The Good Rules for Interpreting the Quran
القواعد الحسان لتفسير القرآن
ناشر
مكتبة الرشد
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
القاعدة الحادية والخمسون: كلّما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء، والنهي عن دعاء غير الله، والثناء على الداعين: يتناول دعاء المسألة، ودعاء العبادة
وهذه قاعدة نافعة، فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة: دعاء المسألة فقط، ولا يظنون دخول جميع العبادات في الدعاء.
ويدل على عموم ذلك: قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: من الآية٦٠]،
أي أستجب طلبكم، وأتقبل عملكم ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾، [غافر: من الآية٦٠]، فسمى ذلك عبادة، وذلك لأن الداعي دعاء المسألة يطلب مسئوله بلسان المقال، والعابد يطلب من ربه القبول والثواب، ومغفرة ذنوبه بلسان الحال.
فلو سألت أي عابد مؤمن: ما قصدك بصلاتك وصيامك وحجك وأدائك لحقوق الله وحق الخلق؟ لكان قلب المؤمن ناطقًا - قبل أن يجيبك لسانه -: بأن قصدي من ذلك رضى ربي ونيل ثوابه والسلامة من عقابه، ولهذا كانت النية شرطًا لصحة الأعمال وقبولها، وإثمارها الثمرة الطيبة في الدنيا والآخرة.
وقال تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين﴾ [غافر: من الآية١٤]، فوضع كلمة: ﴿الدِّين﴾، موضع كلمة ﴿العبادة﴾، وهو في القرآن كثير جدًا: يدل على أن الدعاء هو لب الدين وروح العبادة.
ومعنى الآية هنا: أخلصوا له إذا طلبتم حوائجكم، وأخلصوا له أعمال البر والطاعة.
وقد يقيد أحيانًا بدعاء الطلب، كقوله: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ﴾ [القمر: ١٠]، وأما قوله:
﴿وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا..﴾ [يونس: من الآية١٢]، الآية، فيدخل فيه دعاء الطلب، فإنه لا يزال ملحًا بلسانه، سائلًا دفع ضرورته، ويدخل فيه دعاء العبادة فإن قلبه في هذه الحال يكون راجيًا طامعًا، منقطعًا عن غير الله،
1 / 127