The Sufi Thought in Light of the Quran and Sunnah
الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مكتبة ابن تيمية
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
پبلشر کا مقام
الكويت
اصناف
كالترهُّب، أو الزيادة في المشروع كالصيام أبدًا، وقيام الليل كله هو اتهام للرسول ﷺ أنه لم يكن في القمة من معرفة الله ﵎ والقيام بحقه. ولذلك قال أولئك النفر: وأين نحن من رسول الله ﷺ؟ إنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يعنون أن الله قد غفر ذنوبه، فليس بمحتاج إلى اجتهاد في العبادة، ومعنى هذا أن الرسول قد ترك شيئًا من وسعه في العبادة استنادًا إلى هذه المغفرة، والحظوة عند الله ﵎ وهذا من الاعتقادات التي لا تليق في حق الرسول ﷺ الذي ما ترك وسعًا في عبادة الله وطاعته، وكان ﷺ في القمة دائمًا، وفي المقدمة دائمًا كما أمره بذلك ربنا ﷾ حيث قال: ﴿قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾ [الأنعام: ١٦٢و١٦٣]، فهو ﷺ أول المسلمين في كل شيء، فلا يجوز لمسلم أن يظن فيه غير ذلك، والزيادة علي ما شرعه إنما هي اتهام له ﷺ ولذلك قال: (إن أعلمكم بالله، وأتقاكم لله أنا) ثم فاصل بين من أراد طريقه بالالتزام، ومن لم يلتزم قال له (فمن رغب عن سنتي فليس مني) .
١٦ - ولم يكتف الرسول ﷺ ببيان كل ذلك، بل أعلن في كل خطبة من خطبه للناس: (وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) (هاتان الجملتان جزء من خطبة الحاجة التي كان رسول الله ﷺ يبدأ بها خطبه، والجملة الأولى عند مسلم والبيهقي، وهي الجملة الثانية عند النسائي، وإسناده صحيح، وانظر رسالة (خطبة الحاجة) لأستاذنا الألباني فقد جمع فيها طرقها ورواياتها)، وقال أيضًا: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (رواه البخاري ومسلم) فكل عمل محدث يراد له التقرب إلى الله ﷿ فهو مردود على صاحبه، والتعبد هو بالمشروع فقط.
١٧ - ولقد أصل الرسول ﷺ بعد ذلك أصلًا خطيرًا، وهو تعمد مخالفة أهل الكتاب والأمم الأخرى، وذلك حتى تتحقق ميزة الأمة بالمنهج المستقل والأفعال المستقلة، وحتى لا تختلط أفعال الأمة وعباداتها بأفعال الأمم الأخرى
1 / 28