The Fundamentals of the People of the Sunnah and the Community
أصول أهل السنة والجماعة
اصناف
فضل أهل بدر
المرتبة الرابعة: تقديم أهل بدر على غيرهم، وكانوا قدر ثلاثمائة وبضعة عشر، أبلوا بلاء حسنًا فغيروا وجه الأرض ووجه التاريخ، وأذلوا وأرغموا أنوف صناديد الكفر في مكة، بل وفي شبه الجزيرة العربية كلها، وكان منهم البلاء الحسن في هذه الغزوة التي لو جعلت حدًا فاصلًا بين الإيمان والكفر، وبين التقويم الميلادي والهجري لما كان بعيدًا، وإنما جعل التقويم من هجرة النبي ﵊ لأنها حدث عظيم جدًا، وربما غزوة بدر أعظم حدثًا من هجرة النبي ﵊ وأصحابه إلى المدينة المنورة، وليس في التاريخ أعظم حدثًا من غزوة بدر إلا الإسراء والمعراج؛ لأنه أمر أذهل العقول وقل من ثبت فيه، ولا يثبت فيه إلا من كان مثل أبي بكر الصديق ومن كان على شاكلته.
لما أخطأ حاطب بن أبي بلتعة في أن أرسل رسالة كادت أن تصل إلى مشركي مكة، يخبرهم فيها -وكان معذورًا مجتهدًا متأولًا- أن النبي ﵊ ينوي قتالكم، ولكن خبر السماء نزل إلى النبي ﵊ يخبره بما كان من حاطب بن أبي بلتعة، فقام إليه عمر لما علم بأمره وقال: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، وكان حاطب ممن أبلى بلاء حسنًا في غزوة بدر، فقال: (لا يا عمر!)، نفي لتهمة النفاق في حق حاطب كما أنه نفي لجواز قتله.
قال: (لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، أي: بسبب بلائهم ونصرتهم وتأييدهم لدين الله ﷿ دين الحق، فقد بذلوا ما أذهل العقول في هذه الغزوة، فكافأهم الله ﵎ بأن غفر ذنوبهم السابقة واللاحقة، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فهذا نص في إثبات أفضلية أهل بدر على غيرهم.
3 / 7