The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
اصناف
٣ - وينقل ابنُ الهمام عن الإمام الغزالي قولَه: «إذا اجتمع عدد من الموصوفين بهذه الصفات فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق، والمخالف للأكثر باغ يجب رده إلى الانقياد إلى الحق». ثم يقول: «وكلام غيره من أهل السُّنَّة مقتضاه اعتبار السبق فقط، فإذا بايع الأقل ذا أهلية أولًا، ثم بايع الأكثرُ غيرَه فالثاني يجب رده، والإمام هو الأول. ويمكن تأويل كلام الحجة الغزالي على ما يوافق غيره من أهل السُّنَّة بأنَّ مراده من اجتماع العدد، اجتماعهم في الوجود لا في عقد الولاية لكل منهم، ويكون قوله: فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق جريًا على ما هو العادة الغالبة فلا مفهوم له وبالله التوفيق» (١).
ويمكن تفسير قول الغزالي - أيضًا- بأن مراده أن الإمام يكون من أراد أن يَعقد له الأكثر، لا من عقد له الأكثر، وهو بهذا يستدل بمنهج عمر في الستة أصحاب الشورى عندما قال: «فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلًا وأبى واحد، فاشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلًا منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما» (٢).
٤ - فإن تنازعاها يقرع بينهما عند الحنابلة (٣) وفي قول عند الشافعية (٤)، واحتجوا بقول سعد؛ ولفظ الحديث ما رواه أبو حفص العكبري بإسناده عن ابن شبرمة: «أن الناس تشاحوا في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد»، وبإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» (٥).
٥ - وقال أبو هاشم من المعتزلة: «فإذا كان في الزمان جماعة يتساوون في الفضل، وجب الإجماع على المشاورة في تقديم أحدهم، وإن لم يكن ما يوجب التقديم فالاختيار إليهم، ولهم أن يعقدوا للواحد منهم» (٦).
(١) قواعد العقائد للغزالي: ص ٢٣٠. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص ٣٤٥. وهو الرأي الذي يتبناه الدكتور الخالدي في معالم الخلافة: ص ٢٩١.
(٢) شرح المواقف للجرجاني: ٨/ ٣٦٥. وقد سبق ذكر كلام عمر ﵁ في هذه الأطروحة: ص (٨٦).
(٣) الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص ٢٥. الإنصاف للمرداوي: ١٠/ ٣١٠ كتاب الديات، باب قتال أهل البغي. السياسة الشرعية لابن تيمية: ٤١ - ٤٢. كشاف القناع للبهوتي: ٦/ ١٥٩. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ٦/ ٢٧٦.
(٤) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٣١ - ١٣٢. مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ٤١ - ٤٢. الأحكام السلطانية للماوردي: ص ٨. روضة الطالبين للنووي: ١٠/ ٤٦ كتاب الإمامة وقتال البغاة. أسنى المطالب للأنصاري: ٤/ ١١٠.
(٥) واقعة سعد ذكرها البخاري تعليقًا إذ جعلها عنوانًا لباب الاستهام الآتي ذكره، فقال: «باب الاستهام في الأذان ويذكر أن أقوامًا اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد». وحديث الاستهام على النداء والصف الأول رواه البخاري في صحيحه: ٢/ ٩٥٥ كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، رقم (٢٥٤٣) عن أبي هريرة.
(٦) الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص ٢٠٣.
1 / 205