The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

Muhammad ibn Abd Allah al-Maqshī d. Unknown
75

The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين

اصناف

أقول: فيه كلام من وجوه: (الأول): أنه يعتقد كثير من العوام وبعض الخواص في أهل القبور وفي المعروفين بالصلاح من الأحياء أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله ﷻ، ويفعلون ما لا يفعله إلا الله ﷿، حتى نطقت ألسنتهم بما انطوت عليه قلوبهم، فصاروا يدعونهم تارة مع الله، وتارة استقلالًا ... و(الثاني): أنّ مجرد عدم اعتقاد التأثير والخلق، والإيجاد والإعدام، والنفع والضر إلا لله لا يبرئ من الشرك، فإن المشركين الذين بَعث اللهً الرسل إليهم أيضًا كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق، بل لابد فيه من إخلاص توحيده وإفراده، وإخلاص التوحيد لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله لله، والنداء والاستغاثة والرجاء واستجلاب الخير واستدفاع الشر له ومنه لا بغيره ولا من غيره ... و(الثالث): أن مجرد كون الأحياء والأموات شركاء في أنهم لا يخلقون شيئًا وليس لهم تأثير في شيء لا يقتضي أن يكون الأحياء والأموات متساوين في جميع الأحكام حتى يلزم من جواز التوسل بالأحياء جواز التوسل بالأموات، وكيف وليس معنى التوسل بالأحياء إلا التوسل بدعائهم وهو ثابت بالأحاديث الصحيحة، وأما التوسل بدعاء الأموات فلم يثبت بحديث صحيح ولا حسن. قوله: وأما الذين يفرقون بين الأحياء والأموات، فإنهم بذلك الفرق يتوهم منهم أنهم يعتقدون التأثير للأحياء دون الأموات، ونحن نقول: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. فهؤلاء المجوّزون التوسل بالأحياء دون الأموات أو المعتقدون تأثير غير الله هم الذين دخل الشرك في توحيدهم؛ لكونهم اعتقدوا تأثير الأحياء دون الأموات. أقول: هذا كلام تقشعر منه الجلود، أما يعلم هذا القائل الصنديد، والمتفوه العنيد، أنّ الفارقين بين الأحياء والأموات هم الذين يمنعون مما هو دون اعتقاد تأثير الله بمراحل ويصرحون بكونه شركًا؟! فكيف يتوهم منهم أنهم يعتقدون تأثير غير الله؟! سبحانك هذا بهتان عظيم. على أن مناط الفرق بين الأحياء والأموات ليس اعتقاد التأثير للأحياء دون الأموات كما زعم هذا المتقوّل على الموحدين، إنما مناطه ثبوت التوسل بالأحياء بالأحاديث الصحيحة دون الأموات. قوله: فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد، وليس لها في قلوب المؤمنين معنى إلا التبرك بذكر أحباء الله تعالى، لما ثبت أن الله يرحم العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتًا. أقول: هذا الحصر غير مسلم، ... (^١). قوله: فالمؤثر والموجد حقيقة هو الله تعالى، وذِكْرُ هؤلاء الأخيار سبب عادي في ذلك التأثير، وذلك مثل الكسب العادي فإنه لا تأثير له. أقول: كون ذكر هؤلاء الأخيار سببًا عاديًا في ذلك التأثير من أين عُلم؟ وأي دليل عليه؟ ولو سُلِّم فالسببية لا تستلزم المشروعية، ألا ترى أنّ كثيرًا من العقود الفاسدة سبب لتحصيل المنافع وليست بمشروعة.

(^١) قال محمد رشيد رضا في تعليقه على كتاب صيانة الإنسان: "والرد هنا قاصر، ومما كان ينبغي أن يقوله المصنف في ردّه: إن الألفاظ الثلاثة ليست بمعنى واحد، وإن الذين ليس لها في قلوبهم معنى إلا التبرك لا يشدون الرحال إلى القبور لأجل ذكر موتاها، وإنّ ذكرها في الدعاء تبركًا من التعبد الذي لا يعلم إلا بالنص من الشارع وهو غير موجود، وإنّ كونها سببًا للرحمة مضاد لكونها لا تأثير لها. وهو قد جمع بين الضدين في الجملة الآتية، ويسمي ذكرهم سببًا عاديًا للتأثير الإلهي، والمعروف عن جماعة القبوريين أنهم يعدونه من خوارق العادات لا من الأسباب العادية. وكتبه محمد رشيد رضا.

1 / 75