The World Conference on Islamic Propagation and Preparation of Preachers
المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة
ناشر
الجامعة الإسلامية
ایڈیشن نمبر
السنة التاسعة-العدد الرابع
اشاعت کا سال
ربيع أول ١٣٩٧هـ/ ١٩٧٧م
پبلشر کا مقام
المدينة المنورة
اصناف
بسم الله الرحمن الرحيم
افتتاح المؤتمر
كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
بعد عصر يوم السبت الرابع والعشرين من شهر صفر سنة ١٣٩٧ افتتح المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة، وقد افتتح المؤتمر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز نائب جلالة الملك وولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء والرئيس الأعلى لجامعة الإسلامية، وهذا نص كلمة سماحته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي خلق الثقلين لعبادته وأمرهم بها في كتابه المبين وعلى لسان رسوله الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم، وأرسل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ليدعوا الناس إليها وليبينوها لهم، وختمهم بأفضلهم وإمامهم نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وجعل رسالته عامة لجميع العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، والآمر نبيه أن يدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة. والذي أمره أن يدعو الناس إلى سبيله، وأخبر أن الدعاة إليه على بصيرة هم أتباعه على الحقيقة فقال عز من قائل: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه، أرسله الله رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين وحجة على العباد أجمعين، أرسله شاهدًا ومبشرًا
1 / 3
ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فهدى به من الضلال وبصّر به من العمى، وجمع به بعد الفرقة، وأغنى به بعد العيلة، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، وهدى به العباد إلى صراطه المستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الإخوة الكرماء أعضاء هذا المؤتمر. باسم الله العظيم افتتح هذا المؤتمر العالمي «مؤتمر توجيه الدعوة وإعداد الدعاة» نيابة عن سمو الأمير الكريم فهد بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية ونائب رئيس مجلس الوزراء لمشاغله الكثيرة التي حالت بينه وبين حضور هذا المؤتمر، وأسأل الله ﷿ أن يمنحه التوفيق والإعانة على كل خير، وأن يسدد خطاه، وأن يبارك في أعماله.
أيها الإخوة الأعزة أعضاء المؤتمر: يسرني أن أحييكم تحية الإسلام، وأن أرحب بكم أجمل الترحيب، فأقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا وسهلًا بكم في بلادكم وبين إخوانكم في مدينة رسول الله ﷺ، وفي رحاب مسجد نبيه ﵊، وفي مهاجره وفي عاصمة الإسلام الأولى، ومنطلق الدعوة إلى الله على يد رسوله محمد ﵊، وعلى يد أصحابه الكرام، الغزاة الفاتحين، والأئمة المهتدين، وأتباعهم بإحسان رضي الله عن الجميع وأرضاهم، وأسأله سبحانه أن يجعلنا وإياكم من أتباعهم بإحسان وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يولي عليهم خيارهم ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يسلك بنا وبهم صراطه المستقيم، إنه سميع قريب.
أيها الإخوة إن هذا المؤتمر بلا شك مؤتمر عظيم، قد دعت الحاجة بل الضرورة إلى عقده، وإن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لمشكورة كثيرًا على تبني هذه الدعوة إلى المؤتمر وقيامها بالإعداد له، ودعوتها نخبة ممتازة من أقطار الدنيا من العلماء والدعاة إلى الله ﷿ من أكثر من سبعين دولة لحضوره وتبادل الرأي في شؤون الدعوة والدعاة وتذليل الصعوبات والعقبات التي تعترض سبيلها، وللنظر في طرق ووسائل محاربة الدعوات الضالة والمذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة، وكل ما يتعلق بشؤون الدعوة وأحوال المسلمين.
وإن حكومة هذه البلاد الحكومة السعودية وفقها الله تشكر كثيرًا على موافقتها على إقامة هذا المؤتمر، وعلى دعمها له بكل ما يحتاج إليه، وعلى رعايتها له،
1 / 4
كما هي بحمد الله تدعم كل ما يتعلق بالدعوات الإسلامية، والقضايا الإسلامية، وجميع ما يتعلق بالإسلام، فلها بحمد الله جهود مشكورة، وأعمال جليلة في دعم قضايا المسلمين وإعانة مؤسساتهم ومدارسهم وجمعياتهم، والدعاة إلى الله ﷿ في كل مكان، فجزاها الله عن ذلك خيرًا، وبارك في أعمالها وزادها من فضله، ونشر بها الدعوة في كل مكان، وأصلح لها البطانة، وكتب لها التوفيق من عنده، كما نسأله سبحانه أن يوفق قادة المسلمين في كل مكان وأن يهديهم صراطه المستقيم، وأن ينصر بهم الحق، ويخذل بهم الباطل، وأن يوفقهم للاستقامة على دينه، وإخلاص العبادة لله وحده، والقضاء على كل ما يخالف ذلك، كما نسأله ﷿ أن يوفق قادة المسلمين وعلماءهم في كل مكان والدعاة إلى الحق وعلماء المسلمين والمسؤولين فيهم للتعاون الكامل على البر والتقوى، ونصر دين الله وإعلاء كلمته، وعلى بيان حقيقة التوحيد والعبادة التي خلق الله ﷿ من أجلها الخلق وأرسل الرسل، وعلى بيان حقيقة الشرك الذي هو أعظم الذنوب وأكبر الجرائم، وعلى القضاء عليه وبيان حقيقته للناس، وبيان وسائله وذرائعه للناس، والقضاء عليها بالوسائل التي شرعها الله ﷿.
كما أسأله سبحانه أن يوفقهم جميعًا لمحاربة البدع التي استشرت في العالم، حتى التبس على أكثر الخلق دينهم بسبب ظهور البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان وبسبب كثرة المروجين لها والداعين إليها باسم الإسلام حتى التبس الحق على كثير من الناس، لقلة العلماء المتبصرين الذين يشرحون للناس حقيقة الدين ويوضحون لهم حقيقة ما بعث به الله نبيه محمدًا ﵊، ويبينون لهم معاني كتاب ربهم وسنة نبيهم واضحة جلية كما تلقاها أصحاب رسول الله عن نبيهم وكتاب ربهم.
أيها الإخوة الكرام أعضاء المؤتمر:
ليس من الخافي على كل من له أدنى علم أو بصيرة أن العالم الإسلامي اليوم بل العالم كله في أشد الحاجة إلى الدعوة الإسلامية الواضحة الجلية التي تشرح للناس حقيقة الإسلام وتوضح لهم أحكامه ومحاسنه، وتشرح لهم معنى «لا إله إلا الله» ومعنى شهادة «أن محمدًا رسول الله» فإن أكثر الخلق لم يفهم هاتين الشهادتين كما ينبغي، ولذلك دعوا مع الله غيره، وابتعدوا عنه، إن هاتين الشهادتين هما أصل الدين وأصل الملة وأصل الإسلام.
1 / 5
أما الشهادة الأولى فهي تبين حقيقة التوحيد وحقيقة العبادة التي يجب إخلاصها لله وحده ﷾، لأن معناها كما لا يخفى لا معبود حق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن غير الله وتثبت العبادة لله وحده، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، من الصلاة والزكاة والصوم والحج والذبح والنذر والدعاء والاستغاثة والسجود وغير ذلك، فهذه العبادات يجب أن تكون لله وحده، ويجب على العلماء أن يبينوا ذلك للناس، وإن صرفها لنبي أو ولي شرك بالله ﷿، قال الله جل وعلا: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِل﴾، وقال ﷾: ﴿فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾، وقال الله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ . والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأما شهادة أن محمدًا رسول الله فكثير من الناس لم يفهمها على حقيقتها وحكموا القوانين الوضعية وأعرضوا عن شريعة الله، ولم يبالوا بها، جهلا بها أو تجاهلًا بها.. إن شهادة أن محمدًا رسول الله تقتضي الإيمان برسول الله ﵊، وطاعته في أوامره واجتناب نواهيه، وتصديق أخباره وأن لا يعبد الله إلا بالشريعة التي جاء بها ﵊، كما قال الله ﷿: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، فالواجب على جميع العالم، على جميع الثقلين أن يعبدوا الله وحده وأن يحكموا نبيه محمدًا ﵊ ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ .
وقال ﷿: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ . ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ . ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ .
أيها الإخوة الكرام أعضاء المؤتمر
إن الناس اليوم في أشد الحاجة إلى الدعوة، وإلى بيان الداعية الذي ينبغي أن
1 / 6
يقوم بهذه الدعوة وبيانها بأخلاقه وأعماله وصفاته، بحاجة إلى الداعية المستقيم في أقواله وأفعاله، الذي يكون قدوة للمدعوين في سيرته وأخلاقه وأعماله ومدخله ومخرجه وكل شؤونه، إن العالم بحاجة إلى تيسير وسائل الدعوة وإيضاحها، وتسهيل العقبات والصعوبات التي تقف في طريق الداعية، المسلمون اليوم في أشد الحاجة إلى الدعاة الصالحين، إلى العلماء المبرزين الذين يدعونهم إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ويوضحون لهم معاني كتاب الله وسنة رسول الله ﵊ ويبينون لهم سيرته ﵊ وسيرة أصحابه ﵃ وأرضاهم.
المسلمون اليوم بل العالم كله في أشد الحاجة إلى بيان دين الله وإظهار محاسنه وبيان حقيقته، والله لو عرفه الناس اليوم ولو عرفه العالم على حقيقته لدخلوا فيه أفواجًا اليوم كما دخلوا فيه أفواجًا بعدما فتح الله على نبيه مكة ﵊.
أيها العلماء الكرام أيها الفضلاء: إن واجبنا عظيم وإن واجب المسؤولين في جميع العالم الإسلامي من علماء وأثرياء وأمراء وقادة إن الواجب عظيم والمسؤولية عظيمة..علينا أن نتقي الله في عباد الله، وعلينا أن نتعاون صادقين على البر والتقوى أينما كنا وأن تكون هناك علاقات قوية، واتصالات دائمة في شأن الدعوة والدعاة، وفي توجيه الناس إلى الخير، وبالتعاون على البر والتقوى وأرجو أن يكون اجتماعكم هذا تعاونًا على الخير وتبادلا للرأي في كل ما من شأنه انتشار الدعوة الإسلامية وتذليل العقبات والصعوبات أمام الداعية وبيان حال الداعية وصفاته وأعماله وأخلاقه، وبيان ما ينبغي أن تواجه به الدعوات المضلة والمبادئ الهدامة والتيارات الجارفة أرجو أن يكون في مؤتمركم هذا حل لهذه المشاكل وبيان لكل ما يحتاجه المسلمون في سائر الدنيا إنكم والله مسؤولون وإن الأمر عظيم وإني لأرجو الله ﷿ لهذا المؤتمر المبارك أن ينجح في أعماله وأن يوفق في أعماله وأن يجعل العاقبة في حصول ما نرجوه من هذا المؤتمر وما نعلقه عليه من الآمال وأرجو أن يكون في جهودكم وأعمالكم وتبادلكم الرأي ما يحل المشكل وما ينفع الله به عباده المؤمنين في كل مكان وما يرحم الله به عباده، حتى يعرفوا دين الله وحتى يدخلوا في دين الله بأسبابكم، وحتى يكون لكم مثل أجورهم فقد صح عن رسول الله ﵊ إنه قال: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله " وقال ﵊: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".
1 / 7
وأخبر ﷾ أن الدعاة إليه على بصيرة هم أتباع النبي ﵊ فأسأل الله ﷿ أن يجعلنا وإياكم من أتباعه ﵊ على الحقيقة وأن يعيننا جميعًا على ما يجب علينا من طاعته والاستقامة على أمره، والتواصي بالحق والصبر عليه، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، كما أسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين وأن يمن عليهم بالتوفيق، وأن يصلح لهم البطانة وأن يردهم إليه ردًا جميلًا، وأن يمن عليهم بالتوبة الصادقة حتى يقيموا أمر الله في أرض الله، وإن الحكام اليوم مسؤوليتهم عظيمة جدًا وفي كل زمان ولكن في هذا الزمان الذي اشتدت فيه الغربة وكثر فيه دعاة الهدم والتضليل، فالواجب عليهم أعظم من ذي قبل، فالله المسؤول أن يهديهم لذلك، وأن يعينهم على آداء الواجب، وأن يشرح صدورهم للحق، وأن يمنحهم البطانة الصالحة التي تعين على الحق، وتذكرهم إذا نسوا، وتعينهم إذا ذكروا، وقد أخبر النبي ﷺ أن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء ومعنى ذلك كما لا يخفى أنه بدأ غريبًا لا يعرفه إلا القلائل، ثم انتشر وعز بحمد الله وظهر على الأديان كلها، ثم عاد غريبا بسبب اختلاف الناس واتباع الأهواء وقلة العلم، ولكن الرسول حث على القيام بإظهاره للناس وبيانه ونشره، حتى يظهر كما ظهر أولًا، حتى يظهر بعد غربته، وحتى ينتشر بعد غربته بين أبنائه، وبين غيرهم، بين المدعين له، المدعون للإسلام اليوم كثيرون، يعدون بمئات الملايين ولكن المتبصر منهم قليل، فنسأل الله ﷿ أن يوفق علماء المسلمين حتى يظهروا دين الله على بصيرة وعلى حقيقته من كتاب الله وسنة نبيه ﵊، وحتى يوجهوا الناس إلى الخير، وحتى يظهروا بينهم الحق، وحتى يكون بذلك قد أظهروا دين الله وأصلحوا بين الناس، إن الله جل وعلا وعد عباده بالخير العظيم قال ﵊: " فطوبى للغرباء " قيل: يا رسول الله من الغرباء، قال: " الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي "، وجاء في حديث آخر أن النبي ﷺ أخبر أن الصابر على دينه في آخر الزمان كالقابض على الجمرة وأن الذي يدعو إلى الله في آخر الزمان له أجر خمسين من الصحابة وما ذلك إلا لقلة الأعوان وكثرة الشرور والفساد، وعلى الدعاة إلى الله أن يصبروا، وعلى العلماء أن يصبروا، وعلى الحكام أن يصبروا حتى يظهر دين الله وينتصر الحق، وحتى يفهم الناس دين الله وحتى ينيبوا إليه، وحتى يحكموا شريعة الله في عباد الله.
1 / 8
وأسأل الله ﷿ أن يهدينا جميعًا صراطه المستقيم، وأن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، وأن يكثر في المسلمين دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يهدي حكام المسلمين وقادتهم لما فيه رضاه، وصلاح أمر عباده، إنه سميع قريب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان.
كلمة معالي وزير التعليم العالي ثم ألقى الدكتور محمد محمود سفر وكيل وزارة التعليم العالي كلمة معالي الشيخ حسين بن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي، فأعلن أن تبني الجامعة الإسلامية لمؤتمر توجيه الدعوة وإعداد الدعاة، وعقد هذا المؤتمر في المدينة المنورة لم يأت اعتباطًا، فهذه الجامعة مهيأة تماما لكل ما من شأنه تبصير الناس جميعًا بهذا الدين الحنيف، وقال: إن المملكة ممثلة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إذ تستضيف هذا المؤتمر لتؤكد دائما سياستها على أسس الدعوة الإسلامية الرشيدة وهي بهذا تمارس مسؤوليتها إزاء دين الله داعية لهذا المؤتمر ومؤكدة لمنطلقنا نحو الدعوة الإسلامية. وأضاف: وإذا كان الله قد هيأ لنا الثروة على أرضنا الطاهرة فإن الله قد هيأ لنا بها نصرة كلمة الحق، لتكون العزة لله ولرسوله. وقال في ختام كلمته أن تخبط الإنسانية إنما يعود إلى بعدها عن شريعة الله ولا بد للداعية أن يقوم بواجبه والدعوة إلى الله، بأسلوب متسم بالصبر والأناة وعدم المغالاة ولنا في رسول الله ﵇ وسلفه الصالح أسوة حسنة. وقد حان الآن الأوان لأسلوب الدعوة أن يتطور بما وصل إليه العلم الحديث وما حدث من تطورات في المجتمع.
كلمة معالي وزير التعليم العالي ثم ألقى الدكتور محمد محمود سفر وكيل وزارة التعليم العالي كلمة معالي الشيخ حسين بن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي، فأعلن أن تبني الجامعة الإسلامية لمؤتمر توجيه الدعوة وإعداد الدعاة، وعقد هذا المؤتمر في المدينة المنورة لم يأت اعتباطًا، فهذه الجامعة مهيأة تماما لكل ما من شأنه تبصير الناس جميعًا بهذا الدين الحنيف، وقال: إن المملكة ممثلة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إذ تستضيف هذا المؤتمر لتؤكد دائما سياستها على أسس الدعوة الإسلامية الرشيدة وهي بهذا تمارس مسؤوليتها إزاء دين الله داعية لهذا المؤتمر ومؤكدة لمنطلقنا نحو الدعوة الإسلامية. وأضاف: وإذا كان الله قد هيأ لنا الثروة على أرضنا الطاهرة فإن الله قد هيأ لنا بها نصرة كلمة الحق، لتكون العزة لله ولرسوله. وقال في ختام كلمته أن تخبط الإنسانية إنما يعود إلى بعدها عن شريعة الله ولا بد للداعية أن يقوم بواجبه والدعوة إلى الله، بأسلوب متسم بالصبر والأناة وعدم المغالاة ولنا في رسول الله ﵇ وسلفه الصالح أسوة حسنة. وقد حان الآن الأوان لأسلوب الدعوة أن يتطور بما وصل إليه العلم الحديث وما حدث من تطورات في المجتمع.
1 / 9
كلمة فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد نائب رئيس الجامعة الإسلامية
ثم ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد نائب رئيس الجامعة الإسلامية الكلمة التالية:
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ... وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وخليله وخيرته من خلقه، سيد الدعاة إلى الله، وقدوة الهداة إلى الصراط المستقيم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، الداعين إلى كل خير، الناهين عن كل شر.
أيها الإخوة الكرام أحييكم بتحية الإسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأرحب بكم جميعًا في جامعتكم الإسلامية فأهلًا وسهلًا بكم وعلى الرحب والسعة، وأسأل الله تعالى لكم طيب الإقامة في هذا البلد المبارك.
أيها الإخوة الكرام:
إن الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة نعمة انعم الله بها على حكومة المملكة العربية السعودية، إذ وفقها لإنشائها في طيبة الطيبة، في وقت أحوج ما يكون المسلمون إليها، وهي تضطلع بمسؤولية عظيمة في سبيل الدعوة والتعليم، أسال الله تعالى أن يوفقها لأدائها على الوجه الذي يرضيه، وينفع عباده.
أيها الإخوة الكرام:
لقد أدركت الجامعة الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر عالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة - فكان هذا اللقاء المبارك الذي نرجو أن يعود بالخير العميم، والعاقبة الحميدة للمسلمين، وإن رعاية حكومة المملكة، وعلى رأسها جلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله، وسمو ولي عهده الأمير فهد بن عبد العزيز، الرئيس الأعلى للجامعة حفظه الله - إن رعاية حكومة المملكة لهذا المؤتمر الهادف يعتبر دليلا واضحًا، وتعبيرًا صادقًا عن اهتمامها بالدعوة إلى الله، وإلى شريعته التي أكرمها الله بتحكيمها فصارت بحمد الله مضرب المثل في الأمن والاستقرار، وقدمت للعالم
1 / 10
في هذا العصر البرهان العلمي، على أن تحكيم شريعة الله هو السبب في أمن الأمم واستقرارها ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ .
زادها الله توفيقًا وتسديدًا، ووفق المسلمين جميعًا حاكمين ومحكومين إلى الرجوع إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد ﷺ.
ليظفروا بالسبب الحقيقي في سعادة الدنيا والآخرة.
أيها الإخوة الكرام:
إن مؤتمركم هذا وجه من أجل الدعوة الإسلامية - الدعوة إلى دين الله - الذي لا يقبل الله من أحد سواه الدعوة إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق، من المعصية إلى الطاعة، من البدعة إلى السنة، الدعوة إلى السير على نهج سلفنا الصالح الصحابة الكرام وتابعيهم بإحسان، الدعوة إلى التقرب إلى الله بالعامل الصالح الذي يكون لله خالصا، ولسنة رسوله ﷺ موافقًا، الدعوة التي هي الأمر بكل معروف، والنهي عن كل منكر، والتي حصلت الخبرية لهذه الأمة بسببها، وحصل اللعن لبني إسرائيل بالإخلال بها، كما قال ﷿: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ وقال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ .
ووجه هذا المؤتمر من أجل الدعوة الخيرة، الهادفة إلى إسعاد البشرية في دنياها وأخراها.
فسيروا في مؤتمركم على بركة الله، واثقين بوعد الله ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ .
أيها الإخوة الكرام:
إن هذه الفرصة التي نلتقي فيها هذا اللقاء المبارك في سبيل الله ومن أجل الدعوة إليه - من أسعد الفرص، ولا أستطيع التعبير عن مدى السرور والاغتباط في هذه الفرصة السانحة.
1 / 11
وإني أتقدم بالشكر - بعد شكر الله ﷿ لجلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله، الذي وافق على عقد هذا المؤتمر، ولسمو ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، والرئيس للجامعة الإسلامية (الأمير فهد بن عبد العزيز) - حفظه الله - الذي كان حريصًا على أن يكون معكم في هذا اللقاء لولا مشاغله التي حالت دون ذلك.
وأشكر جميع الأخوة أعضاء المؤتمر على تلبيتهم دعوة الجامعة لحضور هذا المؤتمر والمشاركة فيه.
كما أشكر الإخوة الذين أجابوا دعوة الجامعة لحضور افتتاح هذا المؤتمر، وأسأل الله تعالى أن يثيب الجميع خيرًا، وأن يكلل المساعي التي تبذل في الدعوة إلى الله بالنجاح وأن يحسن العاقبة للمسلمين.
إنه سميع مجيب..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
1 / 12
كلمة فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي نيابة عن أعضاء المؤتمر
هذا وقد اختتم حفل الافتتاح نيابة عن المؤتمرين الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء (بكنهو) بالهند بكلمة قال فيها:
إن هذا المؤتمر يدل على اللا عنصرية في الإسلام، وأنه لا تمييز فيه سواء كان تمييزًا قوميًا أو وطنيًا أو جغرافيًا وقال إن بعثة محمد ﵇ هي بعثة جامعة شاملة اقترنت بتكليف هذه الأمة بالدعوة إلى الله، ذلك التكليف المشرف الكريم الذي قال فيه الله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ .
وأضاف الشيخ الندوي قائلًا: وهذه الدعوة هي مصدر كل خير ومصدر الانطلاقات والنشاطات التي عرفت بها هذه الأمر وقال إن كل ما يعتز به المسلمون من مدينة فاضلة إنما يرجع الفضل فيها إلى ما يعتزون به من دعوة وإن خير هذه الأمة مرتبط ببقاء هذه الدعوة التي ينبغي أن تكون مرافقة لها في جميع أطوارها..
وقال فضيلة الشيخ أبو الحسن في كلمته التي أثارت إعجاب الحاضرين: إن مستقبل هذه الأمة مرتبط بقضية هذه الدعوة وإذا انقطع تيار هذه الدعوة بقيت هذه الأمة جسدًا بلا روح.
وختم كلمته قائلا: ولولا هذه الدعوة لما استطاع هندي ولد في بلاد بعيدة وسط المشركين والملحدين أن يتكلم العربية في هذا المكان وينطق بكلمات الحق الإلهي مع تعاليم الإسلام وهديه الكريم..
1 / 13
اختيار سماحة الشيخ بن باز رئيسًا للمؤتمر
وفضيلة الشيخ العباد نائبًا للرئيس
وفضيلة الشيخ الغزالي مقررًا
انتهت الجلسة الأولى من اليوم الثاني للمؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة باختيار سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد رئيسًا للمؤتمر، وفضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد نائب رئيس الجامعة الإسلامية نائبًا لرئيس المؤتمر، وفضيلة الشيخ محمد الغزالي رئيس قسم الدعوة وأصول الدين بجامعة الملك عبد العزيز مقررًا للمؤتمر.
كلمة رئيس المؤتمر وقد ألقى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد كلمة قيمة في حفل انتخاب الرئيس ونائب الرئيس والمقرر في المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة وفيما يلي كلمة سماحته: قال بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على رسوله ﷺ أما بعد: فإن هذا المؤتمر العظيم هو جديد في ذاته، ولم يكن هناك مؤتمر قد سبقه في توجيه الدعوة وإعداد الدعاة، ولا شك أن هذا المؤتمر الذي جمع ممثلي ثلاث وسبعين دولة له شأن عظيم، والمسلمون في كل مكان في الدول الإسلامية، والأقليات الإسلامية في حاجة إلى من يوضح لهم محاسن دينهم، وهذا المؤتمر - أرجو أن يكون في توصياته، ومقرراته التي تصدر عنه ما يرسم الخطة التي فيها الخير والصلاح والسداد لجميع الدعاة، وأن يكون فيها ما يعين على تذليل العقبات التي تعترض سبيلهم، وأن يكون فيه بيان واضح لمجابهة الدعوات المضللة، والتيارات المنحرفة،
كلمة رئيس المؤتمر وقد ألقى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد كلمة قيمة في حفل انتخاب الرئيس ونائب الرئيس والمقرر في المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة وفيما يلي كلمة سماحته: قال بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على رسوله ﷺ أما بعد: فإن هذا المؤتمر العظيم هو جديد في ذاته، ولم يكن هناك مؤتمر قد سبقه في توجيه الدعوة وإعداد الدعاة، ولا شك أن هذا المؤتمر الذي جمع ممثلي ثلاث وسبعين دولة له شأن عظيم، والمسلمون في كل مكان في الدول الإسلامية، والأقليات الإسلامية في حاجة إلى من يوضح لهم محاسن دينهم، وهذا المؤتمر - أرجو أن يكون في توصياته، ومقرراته التي تصدر عنه ما يرسم الخطة التي فيها الخير والصلاح والسداد لجميع الدعاة، وأن يكون فيها ما يعين على تذليل العقبات التي تعترض سبيلهم، وأن يكون فيه بيان واضح لمجابهة الدعوات المضللة، والتيارات المنحرفة،
1 / 14
والأفكار الهدامة، التي يبثها وينشرها أعداء الدين ونرجو أن تعنى بها اللجان، والواجب علينا، كل واحد في محله، في مقر عمله، في بلاده، أن يبذل وسعه في الدعوة إلى الله، وتشجيع العلماء في شرح المشاكل التي تعترض الدعاة، وطريقة حلها..
ولا ريب أن كل عالم إذا نشط في محله، وقام بما يجب عليه من توجيه وبيان، وتشجيع ومساندة لدعاة الحق - لا شك أن هذا سيكون له أثر عظيم في توضيح الحق للناس وتشجيعهم على الخير، وتوجيههم إلى ما يجب عليهم نحو دينهم وإخوانهم في كل مكان..
ومن أهم المهمات أيضًا: العناية بالكتاب الصالح الذي ينبغي أن ينشر بين الناس الذي يشتمل على العقيدة الصالحة وبيان أحكام الله، ومحاسن الإسلام، فإن هذا الكتاب من أهم الكتب التي يجب أن تنشر باللغات المتعددة الكثيرة ويوزع بين الجمعيات والمدارس، والدعاة ليستفيد الناس، وكذلك الجمعيات والمؤسسات جديرة بالتشجيع والمعاونة، وأن ينشر عنها حتى تساعد وتعاون فيما يعينها على تحقيق دعوتها، والعالم غير الإسلامي، في حاجة إلى الدعاة وإلى علماء الإسلام حتى يوضحوا له دين الإسلام، لأنهم في أشد الحاجة إلى ذلك، ولأنهم في حيرة وقلق وشك، لأنهم ما وجدوا من نصرانية وغيرها ما يطمئن قلوبهم ويريح ضمائرهم ويقنعهم بأنهم على دين، وإن لهم عاقبة يريدون حسنها.
فأنتم أيها الإخوة أولى الناس ببيان هذا الأمر، وتشجيع العلماء وغير ذلك من الطرق، وعلينا أن نوضح دين الإسلام بأدلته الواضحة من قرآن وحديث صحيح ونوضح المعنى، ونزيل الشبه، ونكشفها للناس.
ويجب على الدعاة أن يكونوا صابرين، محسنين، يرجون ثواب الله، وعلى أولي الأمر في الدول والأقليات مساعدة العلماء الداعين إلى الله، وإمدادهم بجميع المساعدة..
1 / 15
أيها الإخوة الكرام..
هذا شيء لا يخفى عليكم، أن أولى الأمر عليهم مساندة الدعاة بالمال، وعليهم نشر الكتب المفيدة، وترجمتها إلى اللغات الحية، وتوزيعها بين الناس..
وأسأل الله أن يبارك في هذا المؤتمر، ويوفقه لإصدار توصيات ومقررات تنفع المسلمين، وتعينهم على معرفة دينهم، وعلى محاربة أعدائهم، وعلى الحذر من كل ما يضرهم، إنه ﷾ جواد كريم، وهو البر الرحيم..
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
1 / 16
كلمة فضيلة الشيخ العباد بعد انتخابه نائبًا لرئيس المؤتمر:
ثم ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد نائب رئيس الجامعة كلمة قيمة بعد انتخابه نائبًا لرئيس المؤتمر وفيما يلي نص كلمة فضيلته..
بسم الله والحمد لله
أما بعد.. فإني أشكر للإخوة المؤتمرين للشيخ ابن باز رئيسًا لهذا المؤتمر الهادف، الذي هو في الحقيقة يعتبر أول مؤتمر تعقده الجامعة وهو مؤتمر عظيم له ما بعده إن شاء الله.
واختيار الشيخ بن باز اختيار في محله، لأنه هو رئيس هذه الجامعة مدة ثلاثة عشر عامًا، ثم بعد انتقاله عنها - إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - هو عضو في مجلسها الأعلى، وقد اختاره الأمير فهد في رئاسة الدورة الثانية التي انعقدت في رجب ١٣٩٦هـ ثم اختاره في رئاسة المجلس الأعلى في هذه الدورة، ثم اختاره لافتتاح هذا المؤتمر وهو اختيار في محله من الناحية الرسمية، ومن الناحية الحقيقية، لأنه هو الداعية المجاهد، ولا نزكي على الله أحدًا، وهو في عمل هو في صميم الدعوة، بل هو الأساس والمنطلق في هذه البلاد، فرئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - هي المسؤولة في المملكة عن الدعاة إلى الله، وبعثهم داخل وخارج المملكة، ودار الإفتاء والجامعة يتعاونان ويتساعدان، والصلة بينهما أتم صلة، وأعظم وثيقة، لأن الجامعة تخرج الدعاة وترشحهم، ورئاسة البحوث تختارهم وترسلهم.
ثم اختيارهم للغزالي، الكاتب صاحب المؤلفات الكثيرة، صاحب القلم السيال هو اختيار في محله، أما اختياري أنا لهذا المنصب فأعتقد أني لست أهلا لهذا المنصب ولكنه من باب الشكليات، ومن باب الأشياء التي اعتادها الناس، وأعتقد أنه بهذه المناسبة يمكن لي أن أكون في هذا المكان، أما من النواحي الأخرى، فاعتقد أني لست أهلا لذلك..
1 / 17
ثم أشار فضيلته إلى الكيفية التي بها اختيار كل عضو للجنة التي يرغبها..
وعقب بقوله:
أود أن أشير إلى أن مهمتنا كبيرة وموضوعنا عظيم وأن الأيام أمامنا قليلة، ونحن في حاجة إلى كسب الوقت وحفظه فيما يعود علينا بالفائدة الكبيرة والنتائج الطيبة، وأرجو من الإخوة ملاحظة ذلك في قاعات اللجان..
كلمة فضيلة الشيخ محمد الغزالي مقرر المؤتمر السلام عليكم.. نحن في عصر تبرجت فيه الدعوات، وافتتنت في عرض محاسنها أو ما تزعمه لنفسها من محاسن، وحدث ذلك في وقت أصيب العالم الإسلامي فيه بأزمة طاحنة في الدعاة، وقلة مستغربة في الرجال، الذين يفقهون هذا الدين، وينقلونه من قلب إلى قلب، ومن قطر إلى قطر، وكانت نتيجة هذا التفاوت مرة أراجت الشيوعية مثلا، وقلت في كتبي: إن رواج الشيوعية لا يعود إلى جودة السلعة - بل إلى نشاط العارضين، وأنه لأمر مؤسف حقًا أن يتخاذل الحق برجال تكاسلوا في عرض مبادئه، وأن يتقدم الباطل ويوغل.. لأن له رجالا نشطوا في عرض مفترياته. الأمر خطير بلا شك، ونحن الذين نعمل في مجال الدعوة، نشعر بأمور كثيرة، لعل أول ما نشعر به: إننا ثمرة لرجال أدوا ما عليهم لله في نشر الدعوة. وكما قال أخونا الندوي (أمس) . أنا في الهند، من عرفني الإسلام؟ ومن شرح صدري به؟ إنهم دعاة.. من هم؟ الله يعلمهم.. أنا من مصر، من الذي أنار لي حقائق هذا الدين وجعلني ممن يتكلمون ويعيشون له؟ رجال عسكريون، علماء، دعاة، نحن ثمرات جيل مؤمن، ثمرة لجهاد مخلص، قام به رجال قبلنا، أدوا ما عليهم لله، إذ لم يحتكروا نور الإسلام لأنفسهم، بل بسطوا أشعته على دروب العالمين، وجعلوا الناس تتمكن من الدخول فيه والعمل به، إذا كنا نشعر بهذا الجميل لأناس لا نعرفهم، أو نعرف قليلا منهم - فحق
كلمة فضيلة الشيخ محمد الغزالي مقرر المؤتمر السلام عليكم.. نحن في عصر تبرجت فيه الدعوات، وافتتنت في عرض محاسنها أو ما تزعمه لنفسها من محاسن، وحدث ذلك في وقت أصيب العالم الإسلامي فيه بأزمة طاحنة في الدعاة، وقلة مستغربة في الرجال، الذين يفقهون هذا الدين، وينقلونه من قلب إلى قلب، ومن قطر إلى قطر، وكانت نتيجة هذا التفاوت مرة أراجت الشيوعية مثلا، وقلت في كتبي: إن رواج الشيوعية لا يعود إلى جودة السلعة - بل إلى نشاط العارضين، وأنه لأمر مؤسف حقًا أن يتخاذل الحق برجال تكاسلوا في عرض مبادئه، وأن يتقدم الباطل ويوغل.. لأن له رجالا نشطوا في عرض مفترياته. الأمر خطير بلا شك، ونحن الذين نعمل في مجال الدعوة، نشعر بأمور كثيرة، لعل أول ما نشعر به: إننا ثمرة لرجال أدوا ما عليهم لله في نشر الدعوة. وكما قال أخونا الندوي (أمس) . أنا في الهند، من عرفني الإسلام؟ ومن شرح صدري به؟ إنهم دعاة.. من هم؟ الله يعلمهم.. أنا من مصر، من الذي أنار لي حقائق هذا الدين وجعلني ممن يتكلمون ويعيشون له؟ رجال عسكريون، علماء، دعاة، نحن ثمرات جيل مؤمن، ثمرة لجهاد مخلص، قام به رجال قبلنا، أدوا ما عليهم لله، إذ لم يحتكروا نور الإسلام لأنفسهم، بل بسطوا أشعته على دروب العالمين، وجعلوا الناس تتمكن من الدخول فيه والعمل به، إذا كنا نشعر بهذا الجميل لأناس لا نعرفهم، أو نعرف قليلا منهم - فحق
1 / 18
الأجيال القادمة علينا - أن نقدم لها الدين الذي وصل إلينا، وأن نقدمه كاملًا غير منقوص، لنرجو به ثواب الله، كما قدم غيرنا هذا الدين إلينا راجيًا ثواب الله.. هذه واحدة..
الشيء الثاني أننا نحن المسلمين نبلغ الآن مليارًا من الأنفس. هناك معركة تدور في صمت عن إحصاءات المسلمين في العالم، ربما جعلناهم نصف ذلك أو أكثر قليلًا أو أقل قليلًا - لكن المسلمين يبلغون مليارًا من الأنفس، ويشاء الله أن الكم لا يكون له وزنه إن لم يكن معه كيف له حرمته وله مكانته. إن مسجدًا صغيرًا يصل فيه ثلاثمائة مسلم - أي عدد الذين حضروا معركة بدر - عدد ربما لا يؤبه له. لكن هذا العدد من المصلين هو الذي كسب معركة الإسلام في بدر، وحوّل تاريخ البشرية، إن الأيدي المتوضئة التي قادت زمام العالم قديمًا هي التي استطاعت أن تقدم لنا حضارة ضخمة، وأن تصنع الكثير لأن القلة الناشطة لها وزنها، والكثرة العاطلة لا وزن لها، فإذا كان عدد المسلمين الآن مليارًا من الأنفس، فإننا نسأل أنفسنا: كيف يضعف الإسلام ونحن على هذه الكثرة الكاثرة؟؟؟
إن الأمر يحتاج إلى تأمل وإلى دراسة، ولنعترف بالواقع، فإن مجافاة الواقع ليست من العقل! المسلمون الآن موزعون على نحو سبعين جنسية أو أكثر، وهذه الجنسيات التي توزعنا عليها مختلفة في أساليب الحكم، وفي ألوان المجتمع، هناك حكومات مستقلة كما تسمى، وهناك دول المسلمون فيها كثرة ولكن الحكومات فيها لا صلة لها بالإسلام، بل قد تكون صليبية علنا، أو شيوعية علنا، أو علمانية لا لون لها علنا - والقاسم المشترك بين جماهير المسلمين - أن هناك بيقين انهزاما في تطبيق الإسلام.
ربما كانت هذه المملكة من توفيق لها أنها حظيت بملك يعتمد على الدين، ويرى شرفه بأن ينتسب إلى الإسلام، لكن أنواع السلطة في العالم الإسلامي نجح الغزو الثقافي في إبعادها عن الإسلام، فضرب التشريع الإسلامي ضربة انهار لها، وحكم المسلمون الآن بغير ما أنزل الله. ولما كان القانون أو التشريع هو الحزام الذي يشد تعاليم الإسلام - فإن هذه التعاليم بقيت بغير رباط يجمعها ويشد عراها، فأخذت تتخلخل وتتراخى وتتساقط، ثم وجدنا من يقول: (التقاليد القديمة لا معنى لها:)
1 / 19
فغرتنا التقاليد الجديدة، الأخلاق الدينية لا الأخلاق المدنية.
ومن يقول: الأخلاق الدينية أهدأ من الأخلاق المدنية والعبادات هي وسيلة لإقامة الأخلاق فلا ضرورة للعبادات. ثم بدأت العقائد نفسها تترنح إثر ضربات وجهت إليها. وبلغ من أن يقال الآن: التثليث والتوحيد سواء من الناحية المادية والأدبية!!!
ولهما حق الوجود، ولهما حق الاقتران، ولهما حق الزحف والدخول في العقول على قدر مشترك!!!
هذه الهزيمة التي نشعر بها - يكلف الدعاة الآن بأن يواجهوها! وأريد أن أقول:
أنني لا أكلف داعية بمغامرة! ولنا في سيد الدعاة رسول الله ﷺ أسوة حسنة، نحن لا نتعجل معركة، نخسر الكثير ونكسب فيها القليل.
إن سيد الدعاة ﷺ بدأ بالتغيير الجذري عندما بدأ بغزو النفوس، وعندما بدأ بشحن العقول بلغ هذا الشحن مدى أسأل نفسي.. هل وصلنا إليه؟ أقول: لا.
أتأمل في هذه الآية: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾؟
ما معنى: آذنتكم على سواء؟ أي تركتكم وعلمكم بالحق كعلمي به، أعلمتكم فأنا وأنتم سواء في معرفة الحقيقة. هذا هو النجاح الحاسم في تبليغ الدعوة: أن توصل الحق إلى الناس فيعرفوه جيدًا، ثم إذا انصرفوا عنك بعد ذلك فمن هوى غالب أو جحود حاكم، أو عن رغبة في مشاقة الله ورسوله - أنت بعدها أنصفت نفسك وأنصفت ربك وأنصفت دينك.
لكن كثيرًا من الدعاة الآن ليس لديهم بيان ولا وضوح الرؤية الذي يستطيع به أن يبلغ حقائق الإسلام للناس.. بل بلغ من هوان الأمة الإسلامية أن اليهود الذين سطوا على البيت وطردوا رب البيت منه واقتحموه - استطاعوا أن يقولوا للعالم: إنهم أصحاب البيت!!! وعجز صاحب البيت أن يثبت أنه صاحبه!!
بل بلغ الهوان بنا: أن اليهود يقولون: يهودية.. أما العرب فيقولون: لا إسلام.. ولا نصرانية.. ولا يهودية.. (علمانية) (دولة علمانية) . ومعنى
1 / 20
هذا: أننا فرطنا في إسلام بينما بقى غيرنا في ظل علمانية أو قوانين مدنية، بقي مستمسكًا بيهوديته أو نصرانية.
وسبب هذا هزيمة المسلمين: أن العرب خانوا الإسلام، وفصلوا قضية فلسطين عن الدين، وجعلوها عربية. فكانت النتيجة أن انفردت اليهودية (وهي عقيدة) والصليبية (وهي عقيدة) بعرب تركوا الإسلام وراءهم ورفضوا أن يجعلوه شعارًا وأن يعيشوا في ظله. وأي دين باطل إذا التقى بقوم لا دين لهم فالنتيجة واضحة.. إنه سيمرغ وجوههم في الوحل، ولكن هذه المتناقضات كلها يستطيع الدعاة أن يتغلبوا عليها، فنحن لسنا في ظروف أسوأ من الظروف التي بدأ فيها سيد الدعاة رسالته. فقد بدأ والظلام من حوله حالك، وكل شبر من أرض الله يتنكر له، ومع الظلمة السائدة، والعداوة البادية - فإن صاحب الدعوة العظيم ﷺ استطاع أن يغير الدنيا، وأن يطلع بالإسلام فجرًا على ظلامها، وصبحا ينسخ كل ما فيها من سواد.
نحن لسنا في ظروف أسوأ من هذه الظروف.
لكننا ينبغي أن نعرف الخطة التي سار عليها. وهذه الخطة تتطلب أمرين: الإخلاص - والعلم.
والإخلاص وحده لا يكفي، فرب مخلص قتل صديقة كما قتلت الدبة صاحبها. والعلم وحده لا يكفي، فرب عالم استغل علمه في تملق السلطات التي تتطلب الرهبة والرغبة، وعاش للدنيا يطلبها!!! نحن محتاجون إلى الأمرين معا: إلى العلم وإلى الإخلاص.. وتحت هذين العنوانين أمور كثيرة لا نتحدث عنها، لكني أقول لإخواني: إن هذه البداية المباركة في مؤتمر يقوده ناس: أحسن ما نرى فيهم الغيرة على توحيد الله، والرغبة في تجريد العقيدة من أي بدعة، والعمل الدائب على أن نقتدي بسلفنا الصالح.. هذه البداية في هذا المكان، في دار الهجرة تجعلنا نأمل الخير، ونرى أننا هنا نتصارح..
يا إخواني.. نحن هنا نريد أن نصطلح مع الله، ونتوب إليه ونتحدث عن العوائق أمام الدعوة، وعما تنجح به الدعوة، ثم نؤدي ما علينا في مصارحة لا مداهنة..
1 / 21
لقد كان صاحب الرسالة قديما يستطيع أن يمر بشيء ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ لكن الإدهان ليس من صفات الداعية، الداعية صحيح في عرض مبادئه، صريح في توضيح غاياته، وليس لنا من نستحي منه.
نحن في وجه من يقول بالتثليث - في وجه من يعطل الوجود عن إله يدبر أمره ويشرف على شؤونه في وجه جاهلية تتبجح بمطاوعة الأهواء وإجابة الشهوات - في وجه هذا كله نقول:
نحن أتباع محمد ﷺ، نوحد ربنا، ونصلح في هذه الدنيا سيرتنا، لأن أساس النجاة إيمان واضح، وعمل صالح، نحن ننتسب إلى الإسلام ونملأ الدنيا. لقد استطاع أصحاب الدعوات المشوهة أن ينالوا نصرًا كبيرًا لأنهم زوقوا، واستطاعوا في معاركهم معنا أن يشوهوا ديننا، وكما قال القائل في وصف هذا الدين:
كاد الليالي وكادته مجالدة وارتد عدوانها من بعد تقتال.
فلنبرز محاسن الإسلام، ولنؤد ما علينا في استنقاذ أمتنا، وأداء رسالتنا، والله الموفق والمستعان. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
1 / 22