The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
ناشر
دار الكلمة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
اصناف
(العلمانية: نشأتها وتطورها وآثارها في الحياة الإسلامية) ثم ثنيت بهذه الرسالة لنيل درجة "التخصص العليا" فكانت الأولى تعالج فصل الدين عن الحياة، والأخرى تعالج فصل الإيمان عن العمل، كلتاهما على ضوء هذه العقيدة، ومن هنا كانتا تعبران عن قضية واحدة وإن تباعد موضوعاهما ظاهرًا.
وقد كانت الأولى بلا ريب طريقًا للأخرى؛ فمن خلال الدراسة لأسباب العلمانية الطاغية على الحياة الإسلامية المعاصرة رأيت رأي العين أن سبب كل انحراف وذل وهزيمة وفرقة في حياتنا، لا يزيد عن شيء واحد هو البعد عن منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والسلوك وسبيل الإصلاح.
وانطلاقًا من ذلك كان منهجي في هذه الرسالة يقوم على ثلاثة أسس:
* الأول: دراسة " الإرجاء " على أنه " ظاهرة فكرية " لا " فرقة تاريخية ".
والفرق بين هذين كبير جدًا في طبيعة البحث وفي آثاره ونتائجه؛ فحين نبحث الإرجاء على أنه فرقة من الفرق التي طواها التاريخ فمن أهم ما يفوتنا هو معرفة حقيقة واقعنا المعاصر الذي يسيطر عليه الفكر الإرجائي، وحينئذ لا يزيد البحث عن كونه عملًا " أكاديميًا " يضاف إلى مجموعة المؤلفات التي تتحدث عن تاريخ الفرق وآرائها.
أما حين نبحثه على أنه ظاهرة فكرية نشأت ثم تطورت إلى واقع ضخم يواجه كل دعوة تجديدية، ونفسر بها كثيرًا من أسباب التخاذل والتردي الذي تعاني منه الأمة عامة والدعوة خاصة، فإن النتائج الإيجابية لذلك ستنهال علينا من كل جانب، وحسبنا إن لم نعط القضية حقها أن نثيرها ونبعثها ونخطو في سبيلها ما استطعنا ثم الله يهيئ لها ما يشاء.
ومن هنا انصب الاهتمام على " ركن العمل " وضرورته للإيمان والدعوة وكيف تخلت الأمة عنه مكتفية من الإيمان بالاسم والإقرار.
وهنا لا بد من بيان حقيقة مهمة كان لها أثرها البالغ في منهج البحث: وهي أن الإرجاء لم يكن - في الأصل - دعوة واعية مقصودة لترك العمل والتفلت من الطاعات، وإنما كان تفسيرًا ضالًا لحقيقة الإيمان أنتجته أسباب تاريخية شرحناها في موضعها.
ولكن الأمة وهي تتراخى عن العمل بالتدريج وتنفلت من الواجبات وتنحدر عن قمة الامتثال رويدًا رويدًا فكانت تجد في الإرجاء تفسيرًا مريحًا يبرر لها تراخيها وتفريطها - وهذه حقيقة نفسية معروفة - فكل ما انحسر عنه العمل واقعيًا ستره ثوب الإرجاء الواسع نظريًا.
1 / 10