وإزاء هذه النصوص التي ظاهرها التعارض بين النهي والجواز في النظر في كتب أهل الكتاب، فقد ذكر العلماء أقوالًا في الترجيح والجمع بين تلك النصوص:
قال الحافظ ابن حجر في شرحه لقول النبي ﷺ: " ... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ... " أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم لأنه كان تقدم منه ﷺ الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار١.
وقال بعضهم: إن الأمر بالإباحة والجواز ليس على إطلاقه، فإن جاء ما في كتبهم موافقًا لما في شرعنا صدّقناه وجازت روايته، وما جاء مخالفًا لما في شرعنا كذّبناه وحرمت روايته إلا لبيان بطلانه، وما سكت عنه شرعنا توقفنا فيه فلا نحكم عليه بصدق ولا بكذب وتجوز روايته، وتذكر للاستشهاد لا للاعتقاد٢.
والأولى في هذه المسألة الجمع بين النصوص المتعارضة، لأن فيه العمل بالنصوص كلها، أما القول بالنسخ ففيه الأخذ ببعض النصوص وترك لبعضها، وطريقة الجمع بينها تكون بالتفصيل في المسألة على النحو الآتي:
١- حكم المقروء من كتب أهل الكتاب.