The Problem of Ideas in the Muslim World
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
ناشر
دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر
ایڈیشن نمبر
١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١
پبلشر کا مقام
دمشق سورية
اصناف
تتصرف برصيدها الروحي. هنا تصبح المشكلة أشد تعقيدًا لأن علينا أن نتخلص من تلك الديون التي أفلس بها مخزون المجتمع الروحي ومخزونه التِقَنِيُّ حيال وسائله، وهذه هي مرحلة مجتمعنا الإسلامي.
فإرادة الفرد تنبع دائمًا من الإطار العام للمجتمع الذي هو جزء منه، وكلما كان المجتمع متماسكًا وللأفكار فيه دور وظيفي انتظمت إرادة الفرد في اطِّرادها وتنافست الجهود في مسيرتها المتناغمة. وهكذا فإن المجتمع وقدرته «تُضيفان صفة الموضوعية على وظيفة الحضارة».
فالطاقة الحيوية في غرائز الفرد شَرودٌ لا تندمج بطبيعتها في مسيرة الجماعة.
وهي من ناحية أخرى لابد لها من اندماج اجتماعي تجد فيه خِصْبَ إشباعها. فالعمل الجماعي والغريزة المطلقة متناقضان، لكننا لا نستطيع أن نلغي الطاقة الحيوية من ناحية ولا المجتمع من ناحية أخرى «فعندما نلغي الطاقة الحيوية فإننا نهدم المجتمع، وعندما نحررها تحريرًا كاملًا فإنها تهدم المجتمع. لذلك يتوجب على الطاقة الحيوية أن تعمل بالضرورة ضمن هذين الحدين».
فوظيفة الحضارة هي العمل ضمن هذين الحدين اللذيْن فيهما تَتَكَيَّفُ الطاقة الحيوية لتتأهب للانطلاق في دورة التاريخ.
هنا إذن ندخل في عالم الأفكار الذي يَرْبِطُ على الغريزة، لِتُرابِطَ الطاقة الحيوية في خدمة المجتمع والتاريخ.
فهناك أفكار رائدة تحتضن نشاط المجتمع، وهي في مرحلة انبثاق مخزونه الأخلاقي الذي توظفه الفكرة الدينيّة الملهمة. وهناك أفكار عملية توجه النشاط، وهي في ساعة الاندفاع وسائله التقنية المتاحة له في وسطه «فعلى عتبة حضارة ما، ليس هو عالم الأشياء الذي يتبدل، بل بصورة أساسية عالم الأشخاص» وشبكة العلاقات الجديدة هي التي تضع للطاقة الحيوية الغرِيزية حدود نشاطها.
1 / 9