232

النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

ناشر

دار الطباعة المحمدية القاهرة

ایڈیشن نمبر

الأولى ١٤٠٣ هـ

اشاعت کا سال

١٩٨٣ م

پبلشر کا مقام

مصر

اصناف

على أن صاحبة عبدة ليست صادقة الود - كما أسلفنا - فكيف يجعل بعدها دليلا على تأجج حبها؟ ! إن بعد خولة لا يعد دليلا على تأجج حبها إلا إذا كانت قد أرغمت على المهاجرة إرغامًا، أما وقد هاجرت بنفسها طائعة مختارة، وأقامت بيتًا في دار هجرتها لتقيم فيه إقامة دائمة، فإن ذلك يعد دليلا قويًا على أنها ليست صادقة في حبها، وأنها قد أنهت ما بينهما من الود. ولو أن الشاعر قال: "إن التي أرغمت على المهاجرة" لكان في هذه الصلة إيماء إلى بناء نقيض الخبر، ولكان عليه أن يقول في الخبر: "قد زاد حبها اشتعالا" - إذا ساعده الوزن، وواتته القافية، ولكن الشاعر قال: "وإن التي ضربت بيتًا مهاجرة بكوفة الجند"، فكان عليه أن يقول في الخبر: "غالت ودها غول". ولهذا فإنه كان على الدكتور محمد أبو موسى أن يقول: ويبدو أن صاحبة الشاعر لم تكن صادقة الود، ولهذا فإن ضربها بيتًا في دار هجرتها بالكوفة دليل على أن ودها قد اغتالته - حقًا - غول! ويكون ملحظ السكاكي ملحظًا ذكيًا حقًا! على أن عبارة الخطيب القزويني، لا يفهم منها ما فهمه الدكتور أبو موسى، فعبارته هي: "قال السكاكي: وربما جعل (أي الإيماء إلى وجه بناء الخبر) ذريعة إلى تحقيق الخبر، كقوله: إن التي ضربت بيتًا مهاجرة ... بكوفة الجند غالت ودها غول وربما جعل ذريعة إلى التنبه للمخاطب على خطأ، كقوله: إن الذين ترونهم إخوانكم ... يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا وفيه نظر: إذ لا يظهر بين الإيماء إلى وجه بناء الخبر وتحقيق الخبر

1 / 235