إن في واقع تاريخنا أمثلة حية لمشاركة المرأة في جميع الأعمال النافعة، حتى في مقارعة الأبطال، ومجالدة الأعداء بأدوات القتال، فغالية البقمية١ كان لشجاعتها وقيادتها الأثر العظيم في مؤازرة أنصار الدعوة حتى انهزم جيش طوسون بن محمد علي باشا في وقعة تربة سنة ١٢٢٩هـ (١٨١٣ م)، ثم تصدت مع المجاهدين لحرب جيش محمد علي حين غزا تربة؛ ليثأر لهزيمة ابنه بشجاعة نادرة. أثارت حفيظة الباشا الذي تمنى أن يقدر على إمساكها بعد انهزام جيشها وذهابها إلى الدرعية سنة ١٢٣٠هـ بعد هزيمة وقعة بسل، وقال عنها المؤرخ المصري محمود فهمي المهندس في كتاب "البحر الزاخر"٢: وتكدر محمد علي باشا كثيرا من هرب غالية ونجاتها من يده؛ لأنه في اشتياق زائد لإرسالها إلى القسطنطينية، علامة وشهرة على نصره وظفره. انتهى.
ومع شهرة تلك المجاهدة الشجاع، لم يرد لها ذكر في أهم المصادر التي بين أيدينا عن تاريخ الدعوة.
وقل مثل ذلك في سيدة شجاع انتضت السيف حتى أدركت الثأر من قاتل ابنها، ولولا ما حفظه لنا الشعر العامي والرواة المعاصرون من أمرها لكان نسيا منسيا، إنها السيدة لؤلؤة بنت عبد الرحمن آل عرفج من أمراء القصيم آل عليان من العناقر من تميم، التي قال عنها الأمير عبيد بن علي بن رشيد - يذكر السيف -:
ليا عاد ما نرويه من دم الأضداد ... ودوه يم العرفجيه ترويه
وتجد خبرها مفصلا في كتاب "بلاد القصيم"٣ للأستاذ الشيخ محمد العبودي.