پھر سورج طلوع ہوا

ثروت اباظہ d. 1423 AH
98

پھر سورج طلوع ہوا

ثم تشرق الشمس

اصناف

وتقدمت منه ومدت إليه يدا مطبقة الأصابع، وما إن انفرجت يدها في يده حتى أحس ورقة صغيرة تنتقل إليه، فأدرك أنها تريده في أمر لا تحب أن يعرفه غيره. فأمسك بالورقة في خلسة وواراها عن الآخرين، وانتهز فرصة العيون التي تبعت فايزة في خروجها ووضع الورقة في جيبه.

وتبعت دولت فايزة، ولكن صوت فايزة سرعان ما بلغهم مناديا: أبلة وفية، تعالي، إني أريدك.

وخرجت وفية وبقي الأخوان معا، وقال خيري: مبروك يا يسري.

وقال يسري: مبروك أنت أيضا، إن ابني هو ابنك.

وقال خيري: الله يجازيك، أحس نفسي عجوزا، أحس كأنني جد.

وضحك يسري، ولكن خيري لم يكن خالص الفرحة، فقد أفسدت هذه الورقة المطوية فرحته. وأوشك أن يسأل أخاه إن كان قد أغضب فايزة، ولكنه خشي أن يفشي بهذا السؤال سرا لا تريد صاحبته له أن يذيع، فلن يجد شيئا يقوله إلا أن يستأذن وينصرف.

وحين بلغ خيري الشارع وقف عند أول عمود نور، وأخرج الورقة المطوية من جيبه وقرأ: «أريدك غدا في الصباح.»

الفصل السابع والثلاثون

حين بلغ خيري بيت عزت باشا وجد فايزة قد أعدت العدة لتنفرد به، وما إن خلت بهما الحجرة حتى أقفلت الباب بالمفتاح ووضعت الورق والقلم على منضدة جعلتها بينها وبين خيري. ثم راحت تقص على خيري ما رأته، باذلة أقصى جهد تطيقه إنسانة طعينة تحرص ألا يرى أحد الدماء النازفة أو الجرح الغائر، وقد زاد جهدها الدماء نزيفا والجراح غورا أمام عيني خيري الإنسان الكبير. رأى في وجهها العذاب نيرانا، ورأى في وجهها جهادها أن تخفي هذه النيران، ولم تبك ولكن خيري بكى. وما إن رأت دموعه حتى انهارت عزيمتها الصلبة فوجدت نفسها تميل على المنضدة بينهما، ثم وجدت نفسها تنطلق في نشيج يندلع من أقصى حبات قلبها، حتى لخيل لخيري أنه سيرى عن قريب قلبها يتسرب من عينيها. ولكنه لم يشأ أن يذكرها بوجوده، لم يربت كتفها ولا كتب لها أن اصبري، لم يفعل شيئا، فقد رأى أن خير ما تفعله هو أن تبكي وخير ما يفعله هو أن يسكت.

حتى إذا هدأ نشيجها ورفعت وجهها المخضب بالدموع نظر إليها خيري نظرة طويلة فيها حنان وفيها أخوة، وحرص ألا يبدو في نظرته عطف أو إشفاق، ثم كتب: «ماذا تريدين أن أفعل؟»

نامعلوم صفحہ