بلوزينه وخبزة (^١). فلما انصرف من الصلاة دفعه إليهم، فخرجوا به يسوقونه فمر بقوم جلوس تحت حائط فقال: يا هؤلاء قوموا فإن هذا الحائط واقع عليكم.
فقالوا: ما رأينا مثل هذا يساق إلى الموت ويحذر الحائط. فلم يكن إلا قليلًا حتى سقط الحائط.
ومر على بناء يبنى حائطًا فقال: ويحك عوجت حائطك!
وكان أبواه وامرأته يمشيان على أثره، فنادته امرأته: يا هدبة يا هدبة! فالتفت، فقطعت قرنًا من قرون شعرها، ثم نادته ثانية فالتفت فقطعت قرنًا.
فناشدوه الله أن لا يلتفت إليها. ثم التفت إلى أبويه وهما يبكيان فقال:
أبلياني اليوم صبرًا منكما … إن حزنًا منكما عاجلُ ضرّ (^٢)
لا أرى ذا الموت إلا هينًا … أنَّ بعد الموت دارَ المستقرّ
اصبرا اليومَ فإني صابرٌ … كلُّ حيٍّ لفناءٍ وقدر
ثم قال لامرأته:
أقلّى علىّ اللّوم يا أمَّ بوزعا … ولا تجزعي مما أصابَ فأوجعا
وعيشى حبيسا أو تفتَّىْ بماجدٍ … إذا القومُ هشوا للسماح تبرعا
ولا تنكحي إن فرق الدهرُ بيننا … أغمَّ القفا والوجه ليس بأنزعا
كليلا سوى ما كان من حدِّ ضرسهِ … على الزاد مبطانَ الضُّحى غير أروَعا
فلما قدم ليقتل قال: