وذهبت دولت إلى فايزة ولكنها وجدتها قد أوصدت من دونها الباب، وهمت أن تطرقه ثم تذكرت أن لا فائدة من طرقه، فعادت إلى وفية ثانية. وراحت وفية تعطي الأدوية لدولت واحدا بعد الآخر وتخبرها عن مواعيدها في دقة وتحذرها أن تنسى أو تهمل.
وعادت فايزة بعد قليل وقد استعادت جأشها أو كادت، ووجدت آثار النبأ الجديد على وجه دولت، وعجبت أن ترى منها هذا الفرح الخالص الصافي الصادق العميق، حتى لكادت تشك فيما رأت عيناها. ولكنها سرعان ما سخرت من نفسها وشكها: «قد أكون صماء، ولكنني على أية حال أرى، ولقد رأيت، رأيت بعيني.» وأوشكت أن تعود إلى ثورتها، ولكنها تماسكت وجلست إلى أقرب كرسي منها.
وقالت في لهجة توشك أن تكون بريئة: هل جاء يسري يا دولت؟
وارتج على دولت هنيهة، تستطيع العين البريئة ألا تلحظ ارتباكها، ولكن العين التي رأت ما رأت، عين فايزة لم تكن تستطيع ألا تلحظ. وتمالكت دولت نفسها وقالت: نعم.
ثم أتبعت الكلمة بإيماءة لتفهم فايزة، ولم تكن فايزة في حاجة إلى الإيماءة، بل خيل إليها أنها سمعت، فقد كانت تدري بماذا ستتحرك شفتا دولت، فقالت لها: أين هو؟
ومرة أخرى لم تكن في حاجة إلى الإجابة، ولكن دولت أشارت إليها أنه بالطابق الأعلى. وصاحت وفية: صحيح؟ أين هو؟
وخرجت تجري من الحجرة وهي تصيح: يسري، يسري.
وجاءها صوت يسري يجيب نداءها، وما لبث أن أشرف عليها من أعلى السلم: ماذا؟ هل جئتم؟ ألم تذهبوا إلى السينما؟
وقالت وفية في مرحها: أية سينما! تعال، انزل، أسرع.
وسارع يسري ينزل السلم وثبا وهو يقول في فرح بعثه إليه فرح وفية: ماذا؟ ماذا حصل؟
نامعلوم صفحہ