The Music of Remembrance
العزف على أنوار الذكر
اصناف
فهذا مما تنخلع له القلوب، ولا تكاد النفوس تقر وتأمن، فتأتي الآيات في سورة (القمر) وقد ألقت مبانيها الهول والفزع والعنف في القلوب المنكرة المكذبة بالنذر وما جاءت به، وقررت أنّه لم يبق ما يمكن لهم أن ينتفعوا به (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ومن ثمَّ كان البلاغ الرهيب: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) (القمر:٦-٨)
فقد حمّ الأمر.
وتصورالسورة نماذج مما حل بمن سبقهم ممن كذبوا بالرسل (ي: ٩-٤٢) حكى لهم ما كان من قوم نوح ﵇ ومن قوم هود ﵇،ومن قوم صالح ﵇،ومن لوط ﵇ ومن فرعون وقومه وما كان لهؤلاء جميعًا من الهلاك والبوار.
ثُمّ يلقى في وجوههم هذا السؤال المرعب: ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾ (القمر:٤٣) ويأتي القرار ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر:٥١) بنيت الكلمات من أصوات: حروفا وحركات تقرع الآذان بصوت الرعب والهلع، وتملأ القلوب بالرهبة والوجل،وجاءت الكلمات في صيغ يندر استخدامها أو يقل في البيان القرآن ليتناغى صوتها مع ما تسوقه السورة إلى القلويب، ولتتآخى ندرتها مع فظاعة الموقف من المكذبين بالنذر.
وقد ظهر في السورة حذف بعض حروف مباني الكلمات لغير ما وجه إعرابي أو صرفي من نحو (تغن) (يدع) (الداع) ليتناغى ما يحدثه حذف الحرف من إسراع في النغم مع ما يكون من إسراع في دعوة الداعي،ويتآخى مع الإشارة إلى انتفاء الإغناء في (فما تغن النذر)
1 / 262