وأمّا الثاني وهو: أن يكون سبب البطلان هو الإتيان بكلمةٍ ليست من القرآن، فلفظُ الخاشعة قد جاءت في القرآن، مع أنَّ إتيانه بها خطأٌ، والكلام الأجنبيُّ لا يبطل صلاة المعذور فيه، سواءً كان جاهلًا أو ناسيًا أو مخطئًا، فقد قال تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وهي دعوة مجابةٌ لجميع الأمة، وفي الحديث: «رُفِع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكْرِهوا عليه» (^١).
فإن قيل: رُفِع الإثمُ لا الحكم.
قلنا: كلاّ، ففي مسلمٍ وغيره (^٢) عن معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: «بينا أنا أصلّي مع رسول الله ﵌ إذْ عطسَ رجلٌ من القوم؛ فقلتُ: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلتُ: وا ثُكْلَ أُمِّياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون أيديَهم على أفخاذهم، فلمّا رأيتُهم يُصمِّتونني لكنّي سكتُّ، فلمّا صلّى رسول الله ﵌ فبأبي هو وأمّي ما رأيتُ معلِّمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فوالله ما كَهَرني ولا ضربَني ولا شتمَني، ثم قال: «إنّ هذه الصلاة لا يصلُح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن»، أو كما قال رسول الله ﵌ فذكر الحديث.