The Pure Rhetoric in Meanings, Clarity, and Elocution
البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع
ناشر
المكتبة الأزهرية للتراث القاهرة
ایڈیشن نمبر
سنة ٢٠٠٦ م
پبلشر کا مقام
مصر
اصناف
وإلى جانب كلام الله تعالى، وحديث الرسول ﷺ وخطب الخلفاء الراشدين وملاحظاتهم فإن أمورًا أخرى جدت بالإسلام دعت إلى الاهتمام بصياغة القول ونظم التراكيب وتصوير المعاني صورًا رائعة جذابة، كالصراع بين الأنصار والمهاجرين على الخلافة، والخلاف الذي نشب بين علي ومعاوية ﵄.
فلما كان عصر بني أمية كثرت الملاحظات البلاغية، لازدهار الخطابة وتنوعها في هذا العصر، ولأن العرب كانوا قد تحضروا، واستقروا في المدن والأمصار وقامت الأسواق الأدبية على غرار سوق عكاظ في الجاهلية.
وقد كانت تلك الملاحظات البلاغية أساسًا للدراسات البلاغية، التي بدأ تدوينها في العصر العباسي وقد كان أول علم يصنف فيه من علوم البلاغة الثلاثة: "المعاني، والبيان، والبديع"، هو علم البيان، فقد صنف أبو عبيدة معمر بن المثنى المتوفي سنة ٢٠٦ هـ كتابه "مجاز القرآن" بعد سؤال وجه إليه في مجلس الفضل ابن الربيع والي البصرة للمأمون بن هارون الرشيد عن معنى قول الله تعالى - في شجرة الزقوم: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥] وكيف شبه الطلق برءوس الشياطين وهي لم تعرف بعد، وينبغي التشبيه بشيء معروف، حتى يتبين المشبه ويتضح فأجاب أبو عبيدة، بأنه على حد قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فالمشبه به هنا - أيضًا - غير معروف، والقصد من هذا التشبيه هو تصوير المشبه بصورة مخيفة.
ورجع أبو عبيدة من فوره، فتقصى ما ورد في القرآن الكريم من ألفاظ قصد بها غير معانيها الموضوعة لها في اللغة، وضمنها كتابه "مجاز القرآن" وتابعه العلماء من بعده يكتبون في صور التشبيه والاستعارة، والكناية.
أما علم المعاني فإننا نجد لمسائله أثرًا في كتاب سيبويه المتوفي سنة ١٨٠ هـ وفي "البيان والتبيين" للجاحظ المتوفي سنة ٢٥٥ هـ، وفي "الصناعتين" لأبي هلال العسكري المتوفي سنة ٣٩٥ هـ. ولكن يأتي عبد القاهر الجرجاني المتوفي سنة ٤٧١ هـ بعقليته النادرة، وبصيرته الواعية وأسلوبه الرشيق، فيتحف البلاغة العربية بكتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة"، ويضمنها نظريتيه في علمي: المعاني، والبيان.
1 / 7