ومنها: أنه قال في البقرة: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ﴾ "البقرة: ١٩٦"، وذلك إنما يدل على الوجوب إجمالًا، وفصله هنا بقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ "٩٧". وزاد: بيان شرط الوجوب بقوله: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ "٩٧". ثم زاد: تكفير من جحد وجوبه بقوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ "٩٧".
ومنها: أنه قال في البقرة في أهل الكتاب: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾ "البقرة: ٨٣". فأجمل القليل، وفصله هنا بقوله: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ "١١٣، ١١٤" الآيتين.
ومنها: أنه قال في البقرة: ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ "البقرة: ١٣٩". فدل بها على تفضيل هذه الأمة على اليهود تعريضًا لا تصريحًا، وكذلك قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ "البقرة: ١٤٣" في تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم بلفظ فيه يسير إبهام، وأتى في هذه [السورة] ١ بصريح البيان فقال: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ "١١٠". فقوله: ﴿كُنْتُمْ﴾ أصرح في قدم ذلك من ﴿جَعَلْنَاكُمْ﴾ ثم زاد [بيان] وجه الخيرية بقوله: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ "١١٠"٢.