The Linguistic Interpretation of the Holy Quran
التفسير اللغوي للقرآن الكريم
ناشر
دار ابن الجوزي
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٢هـ
اصناف
الذي نزلَ بلغتِهم على ما يفهمونَه منها، فإنْ أشكلَ عليهم منه شيءٌ سألوا رسولَ اللهِ ﷺ، وهذا ظاهرٌ من هذا الحديثِ؛ لأنَّهم جعلوا معنى الظُّلمِ عامًا على ما يعرفونه من لغتِهم، فأرشدَهم النَّبيُ ﷺ إلى المعنى المرادِ به في الآيةِ، ونبَّهَهم إلى أن المعنى اللُّغويَّ الذي فسَّروا به الآيةَ غيرُ مرادٍ، ولم ينهَهم ﷺ عنْ أنْ يفسِّروا القرآنَ بلغتِهم، ولو كان هذا المَسْلَكُ خَطأً لنَّبهَهُم عليه، والله أعلم.
٢ - ما وقَعَ بينَ الصَّحابةِ ﵃ منْ خِلافٍ مُحَقَّقٍ في تفسيرِ بعضِ الألفاظِ القرآنيَّة التي لها أكثرُ من دَلاَلَةٍ لغويَّةٍ، فحملَها بعضُهُم على معنى، وحمَلَهَا الآخرُون على معنىً آخرَ.
وهذا يَدُلُّ على أنَّهم لم يتلقوا من النَّبيِّ ﷺ بيانًا نبويًّا في هذه اللَّفظةِ، ولو كان عند أحدٍ منه بيانٌ لما وَقَعَ مثلُ هذا الاختلافِ.
ومنْ أشهرِ الأمثلةِ التي يمكن أن يُمثَّلَ بها: اختلافُهم في لفظِ: «القُرْءِ» في قولِه تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، فقد وَرَدَ في معنى القُرْءِ قولانِ، كلاهما مُعْتَمِدٌ على اللُّغةِ، وهما:
الأول: الحَيضُ، وبه قال عمرُ بن الخطَّابِ (ت:٢٣)، وأُبَيُّ بنُ كعبٍ (ت:٣٠)، وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ (ت:٣٥)، وعليُّ بن أبي طالبٍ (ت:٤٠)، وأبو موسى الأشعريِّ (ت:٤٣)، وابنُ عبَّاسٍ (ت:٦٨) ﵃.
الثاني: الطُّهرُ، وبه قالَ زيدُ بن ثابتٍ (ت:٥٥)، وعائشةُ (ت:٥٨)، ومعاويةُ بنُ أبي سفيان (ت:٦٠)، وعبدُ اللهِ بنُ عمرَ (ت:٧٤) (١).
ولو كان عند هؤلاء الصَّحابةِ الكرامِ ﵃ خبرٌ عن الرَّسولِ ﷺ في تفسيرِ هذه اللَّفظةِ لنقلُوه، ولمَّا لم يكنْ عندَهُم، اجتهدوا في بيانِ المرادِ معتمدينَ في ذلك على لغتِهم.
ولقدِ استمرَّ الاجتهادُ في التَّفسيرِ في جيلِ التَّابعين وأتباعِهم، حيثُ اعتمدَ كُلُّ هؤلاءِ على اللُّغةِ في بيانِ التَّفسيرِ.
(١) انظر أقوالهم في تفسير الطبري، تحقيق: محمود شاكر (٤:٥٠٠ - ٥١٠).
1 / 66