The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds
المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين
اصناف
وإنما كانت عبادتهم إيَّاهم أنهم يدعونهم ويتخذونهم وسائطَ ووسائلَ وشُفعاءَ لهم، فمن سلكَ هذا السبيلَ فهو مشرك بحسب ما فيه من الشرك.
وهذا الشركُ إذا قامت على الإنسان الحجةُ فيه ولم يَنتهِ، وَجَبَ قتلُه كقتلِ أمثالِه من المشركين، ولم يُدفَنْ في مقابرِ المسلمين، ولم يُصَلَّ عليه.
وإمَّا إذا كان جاهلًا لم يَبلُغْه العلمُ، ولم يَعرِف حقيقةَ الشرك الذي قاتلَ عليه النبي ﷺ المشركين، فإنه لا يُحكَم بكُفْرِه، ولا سِيَّما وقد كَثُر هذا الشركُ في المنتسبين إلى الإسلام.
ومن اعتقدَ مثلَ هذا قُربةً وطاعةً فإنه ضَالٌّ باتفاقِ المسلمين، وهو بعد قيامِ الحجة كافر.
والواجبُ على المسلمين عمومًا وعلى وُلاةِ الأمور خصوصًا النهيُ عن هذه الأمور، والزَّجْرُ عنها بكلِّ طريق، وعقوبةُ مَن لم ينتهِ عن ذلك العقوبةَ الشرعيةَ، والله أعلم" (^١).
وقال أيضًا: "وأما قول القائل: إذا عثر يا جاه محمد، يا للست نفيسة، أو يا سيدي الشيخ فلان أو نحو ذلك مما فيه استغاثته وسؤاله، فهو من المحرمات، وهو من جنس الشرك، فإن الميت سواء كان نبيًا أو غير نبي لا يدعى ولا يسأل ولا يستغاث به لا عند قبره ولا مع البعد من قبره، بل هذا من جنس دين النصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله"" (^٢).
وقال أيضًا: "والأعمى كان قد طلب من النبي ﷺ أن يدعو له كما طلب الصحابة منه الاستسقاء.
وقوله: «أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة»، أي بدعائه وشفاعته لي، ولهذا تمام الحديث: «اللهم فشفعه فيَّ»، فالذي في الحديث متفق على جوازه، وليس هو مما نحن فيه" (^٣).
وقال أيضًا: "وكذلك حديث الأعمى فإنه طلب من النبي ﷺ أن يدعو له ليردّ الله عليه بصره، فعلمه النبي ﷺ دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه، فهذا يدل على أن النبي ﷺ شفع فيه، وأمره أن يسأل الله قبول شفاعته، وأن قوله: «أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة» أي بدعائه وشفاعته كما قال عمر: «كنا نتوسل إليك بنبينا» فلفظ التوجه والتوسل في الحديثين بمعنى واحد، ثم قال: «يا محمد يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها، اللهم فشفّعه فيّ» فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه.
_________
(^١) المصدر السابق (٣/ ١٥٠ - ١٥١).
(^٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٤٥).
(^٣) التوسل والوسيلة (١/ ٣٠٠).
1 / 22