The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

Muhammad ibn Abd Allah al-Maqshī d. Unknown
118

The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين

اصناف

وقال أيضًا: "اعلم أنه يجب على كل إنسان أن يميز بين حقوق الله تعالى التي هي من خصائص ربوبيته، التي لا يجوز صرفها لغيره، وبين حقوق خلقه كحق النبي ﷺ، ليضع كل شيء في موضعه، على ضوء ما جاء به النبي ﷺ في هذا القرآن العظيم والسنة الصحيحة. وإذا عرفت ذلك فاعلم أن من الحقوق الخاصة بالله التي هي من خصائص ربوبيته التجاء عبده إليه إذا دهمته الكروب التي لا يقدر على كشفها إلا الله. فالتجاء المضطر الذي أحاطت به الكروب ودهمته الدواهي لا يجوز إلا لله وحده، لأنه من خصائص الربوبية، فصرْفُ ذلك الحق لله وإخلاصه له هو عين طاعة الله ومرضاته، وطاعة رسوله ﷺ ومرضاته، وهو عين التوقير والتعظيم للنبي ﷺ؛ لأن أعظم أنواع توقيره وتعظيمه هو اتباعه والاقتداء به في إخلاص التوحيد والعبادة له وحده جل وعلا. وقد بين جل وعلا في آيات كثيرة من كتابه أن التجاء المضطر من عباده إليه وحده في أوقات الشدة والكرب من خصائص ربوبيته تعالى من أصرح ذلك الآيات التي في سورة النمل أعني قوله تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ إلى قوله: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ... ثم قال تعالى وهو محل الشاهد: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. فهذه المذكورات التي هي إجابة المضطر إذا دعاه، وكشف السوء، وجعل الناس خلفاء في الأرض من خصائص ربوبيته جل وعلا، ولذا قال بعدها: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾. فتأمل قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ مع قوله: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ تعلم أن إجابة المضطرين إذا التجؤوا ودعوا، وكشف السوء عن المكروبين، لا فرق - في كونه من خصائص الربوبية- بينه وبين خلق السماوات والأرض، وإنزال الماء وإنبات النبات، ونصب الجبال وإجراء الأنهار، لأنه جل وعلا ذكر الجميع بنسق واحد في سياق واحد، وأتبع جميعه بقوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾. فمن صرف شيئا من ذلك لغير الله توجه إليه الإنكار السماوي الذي هو في ضمن قوله: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ فلا فرق البتة بين تلك المذكورات في كونها كلها من خصائص الربوبية" (^١).

(^١) المصدر السابق (٧/ ٤٠٤ - ٤٠٥).

1 / 118