210
ثُمَّ إِنَّ الرَّسُولَ ﷺ قَالَ لَهُمْ: "آيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ بِمَكَانِ كذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابَّةِ -أَي الْبُرَاقِ- فَنَدَّ لَهُمْ بَعِيرٌ، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطَّوْا عَلَيْهَ بِشَيءٍ، فكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَعَلَى عِيرِهِمْ جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غَرَارَتَانِ، إِحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ، وَالأُخْرَى بَرْقَاءُ". (^١) وصدّقه أبو بكر، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لِأَبِي بَكْرٍ: "وَأَنْتَ يَا أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ". وجَاءَهُ جِبْرِيلُ ﵇ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتَهَا، وفُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ. (^٢)

(^١) فَلَمَّا جَاءَتِ الْعِيرُ، إِذَا عَلَيْهَا ذَلِكَ الجَمَلُ الذِي وَصَفَهُ الرَّسُولُ ﷺ، وسَأَلُوهُمْ عَنِ الإِنَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ غَطَّوْهُ، وَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا فَوَجَدُوهُ مُغَطًّى كَمَا غَطَّوْهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً، وَسَأَلُوهُمْ: هَلْ ضَلَّ لَكُمْ بَعِيرٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، نَدَّ لَنَا بَعِيرٌ فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إِلَيْهِ حَتَّى أَخَذْنَاهُ. فَعَجِبَ الكُفَّارُ لَمَّا عَرَفُوا صِدْقَ الرَّسُولِ ﷺ، ومَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا وَطُغْيَانًا كَبِيرًا. (^٢) ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى إِلَّا المَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا. وأَتَمَّ اللَّهُ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ الآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الحَضَرِ، وَأَقَرَّ الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الأَوَّلِ فِي السَّفَرِ.

1 / 233