178

The Qur'an and Refutation of the Monk's Criticism

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

اصناف

من هو المصلوب؟ الْتَبَسَ على النَّصارى صَلْبُ عيسى ﵇، كما الْتَبَسَ على اليَهود.. وحَلَّ القراَنُ الإِشكالَ، وأَزالَ اللَّبْسَ، لكنَّ النَّصارى لم يُصَدِّقوا القرآن. قال الله ﷿: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨) . واعترضَ الفادي على نَفْيِ القرآن قَتْلَ عيسى ﵇ وصَلْبَه، واعتبرَه خَطَأً من أَخطاءِ القرآن، واستغربَ من إِنكارِ القرآنِ أَمْرًا مُجْمَعًا عليه بينَ اليهودِ والنصارى واليونان والرومان. ونُسجلُ اعتراضَ الفادي قبلَ أَنْ نفَنِّدَه: " لماذا ينكرُ القرآنُ صَلْبَ المسيحِ وقَتْلَه بأَيدي اليهود، مع أَنَّ اليهودَ يَعْترفون بذلك، والنصارى يُؤَكِّدونه ويَفْتَخرون به؟ والإِنجيلُ كُلّه هو خَبَرُ صَلْبِ المسيحِ والبشارةِ به، كَفادٍ للبشر؟. ويذكُرُ القرآنُ في مواضعَ أُخْرى موتَ المسيحِ وقيامتَه، وارتفاعَه إِلى السماء. كقوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)، وفيه يَقولُ المسيحُ: (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)، ويقولُ أَيضًا: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) . أَليسَ غريبًا أَنْ يَجيءَ مَنْ يُنكرُ صَلْبَ المسيحِ بعدَ حدوثِه بستمئة سنة؟! " (١) . إِنَّ حادثةَ الصَّلْبِ حقيقةٌ تاريخية، سَجَّلَها اليونانُ والرومانُ واليهودُ والمسيحيون.. وفي مجمع " نيْقية " الذي انعقدَ سنةَ (٣٢٥ م) كتبَ أَساقفةُ العالَم المسيحيِّ قانونَ الإِيمان، مُقَرّرًا صَلْبَ المسيحِ لأَجْلِ خَلاصِنا، وهو القانون

(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه: ١١٧- إنكار الصَّلب إن القرآن ينكر صلب المسيح. والتاريخ يثبته. الرد على الشبهة: إن العلّة المترتبة على صلب المسيح هى غفران خطايا من يؤمن به ربًّا مصلوبًا والغفران لكل من كان فى المدة من آدم إلى المسيح إذا قدّر أنهم لو كانوا له مشاهدين، لكانوا به مؤمنين. فهل هذه العلة صحيحة؟ بالتأكيد ليست بصحيحة. وذلك لأن آدم لما أخطأ هدته الحكمة أن يعترف بخطئه وأن يتوب. فتاب الله عليه. وإذ هو قد تاب، فأى فائدة من سريان خطيئة آدم فى بنيه؟ ففى سفر الحكمة: " والحكمة هى التى حمت الإنسان الأول أب العالم الذى خلق وحده لما سقط فى الخطيئة؛ رفعته من سقوطه، ومنحته سلطة على كل شىء" [حك ١٠: ١ - ٢] . وفى التوراة: أن نجاة المرء من غضب الله يكون بالعمل الصالح حسبما أمر الله. ومن لا يعمل بما أمر الله؛ فإنه لا يكون له نجاة. ففى سفر الحكمة عن نوح ﵇ وولده: " وعندما غاصت الأمم فى شرورها؛ تعرفت الحكمة برجل صالح، وحفظته من كل عيب فى نظر الله، وجعلته قويًّا يفضل العمل بأمر الله على الاستجابة إلى عاطفته تُجاه ولده " [حكمة ١٠: ٥] . انظر إلى قوله " تجاه ولده " أى ولده الذى غرق لعدم إيمانه وعمله. وهذا النص من سفر الحكمة عن " ولده " ليس له نظير فى قصة نوح الموجودة فى التوراة العبرانية. ويقول المسيح عيسى ﵇: " كل كلمة فارغة يقولها الناس؛ يُحاسبون عليها يوم الدين. لأنك بكلامك تُبرّر، وبكلامك تُدان " [متى ١٢: ٣٦ - ٣٧] . وفى التوراة: " لا يُقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيئته يُقتل " [تث ٢٤: ١٦] . وفى الأناجيل أن المسيح بعد حادثة القتل والصلب؛ ظهر أربعين يومًا للحواريين، وتكلم عن ملكوت الله معهم. وهو ملكوت محمد رسول الله ﷺ ففى بدء سفر أعمال الرسل: " الذين أراهم أيضًا نفسه حيًّا ببراهين كثيرة بعدما تألم، وهو يظهر لهم أربعين يومًا، ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله " [أع ١: ٣] وظهوره وكلامه عن الملكوت؛ يدلان على استمراره فى الدعوة. اهـ (شبهات المشككين) .

1 / 184