The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds
المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين
اصناف
• وقال العلامة المحدث ذهبيُّ العصر عبد الرحمن المعلمي (المتوفى: ١٣٨٦): "ومن الأعمال التي عدّها القرآن شركًا دعاء غير الله ﷿" (^١).
وقال أيضًا: "قال الله ﵎: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾، فكلمة "إنّ" في مثل هذا تفيد التعليل على ما صرّحبه أهل الأصول وغيرهم، وذلك يقتض أن الدعاء عبادة، كأنه قال: ادعوني، فإن الدعاء عبادة، ومن استكبر عن عبادتي سيدخل جهنم.
وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وغيرهم عن النعمان بن بشير أن رسول الله ﷺ قال: «إن الدعاء هو العبادة» ثم قرأ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ ...
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَاّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَاّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا﴾ فجعل الدعاء شركًا، والشرك عبادة غير الله ﷿" (^٢).
وقال أيضًا: "لقائل أن يقول: قد علمنا أنّ السؤال من الله تعالى والرغبة إليه يسمى دعاء وأنه عبادة، وأنّ القرآن قد أثبت أنّ المشركين يدعون آلهتهم من دون الله، وثبت أنّ دعاءهم آلهتهم هو السؤال منها والرغبة إليها، وإن ذلك عبادة لها وشرك بالله ﷿، ولكن ما هو السؤال الذي إذا وقع لغير الله كان دعاء وعبادة للمسؤول وشركًا بالله تعالى؟
فالجواب: أمر الله ﷿ عباده أن يدعوه في صلاتهم قائلين ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، ولا نزاع أن المعنى: نعبدك وحدك لا نعبد غيرك، ونستعينك وحدك لا نستعين غيرك، والاستعانة هنا عامة ... «وإذا استعنت فاستعن بالله» ...
وقد نظرت في وجوه السؤال فوجدته على أقسام:
القسم الأول: ما هو من باب سؤال الإنسان حقًا له عند المسؤول، كأن يكون لك دين عند إنسان فتطلبه منه.
الثاني: ما جرت به العادة بالتسامح به على نية المكافأة، كقول التلميذ لزميله ناولني الكتاب.
الثالث: سؤال الإنسان ما ليس بحق له، ولا جرت العادة بالتسامح به على نية المكافأة، وذلك كقول من يجد الكفاف من العيش لغني لا حق له عليه: أعطني دينارا.
ومن هذا القسم سؤال الإنسان من ربه تعالى، لأنه لا حق له على ربه تعالى.
(^١) العبادة للمعلمي (ص: ٣٨١) دار العاصمة، ١٤٣٢ هـ. (^٢) المصدر السابق (ص: ٣٩٢ - ٣٩٣).
1 / 109