The Prophetic Guidance in Raising Children in Light of the Quran and Sunnah
الهدي النبوي في تربية الأولاد في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مطبعة سفير
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
المبحث الثالث: العقيقة واختيار الاسم الحسن حقٌّ للأولاد على الآباء
أولًا: مفهوم العقيقة: لغة واصطلاحًا:
العقيقة لغة: مشتقة من العقِّ، وهو القطع؛ وأصل العق: الشق والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة؛ لأنها يُشقُّ حلقها، ويقال للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه: عقيقة؛ لأنه يُحلق، وقد جعل الزمخشري الشعر أصلًا، والشاة المذبوحة مشتقة منه (١).
والعقيقة شرعًا: الشاة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته عند حلق شعره (٢)، وهي من حقوق الولد على والده.
وقال الإمام ابن قدامة ﵀: «العقيقة: الذبيحة التي تذبح عن المولود، وقيل: هي الطعام الذي يصنع ويُدعى إليه من أجل المولود» (٣).
ثانيًا: حكم العقيقة عن المولود: الذكر والأنثى:
العقيقة سنة مؤكدة، سنَّها رسول الله ﷺ (٤)؛ للأحاديث الآتية:
_________
(١) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (٣/ ٢٧٦).
(٢) المرجع السابق (٣/ ٢٧٦)، ومعجم لغة الفقهاء، للروَّاس، (ص ٢٨٨)، والقاموس الفقهي لغة واصطلاحًا لسعدي أبو جيب (ص ٢٥٨).
(٣) المغني لابن قدامة (١٣/ ٣٩٢)، وقال: «قال أبو عُبيد: الأصل في العقيقة الشعر الذي على المولود، وجمعها: عقائق ... ثم إن العرب سمَّت الذبيحة عند حلق شعره: عقيقة على عادتهم في تسمية الشيء باسم سببه، أو مجاوره، ثم اشتهر ذلك حتى صار من الأسماء العرفية، وصارت العقيقة مغمورة فيه، فلا يفهم من العقيقة عند الإطلاق إلا الذبيحة، وقال ابن عبد البر: أنكر أحمد هذا التفسير، وقال: إنما العقيقة: الذبح نفسه ...».
(٤) اختلف العلماء في حكم العقيقة على أقوال:
القول الأول: العقيقة سنة مؤكدة، قال الإمام ابن قدامة ﵀ في المغني (١٣/ ٣٩٣): «والعقيقة سنة في قول عامة أهل العلم، منهم ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وفقهاء التابعين، وأئمة الأمصار».
القول الثاني: العقيقة ليست سنة، وهي من أمر الجاهلية، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. [المغني لابن قدامة، ١٣/ ٣٩٣].
القول الثالث: العقيقة واجبة، وبه قال الحسن، وداود، وروي عن بريدة، واستدلوا بحديث سمرة: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه»؛ ولأحاديث الأمر بالعقيقة، وقالوا: ظاهر الأمر الوجوب. [المغني لابن قدامة، ١٣/ ٣٩٤].
ثم رد ابن قدامة على من قال: بأن العقيقة واجبة، وعلى أبي حنيفة وأصحابه الذين قالوا: إن العقيقة من أمر الجاهلية، فقال ﵀: «ولنا على استحبابها هذه الأحاديث: وعن أم كُرْزٍ الكعبية، قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «عن الغلام شاتان، مكافئتان، وعن الجارية شاة»، وفي لفظ: «عن الغلام شاتان مثلان، وعن الجارية شاة» [رواه أبو داود، برقم ٢٨٣٤]، وفي رواية قال: «العقيقة عن الغلام شاتان».
والإجماع، قال أبو الزناد: العقيقة من أمر الناس، كانوا يكرهون تركه، وقال أحمد: العقيقة سنة عن رسول الله ﷺ، وقد عقَّ عن الحسن والحسين، وفعله أصحابه، وقال النبي ﷺ: «الغلام مرتهن بعقيقته»، وهو إسناد جيد، يرويه أبو هريرة عن النبي ﷺ.
وجعلها أبو حنيفة من أمر الجاهلية؛ وذلك لقلة علمه ومعرفته بالأخبار.
وأما بيان كونها غير واجبة، فدليله ما احتج به أصحاب الرأي من الخبر». [قلت: وهو قولهم] «روي عن النبي ﷺ أنه سئل عن العقيقة فقال: «إن الله تعالى لا يحب العقوق» [أحمد،٢/ ١٨٢]، فكأنه كره الاسم، وقال: «من ولد له مولود فأحب أن ينسك عنه فليفعل» رواه مالك في موطئه»، ثم قال ابن قدامة عن قول أصحاب الرأي: «وما رووه محمول على الاستحباب جمعًا بين الأخبار؛ ولأنها ذبيحة لسرورٍ حادثٍ، فلم تكن واجبة، كالوليمة، والنقيعة [طعام القادم من السفر] [المغني لابن قدامة، ١٣/ ٣٩٤ - ٣٩٥].
وقال شيخنا ابن باز في مجموع فتاويه (١٨/ ٤٨): «العقيقة سنة مؤكدة، وليست بواجبة». وانظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (١١/ ٤٣٩).
1 / 55