وثالثها: علم ما يحصل به الكمال، وهو علم الأخلاق، وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية، والالتجاء إلى جناب الفردانية، والسلوك لطريقة الاستقامة فيها، وإليه الإشارة بقوله: [﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ .
ورابعها: علم القصص والإخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية، السعداء منهم والأشقياء، وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم، وهو المراد بقوله:] ١ ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ .
قال: وجميع القرآن تفصيل لما أجملته الفاتحة؛ فإنها بُنيت على إجمال ما يحويه القرآن مفصلًا؛ فإنها واقعة في مطلع التنزيل، والبلاغة فيه: أن تتضمن ما سيق الكلام لأجله؛ ولهذا لا ينبغي أن يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق٢.
وقال الغزالي٣ في "خواص القرآن": مقاصد القرآن ستة: ثلاثة مهمة، وثلاثة تتمة:
الأول: تعريف المدعو إليه، كما أشير إليه بصدرها.
وتعريف الصراط المستقيم، وقد صرح به فيها.
وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى، وهو الآخرة، كما أشير