ((ترم)): أي تأكل.
وهذا الحديث مشتمل على فضيلتين.
أحدهما: أن الله لم ينزل داء إلا وله دواء، وذلك يقتضي حث العزائم، وتحريك الهمم على تعلم الطب، وذلك أنه إذا علم إمكان شفاء كل داء وأن له دواء رغب الإنسان في العلم به، فإن حفظ الصحة أشرف المطالب كما تقدم، فإن بها يحصل تمام أمر الدين والدنيا.
الوجه الثاني: التنبيه على كثرة منافع هذه الألبان، لقوله عليه الصلاة والسلام ((عليكم)) المقتضية لتأكيد الحث. وذلك يدل على أن في هذه الألبان منافع شتى في أمراض شتى.
ولم يقتصر صلى الله عليه وسلم على ذلك بل علله بعلة صحيحة وهي قوله: (فإنها ترم من كل الشجر) لأن الألبان تختلف بحسب اختلاف مرعى حيوانها، فالمرعى الحار يجعل اللبن حارا والبارد يجعله باردا وعلى هذا فقس.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (ترم) يريد به اختلاف لبنها باختلاف مراعيها. وإذا اختلف صح القول بنفعها من كثير من الأدواء، فما أحسن هذا الحكم والتعليل وأوجزه.
صفحہ 188