The Light of Sincerity and the Darkness of Worldly Intentions in the Light of the Quran and the Sunnah
نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
مطبعة سفير
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
٩
رسائل سعيد بن علي بن وهف القحطاني
نور الإخلاص
وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة
في ضوء الكتاب والسُّنَّة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
نامعلوم صفحہ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في «نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة» بيّنت فيها: مفهوم الإخلاص وأهميته، ومكانة النية الصالحة، وذكرت خطر إرادة الدنيا بالعمل الصالح، وأنواع العمل للدنيا، وخطر الرياء، وأنواعه، وأقسامه، وأثره على العمل، وأسبابه ودوافعه، وطرق تحصيل الإخلاص.
ولا شك أن الإخلاص سبب للنصر، والنجاة من عذاب الله، ورفع المنزلة في الدنيا والآخرة، والفوز بحب الله، ثم حب أهل السموات والأرض للمخلص، وهذا في الحقيقة نور يقذفه الله في قلب من شاء من عباده: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ (١)، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض؛ لأن ذلك ينافي كمال التوحيد ويحبط العمل الذي قارنه، قال الله ﷿: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ
_________
(١) سورة النور، الآية: ٤٠.
1 / 3
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (١).
وقد قسمت هذا البحث إلى مبحثين، وتحت كل مبحث مطالب على النحو الآتي:
المبحث الأول: نور الإخلاص:
المطلق الأول: مفهوم الإخلاص.
المطلب الثاني: أهمية الإخلاص.
المطلب الثالث: مكانة النية الصالحة وثمراتها.
المطلب الرابع: ثمار الإخلاص وفوائده.
المبحث الثاني: ظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة:
المطلب الأول: خطر إرادة الدنيا بعمل الآخرة.
المطلب الثاني: أنواع العمل للدنيا.
المطلب الثالث: خطر الرياء وأضراره.
المطلب الرابع: أنواع الرياء ودقائقه.
المطلب الخامس: أقسام الرياء وأثره على العمل.
المطلب السادس: أسباب الرياء ودوافعه.
المطلب السابع: طرق تحصيل الإخلاص وعلاج الرياء.
_________
(١) سورة هود، الآيتان: ١٥ - ١٦.
1 / 4
والله أسأل باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا خالصًا لوجهه الكريم، مقربًا لمؤلفه، وقارئه، وطابعه، وناشره، من الفردوس الأعلى من الجنة، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه، فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في عصر يوم الثلاثاء الموافق ١٦/ ١٠/١٤١٩هـ
1 / 5
المبحث الأول: نور الإخلاص
المطلب الأول: مفهوم الإخلاص
الإخلاص في اللغة: خَلَص يخلص خلوصًا: صفا وزال عنه شوبه، ويقال: خلص من ورطته: سلم منها، ونجا، ويقال: خلَّصه تخليصًا: أي نجّاه. والإخلاص في الطاعة: ترك الرياء (١).
وحقيقة الإخلاص: هو أن يريد العبد بعمله التقرب إلى الله تعالى وحده.
وقد ذكر أهل العلم تعريفات بعضها قريب من بعض:
فقيل: الإخلاص: إفراد الحق - سبحانه - بالقصد في الطاعة.
وقيل: الإخلاص: استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء أن يكون ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص أن يكون باطنه أعْمَرَ من ظاهره.
وقيل: تصفية العمل من كل ما يشوبه (٢).
وعلى ما تقدّم: يتّضح أن الإخلاص: صرف العمل والتقرّب به إلى الله وحده، لا رياءً ولا سمعةً، ولا طلبًا للعَرَض الزائل، ولا تصنّعًا، وإنما يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه، ويطمع في رضاه.
ولهذا قال القاضي عياض: «تَرْك العمل من أجل الناس رياءٌ،
_________
(١) المعجم الوسيط، ١/ ٢٤٩، ومختار الصحاح، ص٧٧.
(٢) مدارج السالكين، لابن القيم، ٢/ ٩١.
1 / 6
والعملُ من أجل الناس شركٌ، والإخلاصُ أن يعافيَكَ الله منهما» (١).
والإخلاص: في حياة المسلم أن يَقصد بعمله، وقوله، وسائر تصرفاته، وتوجيهاته وتعليمه وجه الله تعالى وحده لا شريك له ولا رب سواه.
المطلب الثاني: أهمية الإخلاص
لقد خلق الله الخلق: الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له، وأمر جميع المكلفين بالإخلاص: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ الله مُخْلِصًا لَّهُ الدِّين *، أَلا لله الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ (٣)، ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٤)، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (٥).
قال الفضيل بن عياض: هو أخلَصُهُ وأصوَبُهُ. قالوا: يا أبا علي:
ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: «إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا. والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة (٦). ثم قرأ
_________
(١) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، ٢/ ٩١.
(٢) سورة البينة، الآية: ٥.
(٣) سورة الزمر، الآيتان: ٢ - ٣.
(٤) سورة الأنعام، الآيتان: ١٦٢ - ١٦٣.
(٥) سورة الملك، الآية: ٢.
(٦) مدارج السالكين، لابن القيم، ٢/ ٨٩.
1 / 7
قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ (٢). فإسلام الوجه: إخلاص القصد والعمل لله، والإحسان فيه: متابعة رسول الله ﷺ وسنته (٣).
وقد ثبت في الحديث عن أنس بن مالك ﵁ قال ﷺ: «ثلاث لا يغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تُحيط من ورائهم» (٤).
والإخلاص هو روح عمل المسلم، وأهم صفاته، فبدونه يكون جهده وعمله هباءً منثورًا.
والإخلاص من أهم أعمال القلوب باتفاق أئمة الإسلام، ولاشك أن أعمال القلوب هي الأصل: لمحبة الله ورسوله، والتوكل عليه، والإخلاص له، والخوف منه، والرجاء له، وأعمال الجوارح تَبَعٌ؛ فإن النية بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء الذي إذا فارق الروح مات، فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح.
فيجب على المسلم أن يكون مخلصًا لله ﷿ لا يريد رياءً ولا سمعة،
_________
(١) سورة الكهف، الآية: ١١٠.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٢٥.
(٣) مدارج السالكين، لابن القيم، ٢/ ٩٠.
(٤) أخرجه الترمذي، في كتاب العلم، باب: ما جاء في الحث على تبليغ السماع، ٥/ ٣٤، برقم ٢٦٥٨ من حديث عبد الله بن مسعود ﵁، وأخرجه أحمد، ٥/ ١٨٣ من حديث زيد بن ثابت ﵁، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح، ١/ ٧٨.
1 / 8
ولا ثناء الناس ولا مدحهم وحمدهم، إنما يعمل الصالحات، ويدعو إلى الله يريد وجهه - تعالى - كما قال سبحانه: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
الله﴾ (١)، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله﴾ (٢).
والإخلاص أعظم الصفات التي تجب على جميع المسلمين، فيريدون بدعوتهم وعملهم وجه الله والدار الآخرة، ويريدون إصلاح الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور (٣).
المطلب الثالث: مكانة النية الصالحة وثمراتها
النية: أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، وأصله الذي عليه بُنِيَ؛ لأنها روح العمل، وقائده، وسائقه، والعمل تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، وبها يحصل التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة (٤)؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى ..» (٥).
وقال الله تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءَ مَرْضَاتِ الله
_________
(١) سورة يوسف، الآية: ١٠٨.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٣٣.
(٣) انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، ١/ ٣٤٩ و٤/ ٢٢٩.
(٤) انظر: النية وأثرها في الأحكام الشرعية للدكتور صالح بن غانم السدلان، ١/ ١٥١.
(٥) متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب ﵁: البخاري، كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسوله ﷺ، ١/ ٩، برقم ١. ومسلم، كتاب الإمارة، باب: قوله ﷺ: «إنما الأعمال بالنية»، ٣/ ١٥١٥، برقم ١٩٠٧.
1 / 9
فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (١).
وهذا يدل على أهمية ومكانة النية، وأن الدعاة إلى الله وغيرهم من المسلمين بحاجة إلى إصلاح النية، فإذا صلحت أُعطي العبد الأجر الكبير، والثواب العظيم، ولو لم يعمل إنما نوى نية صادقة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «إذا مرض العبد أو سافر كُتِب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» (٢)، وقال ﷺ: «ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل فيغلبه عليها نوم إلا كُتبَ له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة» (٣).
وقال ﷺ: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر، لا ينقص ذلك من أجره شيئًا» (٤).
وقال ﷺ: «من سأل الله الشهادة بصدقٍ بلّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه» (٥).
وهذا يدل على فضل الله ﷾، وإحسانه إلى عباده؛ ولهذا قال النبي ﷺ
_________
(١) سورة النساء، الآية: ١١٤.
(٢) البخاري، كتاب الجهاد والسير، بابٌ: يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة،٤/ ٢٠٠،برقم ٢٩٩٦.
(٣) أبو داود، كتاب الصلاة، باب من نوى القيام فنام، ٢/ ٢٤، برقم ١٣١٤. والنسائي، كتاب قيام الليل، وتطوع النهار، باب من كان له صلاة بليل فغلبه عليها نوم، ٣/ ٢٧٥، برقم ١٧٨٤. وصححه الألباني في إرواء الغليل، ٢/ ٢٠٤، وصحيح الجامع، ٥/ ١٦٠ برقم ٥٥٦٧.
(٤) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها، ١/ ١٥٤، برقم ٥٦٤. والنسائي، كتاب الإمامة، باب حد إدراك الجماعة، ٢/ ١١١، برقم ٨٥٥. وقال ابن حجر في فتح الباري: «إسناده قوي»، ٦/ ١٣٧.
(٥) مسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله تعالى، ٣/ ١٥١٧، برقم ١٩٠٩.
1 / 10
في غزوة تبوك: «لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سِرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه»، قالوا: يا رسول الله كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ فقال: «حَبَسهُمُ العذر» (١).
وبالنية الصالحة يضاعف الله الأعمال اليسيرة؛ ولهذا قال النبي ﷺ لرجل جاء إليه مقنع بالحديد، فقال يا رسول الله: أقاتل أو أسلم؟ فقال ﷺ: «أسلم ثم قاتل»، فأسلم ثم قاتل فَقُتِلَ، فقال رسول الله ﷺ: «عمل قليلًا وأُجر كثيرًا» (٢).
وجاء رجل إلى رسول الله ﷺ فدخل في الإسلام، فكان رسول الله ﷺ يعلمه الإسلام وهو في مسيره، فدخل خُفّ بعيره في جحر يربوع فوقصه بعيره فمات، فقال رسول الله ﷺ: «عمل قليلًا وأُجر كثيرًا» قالها حماد ثلاثًا (٣).
وبالنية الصالحة يُبارك الله في الأعمال المباحة، فيثاب عليها العبد؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة» (٤)، وقال ﷺ لسعد بن أبي وقاص ﵁: «إنك لن تُنفق نفقةً تبتغي
_________
(١) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو، ٣/ ٢٨٠، برقم ٢٨٣٩، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب الرخصة في القعود من العذر، ٣/ ١٢، برقم ٢٠٥٨، واللفظ له.
(٢) متفق عليه من حديث البراء ﵁: البخاري، كتاب الجهاد والسير، بابٌ: عمل صالح قبل الجهاد، ٣/ ٢٧١، برقم ٢٨٠٨، واللفظ له. ومسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، ٣/ ١٥٠٩، برقم ١٩٠٠.
(٣) مسند الإمام أحمد، ٤/ ٣٥٧.
(٤) متفق عليه من حديث أبي مسعود ﵁: البخاري، كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، ١/ ٢٤، برقم ٥٥. ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، والزوج، والأولاد، ٢/ ٦٢٥، برقم ١٠٠٢.
1 / 11
بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى ما تجعلُ في في امرأتك» (١).
وقال النبي ﷺ: «إنما الدنيا لأربعة نفرٍ: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا فهو يتقّي فيه ربه، ويَصِلُ فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٍ رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبدٍ رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهو بأخبث المنازل، وعبدٍ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء» (٢).
وقال النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه: «إن الله ﷿ كتب الحسنات والسيئات ثم بيّن ذلك، فمن همّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ...» (٣).
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية، ١/ ٢٤، برقم ٥٦. ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، ٣/ ١٢٥٠، برقم ١٦٢٨.
(٢) الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، ٤/ ٥٦٢، برقم ٢٣٢٥، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب النية، برقم ٤٢٢٨، وأحمد، ٤/ ١٣٠، وصححه الألباني، في صحيح الترمذي، ٢/ ٢٧٠.
(٣) متفق عليه من حديث ابن عباس ﵄: البخاري، كتاب الرقاق، باب من همّ بحسنة أو سيئة، ٧/ ٢٣٩، برقم ٦٤٩١، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إذا همّ العبد بحسنة كتبت له وإذا همّ بسيئة لم تكتب، ١/ ١١٧، برقم ١٣١.
1 / 12
المطلب الرابع: ثمار الإخلاص وفوائده
الإخلاص له ثمرات حميدة وفوائد جليلة عظيمة، منها ما يأتي:
أولًا: خير الدنيا والآخرة من فضائل الإخلاص وثمراته
ثانيًا: الإخلاص هو السبب الأعظم في قبول الأعمال مع متابعة النبي ﷺ.
ثالثًا: الإخلاص يُثمر محبة الله للعبد، ثم محبة الملائكة، ووضع القبول في الأرض.
رابعًا: الإخلاص أساس العمل، وروحه
خامسًا: يُثمر الأجر الكبير والثواب العظيم بالعمل اليسير، والدعاء القليل.
سادسًا: يُكتب لصاحب الإخلاص كل عمل يقصد به وجه الله، ولو كان مباحًا.
سابعًا: يُكتب لصاحب الإخلاص ما نوى من العمل ولو لم يعمله
ثامنًا: إذا نام أو نسي كُتب له عمله الذي كان يعمله
تاسعًا: إذا مرض العبد أو سافر كُتب له بإخلاصه ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا.
عاشرًا: ينصر الله الأمة بالإخلاص
الحادي عشر: الإخلاص يُثمر النجاة من عذاب الآخرة
الثاني عشر: تفريج كروب الدنيا والآخرة من ثمرات الإخلاص
الثالث عشر: رفع المنزلة في الآخرة يحصل بالإخلاص
الرابع عشر: الإنقاذ من الضلال
الخامس عشر: الإخلاص سبب لزيادة الهدى
1 / 13
السادس عشر: الصِّيت الطيب عند الناس من ثمار الإخلاص
السابع عشر: طمأنينة القلب والشعور بالسعادة
الثامن عشر: تزيين الإيمان في النفس
التاسع عشر: التوفيق لمصاحبة أهل الإخلاص
العشرون: حسن الخاتمة
الحادي والعشرون: استجابة الدعاء
الثاني والعشرون: النعيم في القبر والتبشير بالسرور
الثالث والعشرون: دخول الجنة والنجاة من النار
وهذه الثمرات والفوائد أدلتها كثيرة من الكتاب والسنة (١).
فأسأل الله لي ولإخواني المسلمين الإخلاص في القول والعمل.
_________
(١) يدل على ذلك ما تقدم في المطلبين السابقين، وانظر: كتاب الإخلاص لحسين العوايشة، ص٦٤.
1 / 14
المبحث الثاني: ظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة
المطلب الأول: خطر إرادة الدنيا بعمل الآخرة
من الخطر العظيم أن يعمل الإنسان عملًا صالحًا يريد به عرضًا من الدنيا، وهذا شِرْكٌ يُنافي كمال التوحيد الواجب، ويُحبط العمل، وهو أعظم من الرياء؛ لأن مريد الدنيا قد تغلب إرادته على كثير من عمله، وأما الرياء فقد يعرض له في عمل دون عمل، ولا يسترسل معه، والمؤمن يكون حذرًا من هذا وهذا.
والفرق بين الرياء، وإرادة الإنسان بعمله الدنيا: هو أن بينهما عمومًا وخصوصًا مطلقًا، يجتمعان في أن الإنسان إذا أراد بعمله التزين عند الناس؛ ليروه ويعظِّموه، ويمدحوه، فهذا رياء، وهو أيضًا إرادة للدنيا؛ لأنه تصنّع عند الناس، وطلب الإكرام منهم والمدح والثناء.
أما العمل للدنيا فهو أن يعمل الإنسان عملًا صالحًا لا يقصد به الرياء للناس، وإنما يقصد به عرضًا من الدنيا: كمن يحجّ عن غيره؛ ليأخذ مالًا، أو يجاهد للمغنم، أو غير ذلك، فالمرائي عمل لأجل المدح والثناء من الناس، والعامل للدنيا يعمل العمل الصالح يريد به عرض الدنيا، وكلاهما خاسر، نعوذ بالله من مُوجبات غضبه، وأليم عقابه (١).
وقد جاءت النصوص تدل على خسران صاحب هذا العمل في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
_________
(١) انظر: فتح المجيد، ص٤٤٢، وتيسير العزيز الحميد، ص٥٣٤.
1 / 15
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (١).
وقال ﷿: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا﴾ (٢).
وقال تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ﴾ (٣).
وقال ﷾: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ﴾ (٤).
وقال النبي ﷺ: «من تعلم علمًا ما يُبتغى به وجه الله ﷿ لا يتعلمُهُ إلا ليُصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عَرْف الجنة يوم القيامة» يعني ريحها (٥).
وعن جابر ﵁ يرفعه: «لا تعلَّموا العلم لتُباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا لتخيّروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار» (٦).
_________
(١) سورة هود، الآية: ١٦.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ١٧.
(٣) سورة الشورى، الآية: ٢٠.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٠٠.
(٥) أبو داود، كتاب العلم، باب: في طلب العلم لغير الله،٣/ ٣٢٣،برقم ٣٦٦٤،وابن ماجه، في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم، ١/ ٩٣، برقم ٢٥٢،وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه،١/ ٤٨.
(٦) ابن ماجه ١/ ٩٣، في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، ١/ ٩٣، برقم ٢٥٤، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، ١/ ٤٨، وصحيح الترغيب للألباني، ١/ ٤٦، وفي الموضعين أحاديث أخرى.
1 / 16
وقال ابن مسعود ﵁: «لا تعلَّموا العلم لثلاث: لتُماروا به السفهاء، وتُجادلوا به العلماء، ولتصرفوا به وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم ما عند الله؛ فإنه يدوم ويبقى، وينفد ما سواه» (١).
ولهذا تَكَفَّل الله بالسعادة لمن عمل لله، فعن أنس يرفعه: «من كانت الآخرة همّهُ جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له» (٢).
المطلب الثاني: أنواع العمل للدنيا
العمل للدنيا أنواع متعددة، وقد ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أنه جاء عن السلف في ذلك أربعة أنواع:
النوع الأول: العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله تعالى: من صدقةٍ، وصلاةٍ، وإحسانٍ إلى الناس، وردِّ ظلم، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان، أو يتركه خالصًا لله تعالى؛ لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، وإنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله، وتنميته، أو حفظه أهله وعياله، أو إدامة النعم عليه وعليهم، ولا همّةَ له في طلب الجنة والهرب
_________
(١) الدرامي، ١/ ٧٠ موقوفًا، وابن ماجه عن أبي هريرة، في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، ١/ ٩٦، برقم ٢٦٠، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، ١/ ٤٨، وصحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٤٨.
(٢) الترمذي، كتاب صفة القيامة، بابٌ: حدثنا قتيبة، ٤/ ٦٤٢، برقم ٢٤٦٥، وابن ماجه بنحوه من حديث زيد بن ثابت ﵁، كتاب الزهد، ٢/ ١٣٧٥، برقم ٤١٠٥، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٥/ ٣٥١، والأحاديث الصحيحة، ٩٥٠.
1 / 17
من النار، فهذا يُعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة من نصيب. وهذا مروي عن ابن عباس ﵄.
النوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو أن يعمل أعمالًا صالحة ونيته رياء الناس لا طلب ثواب الآخرة وهو ما ذكر عن مجاهد رحمه الله تعالى.
النوع الثالث: أن يعمل أعمالًا صالحة يقصد بها مالًا، مثل أن يحج عن غيره لمال يأخذه، ولا يقصد بذلك وجه الله ولا الدار الآخرة، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو يجاهد لأجل المغنم، أو يتعلَّم العلم ليحصل على الشهادة وعلى الجاه، ولا يقصد بذلك وجه الله مطلقًا، أو يتعلَّم القرآن، ويواظب على الصلاة؛ لأجل وظيفة المسجد، أو غيره من الوظائف الدينية، ولا يريد بذلك ثوابًا مطلقًا.
النوع الرابع: أن يعمل بطاعة الله مخلصًا في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنه على عمل يُكَفِّره كفرًا يخرجه عن الإسلام، كمن يأتي بناقض من نواقض الإسلام. ذُكِرَ ذلك عن أنس ﵁ وغيره (١).
فليحذر المسلم مما يحبط عمله، ويعرّضه لسخط الله وغضبه، وليحذر جميع المسلمين من هذه الأنواع الفاسدة، نعوذ بالله منها.
المطلب الثالث: خطر الرياء وآثاره
الرياء خطره عظيم جدًّا على الفرد والمجتمع والأمة؛ لأنه يُحبط
_________
(١) انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص٤٤٤، وتسير العزيز الحميد، ص٥٣٦، والقول السديد في مقاصد التوحيد، للسعدي، ص١٢٦.
1 / 18
العمل والعياذ بالله ويظهر خطره في الأمور الآتية:
أولًا: الرياء أخطر على المسلمين من المسيح الدجال: قال النبي ﷺ: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟: الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته لما يرى من نظر رجل» (١).
ثانيًا: الرياء أشدّ فتكًا من الذئب في الغنم، قال النبي ﷺ: «ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسَدَ من حرص المرء على المال والشرف لدينه» (٢).
وهذا مثل ضربه رسول الله ﷺ بيّن فيه أن الدين يفسد بالحرص على المال، وذلك بأن يشغله عن طاعة الله، وبالحرص على الشرف في الدنيا بالدين، وذلك إذا قصد الرياء والسمعة.
ثالثًا: خطورة الرياء على الأعمال الصالحة خطر عظيم؛ لأنه يذهب بركتها، ويُبطلها والعياذ بالله: ﴿كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (٣).
هذه هي آثار الرياء تمحق العمل الصالح محقًا في وقت لا يملك صاحبه قوة ولا عونًا، ولا يستطيع لذلك ردًّا.
_________
(١) أخرجه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب: الرياء والسمعة، ٢/ ١٤٠٦، برقم ٤٢٠٤، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ٤١٠.
(٢) الترمذي، كتاب الزهد، بابٌ: حدثنا سويد، برقم ٢٣٧٦، ٤/ ٥٨٨، وأحمد، ٣/ ٤٥٦، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ٢/ ٢٨٠.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٦٤.
1 / 19
قال تعالى: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ (١).
فهذا العمل الصالح أصله كالبستان العظيم كثير الثمار، فهل هناك أحد يحب أن تكون له هذه الثمار والبستان العظيم، ثم يرسل عليها الرياء فيمحقها محقًّا، وهو في أشدِّ الحاجة إليها!!
ولهذا قال النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِلَ عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» (٢).
وفي الحديث: «إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة، ليومٍ لا ريب فيه نادى منادٍ: من كان أشرك في عَمَلٍ عَمِلَهُ لله أحدًا فليطلب ثوابه من عند غير الله؛ فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك» (٣).
رابعًا: يسبب عذاب الآخرة؛ ولهذا أول من تسعّر بهم النار يوم القيامة: قارئ القرآن، والمجاهد، والمتصدّق بماله، الذين فعلوا ذلك ليُقال: فلانٌ قارئ، فلانٌ شجاعٌ، فلانٌ كريم متصدّق. ولم تكن أعمالهم خالصةً لله تعالى (٤).
_________
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٦٦.
(٢) مسلم، كتاب الزهد، باب: من أشرك في عمله غير الله، ٤/ ٢٢٨٩، برقم ٢٩٨٥.
(٣) الترمذي، كتاب تفسير القرآن، بابٌ: ومن سورة الكهف،٥/ ٣١٤،برقم ٣١٥٤،من حديث
أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري ﵁،وابن ماجه، كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة، ٢/ ١٤٠٦، برقم ٤٢٠٣،وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،١/ ١٨،وفي صحيح الترمذي، ٣/ ٧٤.
(٤) انظر: الحديث في صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار،
٣/ ١٥١٤، برقم ١٩٠٥.
1 / 20
خامسًا: الرياء يُورث الذلّ والصّغار والهوان والفضيحة، قال النبي ﷺ: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به» (١).
سادسًا: الرياء يحرم ثواب الآخرة، قال النبي ﷺ: «بشر هذه الأمة
بالسناء (٢) والدين، والرفعة، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب» (٣).
سابعًا: الرياء سبب في هزيمة الأمة، قال النبي ﷺ: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم» (٤)، وهذا يبيّن أن الإخلاص لله سبب في نصر الأمة على أعدائها، وأن الرياء سبب في هزيمة الأمة!
ثامنًا: الرياء يزيد الضلال، قال الله تعالى عن المنافقين: ﴿يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (٥).
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، ٧/ ٢٤٢، برقم ٦٤٩٩. ومسلم، كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، ٤/ ٢٢٨٩، برقم ٢٩٨٦.
(٢) معناه: ارتفاع المنزلة؛ لأن السناء هو الرفعة. انظر: المصباح المنير، ١/ ٢٩٣.
(٣) مسند أحمد، ٥/ ١٣٤، والحاكم، ٤/ ٤١٨، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، ١/ ١٥.
(٤) رواه النسائي بلفظه، كتاب الجهاد، باب الاستنصار بالضعيف، ٦/ ٤٥، برقم ٣١٧٨، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب،
٣/ ٢٩٦، برقم ٢٨٩٦، وصححه الألباني في صحيح الترغيب، ١/ ٦.
(٥) سورة البقرة، الآيتان: ٩ - ١٠.
1 / 21