238

The Shining Light from the Comprehensive Sermons

الضياء اللامع من الخطب الجوامع

ناشر

الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

اصناف

الله شأنه في القرآن وأوجب محاربة مستحله ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهديه وجاء فيه من الوعيد ما لم يجئ في غيره، إلى أن يستحل بأدنى سعي من غير كلفة أصلا إلا بصورة عقد هي عبث ولعب، وقال في الفتاوى أيضا: وكذلك إذا اتفقا على المعاملة الربوية ثم أتيا إلى صاحب حانوت يطلبان منه متاعا بقدر المال فاشتراه المعطى ثم باعه على الآخذ إلى أجل، ثم أعاده إلى صاحب الحانوت بأقل من ذلك فيكون صاحب الحانوت واسطة بينهما بجعل، فهذا من الربا الذي لا ريب فيه، انتهى.
أيها المسلمون، إن المداينة بهذا البيع الصوري الذي يعلم الله جل وعلا ويعلم المتعاقدان أنفسهما أنهما لم يريدا حقيقة البيع وإنما أرادا دراهم بدراهم، فالدائن أراد الربح والمدين أراد الدراهم، وأدخلا هذا العقد الصوري بينهما، أقول إن هذه المداينة تشتمل على عدة محاذير: الأول أنها تحايل على المحرم وخداع لله ورسوله، ونحن نقول لهذا المتحيل إن حيلتك لن تغني عنك من الله شيئا، ألم تعلم بأن الله يرى؟ ألم تعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ألم تعلم بأن الحساب يوم القيامة على ما في قلبك ﴿أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ - وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ [العاديات: ٩ - ١٠] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ - فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: ٩ - ١٠] المحذور الثاني أن هذه المعاملة توجب قسوة القلب والتمادي في الباطل، فإن صاحبها يظن أنه على حق، فلو أتيته بكل دليل ما سمع منك لأن قلبه مغمور بمحبة هذه المعاملة السيئة لسهولتها، والنفس إذا اعتادت على الربح المحرم بهذه الطريقة السهلة صعب عليها تركها إلا أن يعينها الله بمدد منه وتعرف حقيقة واقعها وشؤم عاقبة معاصيها، وأن هذه الأرباح التي تحصل لها بطريق التحايل على محارم الله ليس منها إلا الغرم والإثم. المحذور الثالث: إن في هذه المعاملة السيئة معصية لله ولرسوله فقد نهى النبي ﷺ عن بيع السلع حتى تنقل. قال ابن عمر ﵄: «كان الناس يتبايعون الطعام جزافا بأعلى السوق، فنهاهم النبي ﷺ أن يبيعوه حتى ينقلوه»، رواه البخاري، وعن زيد بن ثابت ﵁ «أن النبي ﷺ نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» رواه أبو داود، فكيف ترضى لنفسك أيها المسلم أن تتعامل بمعاملة يكون فيها معصية الله ورسوله والوقوع فيما حذر الله ورسوله منه من أجل كسب لا يعود عليك بالخير والبركة، فتب إلى ربك واتق الله في نفسك

2 / 239