The End in Explanation of Guidance - Al-Saghnaqi
النهاية في شرح الهداية - السغناقي
تحقیق کنندہ
رسائل ماجستير - مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى
اصناف
النهاية في شرح الهداية (شرح بداية المبتدي)
تأليف: الإمام حسين بن علي السغناقي الحنفي ﵀ (ت ٧١٤ هـ)
تحقيق: رسائل ماجستير - مركز الدراسات الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى
الأعوام: ١٤٣٥ - ١٤٣٨ هـ
عدد الأجزاء: ٢٥ (١١ لم يتوفر، ١٥، ١٩ لم يحققا)
وفيما يلي ثبت بأسماء محققي الأجزاء:
الجزء | اسم الطالب | وصف المخطوط |
---|---|---|
١ | عبد العزيز بن عبد الله الوهيبي | من بداية الكتاب من قوله: (الحمد لله) إلى نهاية: (فصل في المستحاضة ومن به سلس البول) من كتاب الطهارة. |
٢ | فهد بن عبد العزيز الجطيلي | من بداية: (فصل في النفاس) من كتاب الطهارة إلى نهاية: (فصل في القراءة) من كتاب الصلاة. |
٣ | خالد بن إبراهيم المحيميد | من بداية: (باب الإمانة) من كتاب الصلاة. إلى نهاية: (باب سجود السهو) من كتاب الصلاة. |
٤ | إبراهيم بن محمد الفريح | من بداية: (باب صلاة المريض) من كتاب الصلاة. إلى نهاية: (باب صدقة السوائم) من كتاب الزكاة. |
٥ | خالد بن تركي الوحداني | من بداية: (باب زكاة المال فصل في الفضة) إلى نهاية: (كتاب الصيام) |
٦ | عبد الله بن عبد العزيز العقلاء | من بداية: (كتاب الحج) إلى نهايته. |
٧ | سامي بن مبارك بن راشد الخلف | من بداية: (كتاب النكاح) إلى نهاية: (كتاب الرضاع) |
٨ | سلمان بن جعيدان الحربي | من بداية: (كتاب الطلاق) إلى نهاية فصل: (مدة إيلاء الأمة) من كتاب الطلاق. |
٩ | محمد بن عيدان العنزي | من بداية: (باب الخلع) من كتاب الطلاق. إلى نهاية: فصل (ومن ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه) من كتاب العتاق. |
١٠ | عبد الرحمن بن منيع الخليفة | من بداية: (العبد يعتق بعضه) من كتاب العتاق. إلى نهاية: (اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك) من كتاب الأيمان. |
١١ | فواز بن حضيرم المعيلي الحربي | من بداية: (باب اليمين في الحج والصلاة) من كتاب الأيمان. إلى نهاية: (باب الموادعة) من كتاب السير. |
١٢ | سعيد بن عبد الله محمد آل موسى | من بداية: (باب الغنائم وقيمتها) من كتاب السير. إلى نهاية: (كتاب الوقف) |
١٣ | عبد الله بن الحسن العيدروس | من بداية: (كتاب البيوع) إلى نهاية: (فصل فيما يكره) من كتاب البيوع. |
١٤ | بندر بن مشبب بن فهد القحطاني | من بداية: (كتاب الإقالة) إلى نهاية: (كتاب الصرف) |
١٥ | من بداية: (كتاب الكفالة) إلى نهاية: (فصل-مسائل متفرقة يجمعها أصل واحد) من كتاب أدب القاضي. | |
١٦ | عبد الرحمن بن سعود محمد الحربي | من بداية: (كتاب الشهادات) إلى نهاية: (فصل في الشراء) من كتاب الوكالة. |
١٧ | إبراهيم بن صالح الثويني | من بداية: (فصل في التوكيل بشراء نفس العبد) من كتاب الوكالة. إلى نهاية: (باب مايدعيه الرجلان) من كتاب الدعوى. |
١٨ | محمد عبد الرحمن خاشم العتيي | من بداية: (فصل في التنازع بالأيدي) من كتاب الدعوى. إلى نهاية: (كتاب المضاربة) |
١٩ | من بداية: (كتاب الوديعة) إلى نهاية: (باب ضمان الأجير) من كتاب الإجازات. | |
٢٠ | سعود بن دخيل الله نويمي المطيري | من بداية: (باب الإجارة على أحد الشرطين) من كتاب الإجارات. إلى نهاية: (فصل في حد البلوغ) من كتاب الحجر. |
٢١ | بشير بن حمد العنزي | من بداية: (باب الحجر بسبب الدين) من كتاب الحجر. إلى نهاية: (فصل في غصب ما لايتقوم) من كتاب الغصب. |
٢٢ | غازي بن زيدان بن غانم الرشيدي | من بداية: (كتاب الشفعة) إلى نهاية: (فصل فيما يحل أكله وفيما لايحل) من كتاب الذبائح. |
٢٣ | حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الفهيد | من بداية: (كتاب الأضحية) إلى نهاية: (باب مايجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز) من (كتاب الرهن) |
٢٤ | محمد بن هدهود الشمري | من بداية: (باب الرهن يوضع على يدي العدل) من كتاب الرهن. إلى نهاية: (باب جناية البهيمة والجناية عليها) |
٢٥ | مصطفى بن أحمد المشيقح | من بداية: (باب جناية المملوك والجناية عليه) إلى نهاية الكتاب. |
المقدمة / 1
مقدمة التحقيق
_________
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: منعا من التكرار، فقد اكتفينا بمقدمة عبد الله بن عبد العزيز بن تركي العقلاء محقق جـ ٦ من الكتاب (عام ١٤٣٥ - ١٤٣٦ هـ)
المقدمة / 2
تقديم
شكر وتقدير
الحمد لله القائل في كتابه المبين: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (^١)، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد ﷺ القائل: «مَنْ لا يشكُر الناسَ لا يشكرُ الله» (^٢)، والقائل أيضًا: «مَنْ صَنَع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» (^٣)، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فإني أحمد الله تعالى حمدًا يوافي نِعَمه، ويكافئ مزيده، ويُضاهي كرمه، على ما أنعم به عليَّ من نِعَم ظاهرة وباطنة لا تُعدّ ولا تحصى، ومنها: ما هداني إليه من التوجه نحو تلقّي العلم الشرعي عامة والفقهي خاصة، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ثم أشكره جل وعلا شكرًا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه على ما وفَّقني إليه وأعانني عليه من خدمة هذا التراث الإسلامي المجيد، فالحمد له وحده من قَبْل ومن بعد، فهو سبحانه وليّ كل نعمة، وبتوفيقه تتم الصالحات.
ثم إنه عليَّ في هذا البحث حقوق كثيرة لأصحابها، واجب عليَّ أداؤها، أعظمهم عليَّ حقًا على الإطلاق - بعد حق الله تعالى - والداي العزيزان، رحمهما الله، فهما اللذان نشآني على كتاب الله، وسنّة رسوله محمد ﷺ، وأرضعاني حُبّ العلم الشرعي وتحصيله، وبذلا كل غالٍ ونفيس من أجل ذلك ....، فاللهم أحسِن إليهما، وارحمهما، وعافِهما واعْفُ عنهما، وارفع في الجنة مقامهما، آمين.
ثم الشكر لأهل بيتي على مساندتهم لي من بداية مشواري،
ثم الشكر لأساتذتي الفضلاء في حياتي العلمية، حيث لم يدخروا جهدًا في سبيل تربيتي وتعليمي، فجزاهم الله خيرًا، وأجزل لهم الأجر والمثوبة.
_________
(^١) سورة إبراهيم من الآية (٧).
(^٢) أخرجه الترمذي في البر والصلة، باب (٣٥) ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك (١٩٥٤)، وقال: حديث حسن صحيح.
(^٣) أخرجه أبو داود في الزكاة، باب عطية مَنْ سأل بالله (١٦٧٢).
المقدمة / 3
لكني أخصّ بمزيد من الشكر والامتنان فضيلة شيخي المشرف على البحث الدكتور: غازي بن سعيد المطرفي، الأستاذ بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، على ما بذله من عناية واهتمام في إعداد هذا البحث، فغمرني بكرمه ولطفه، ومنحني الكثير من وقته الثمين لأجل قراءة البحث، فكان نِعْم الموجِّه والمربّي والمعلِّم، فجزاه الله خيرًا، وبارك له في عمره وعلمه وعمله وذريته، ومتَّعه بالصحة والعافية، وضاعف له الأجر والمثوبة، ثم أثني بالشكر الجزيل لصاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور: ناصر النشوي، الأستاذ بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، الذي أكرمني في الرد على جميع ما استشكل عليَّ في المذهب الحنفي،
وأسدي شكري للدكتور: ياسر هوساوي، مدير مركز الدرسات الإسلامية، مرشدي في هذه الرسالة، الذي وضع حجر أساس هذه العمل، حيث أرشدني في وضع وترتيب خطة هذه الرسالة.
كما أني ممتنّ بالشكر والتقدير للأستاذ الدكتور: علي المحمادي الذي أشار علينا بتحقيق هذا المخطوط.
لهؤلاء جميعًا ولسائر أهل الفضل والإحسان عليَّ أقدِّم شُكري ودعائي لهم بأن يؤتيهم الله ثواب الدنيا وحُسن ثواب الآخرة، والله يحب المحسنين.
المقدمة:
الحمدُ لله الذي هدانا للإسلام، وكلَّفنا بالشرائعِ والأحكام، وأمَرَنا بحجّ بيته الحرام، ووعَدَنا بأدائه خالصًا دار السلام، وعرّفنا المناسكَ والمشاعِرَ العظام، حَمْدًا لايَنْفَدُ بإنْفادِ البحور والألسُن والأقلام، وانقضاء الشهور والدهور والأعوام.
والصلاة والسلام على رسوله محمدٍ سيّد الأنام، الآمِر بأخْذِ المناسكِ عَنْه بأمْرِ ربّه العلاّم، وعلى إخوانِه من الأنبياء العِظام،
وعلى آله وأصحابه الغُرّ الكِرام، وعلى تُبّاعهم بإحسانٍ وسائِر الأعلام، مادامت الليالي والأيام، أمابعد:
فلا يخلو مذهب فقهي من المذاهب الأربعة المشهورة من مؤلَّف - بل مؤلَّفاتٍ - مستقلة في علم المناسك، وما ذاك إلا لأهميته ومكانته العظيمة عند فقهاء الأمّة، فضلًا عن دِقّة أحكامه، وكثرة مسائله، وسموّ مقاصده.
فلما كان لهذا العلم - علم المناسك - من مكانةٍ رفيعةٍ وأهميةٍ بالغة، آثرتُ أن يكون بحثي لنيل درجة (الماجستير) في ضمن هذا العلم الشريف، وذلك بدراسة وتحقيق كتاب الحجّ،
وبعد البحث والتتبُّع مقرونًا بالاستخارة والاستشارة، أكرمني الله ﷾ ووفَّقني في الوقوف على كتاب «النهاية في شرح الهداية»، للإمام: حسين بن علي السِّغْنَاقِي الحنفي- ﵀ (ت ٧١٤ هـ).
المقدمة / 4
وبعد أنْ أخذته وتأمَّلته، تأكد عندي قَدْره، وسمت في نفسي مكانته، وشعرتُ بأهميته، وعندئذ عقدتُ العزم على خدمة هذا السِّفر العظيم؛ حتى تتم الفائدة منه وتعمّ، راجيًا من الله التوفيق والعون والسداد والقَبول.
ونظرًا لطول الكتاب المذكور، فإني اقتصرتُ على تحقيق كتاب الحجّ، وذلك من أول الكتاب حتى نهايته.
أولًا: أهمية الموضوع:
تبرز أهمية الموضوع في النقاط الآتية:
١ - مكانة المؤلف العلمية، وحرصه وصبره على طلب العلم، وتحصيله وإقباله على التصنيف، والتدريس، والفتيا، يدل على ذلك ما ذكره العلماء من ثناء عليه ﵀ وما تركه من مصنفات هامة.
٢ - أهمية الكتاب المحقق وقيمته العلمية، ويمكن بيانها في النقاط التالية:
تميز الكتاب بما يلي:
أولًا: عنايته بمتن الهداية واحتفاؤه به؛ فهو يرويه بالسند لمؤلفه فقد أخذه عن حافظ الدين الكبير، وعن فخر الدين محمد بن محمد المايمرغي، وهما عن شمس الأئمة محمد بن عبدالستار الكردري وهو يرويه عن شيخه أبي بكر علي بن عبدالجليل المرغيناني (^١).
ثانيًا: قال عنه اللكنوي: هو أبسط شروح الهداية وأشملها، وقد احتوى مسائل كثيرة" (^٢).
ثالثًا: قال عنه أكمل الدين البابرتي (المتوفى: ٧٨٦ هـ) (^٣): "تصدى الشيخ الإمام الهمام، جامع الأصل والفرع مقرر مباني أحكام الشرع، حسام الملة والدين السِّغْنَاقِي سقى الله ثراه وجعل الجنة مثواه؛ لإبراز ذلك والتنقير عما هنالك، فشرحه شرحا وافيا وبين ما أشكل منه بيانا شافيا، وسماه النهاية لوقوعه في نهاية التحقيق، واشتماله على ما هو الغاية في التدقيق، لكن وقع فيه بعض إطناب، لا بحيث أن يهجر لأجله الكتاب، ولكن يعسر استحضاره وقت إلقاء الدرس على الطلاب … ".
رابعًا: أنه أصل في معرفة المذهب، حيث إنني من خلال تتبع بعض المسائل وجدت عناية المؤلف ﵀ ببيان قول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه.
_________
(^١) انظر: الوافي (١/ ٥٥)، العناية شرح الهداية (٦/ ١).
(^٢) انظر: الفوائد البهية (ص ٦٢).
(^٣) انظر: العِنَايَة شرح الهِدَايَة (١/ ٦).
المقدمة / 5
ثانيًا: أسباب اختيار الموضوع:
تتلخص أسباب اختيار تحقيق هذا الكتاب، في الأمور الآتية:
- منزلة المؤلف العلمية لدى علماء عصره، فقد أثنى عليه من ترجم له ووصفه بالبراعة في الفقه، كما سيأتي في ترجمته الموجزة، ويشهد لذلك هذا الشرح النفيس.
- الرغبة في إحياء التراث الفقهي، الذي يحتل منه هذا المخطوط منزلة كبيرة.
- أن هذا المخطوط يُعَدُّ من كتب الفقه الحنفي التي كثيرًا ما يحيل إليها علماء المذهب.
ثالثًا: الدراسات السابقة:
بعد البحث لم أجد من قام بدراسة الكتاب، سوى من سبقني من الزملاء الذين قدموا خططًا لتحقيق ما سبق من أبواب في هذا الكتاب النفيس.
رابعًا: خطة البحث:
يتكون البحث من مقدمة وقسمين:
• المقدمة: وتشتمل على أهمية المخطوط، وأسباب اختياره.
• القسم الأول: الدراسة، ويشتمل على خمسة مباحث:
المبحث الأول: نبذة مختصرة عن صاحب (الهداية)، وفيه تمهيد، وخمسة مطالب:
التمهيد: عصر المؤلف، وسيكون الكلام فيه مقتصرًا على ما له أثر في شخصية المترجم له.
المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته.
المطلب الثاني: شيوخه وتلاميذه.
المطلب الثالث: حياته وآثاره العلمية، وثناء العلماء عليه.
المطلب الرابع: مذهبه وعقيدته.
المطلب الخامس: وفاته.
المبحث الثاني: نبذة مختصرة عن كتاب (الهداية)، وفيه تمهيد وثلاثة مطالب:
التمهيد: ويشتمل على أهمية الكتاب ومنزلته ومنهجه من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: أهمية هذا الكتاب.
المطلب الثاني: منزلته في المذهب الحنفي.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.
المبحث الثالث: نبذة عن عصر الشارح الإمام (السِّغْنَاقِي) ﵀، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الحالة السياسية في عصره.
المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية في عصره.
المطلب الثالث: الحالة العلمية في عصره.
المبحث الرابع: التعريف بصاحب النهاية في شرح الهداية، وفيه تمهيد، وستة مطالب:
المطلب الأول: اسمه، ولقبه، ونسبته.
المطلب الثاني: ولادته، ونشأته، ورحلاته.
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه.
المطلب الرابع: مذهبه وعقيدته.
المطلب الخامس: مصنفاته.
المطلب السادس: وفاته، وأقوال العلماء فيه.
المبحث الخامس: التعريف بالكتاب المحقق: وفيه ستة مطالب:
المطلب الأول: دراسة عنوان الكتاب.
المطلب الثاني: نسبة الكتاب للمؤلف.
المطلب الثالث: أهمية الكتاب.
المطلب الرابع: الكتب الناقلة عنه.
المطلب الخامس: موارد الكتاب ومصطلحاته.
المطلب السادس: في مزايا الكتاب والمآخذ عليه.
• القسم الثاني: التحقيق، ويشتمل على تمهيد في وصف المخطوط ونسخه.
المطلب الأول: وصف النسخ.
المطلب الثاني: نماذج من المخطوط.
المطلب الثالث: بيان منهج التحقيق.
• الفهارس العامة:
وتشتمل على الفهارس التالية:
١ - فهرس الآيات القرآنية الكريمة.
٢ - فهرس الأحاديث النبوية الشريفة.
المقدمة / 6
٣ - فهرس الأثار.
٤ - فهرس الأشعار.
٥ - فهرس المسائل الخلافية
(أ-ماخالف فيه الصحابان أباحنيفة. ب-مااتفق فيه أحد الصاحبين مع أبي حنيفة).
٦ - فهرس الأعلام المترجم لهم في النص.
٧ - فهرس المصطلحات.
٨ - فهرس الألفاظ الغريبة.
٩ - فهرس الأماكن والبلدان.
١٠ - فهرس الحيوان والطيور والحشرات.
١١ - فهرس المصادر والمراجع.
١٢ - فهرس الموضوعات.
خامسًا: الصعوبات التي واجهت الباحث:
الصعوبات التي واجهتني في دراسة هذا النص يمكن تلخيصها في هذه النقاط:
- كثرة نقولات الشارح-﵀ من كتب الأحناف التي كثير منها لا يزال في عداد المخطوطات.
- رداءة الخط في نسخة المكتبة السليمانية.
- قلة المصادر في ترجمة الشارح، بل إن التراجم كلها ذكرت الترجمة مكررة، ومن غير تفصيل.
- منهج المصنف ﵀ في نقل بعض الأحاديث والنصوص بمعناها مما يصعب تخريجها وتوثيقها.
القسم الأول: الدراسة:
ويشتمل على خمسة مباحث:
المبحث الأول: نبذة مختصرة عن صاحب (الهداية-﵀-).
المبحث الثاني: نبذة مختصرة عن كتاب (الهداية).
المبحث الثالث: نبذة عن عصر الشارح الإمام (السِّغْنَاقِي ﵀).
المبحث الرابع: التعريف بصاحب النهاية في شرح الهداية-﵀.
المبحث الخامس: التعريف بالكتاب المحقق.
المبحث الأول نبذة مختصرة عن صاحب (الهداية-﵀)
ويشتمل على تمهيد وخمسة مطالب:
التمهيد: عصر المؤلف، وسيكون الكلام فيه مقتصرًا على ما له أثر في
شخصية المترجم له.
المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده ونشأته.
المطلب الثاني: شيوخه وتلاميذه.
المطلب الثالث: حياته وآثاره العلمية، وثناء العلماء عليه.
المطلب الرابع: مذهبه وعقيدته.
المطلب الخامس: وفاته.
التمهيد
عصر المؤلف [٥١١ هـ إلى ٥٩٣ هـ]
الحياة السياسية في هذا العصر:
إن المتأمل لحال الدولة العباسية يجد أنها بدأت بالتجزؤ منذ السنوات الأولى لقيامها، حيث استقلت الدولة الأموية الثانية بالأندلس في عام ١٣٨ هـ وقامت دولة الأدارسة في المغرب (^١) عام ١٧٢ هـ، وفي تونس قامت دولة الأغالبة عام ١٨٤ هـ، والطولونية في مصر (^٢) عام ٢٥٤ هـ، أعقبتها الدولة الفاطمية عام ٢٩٧ هـ، تلتهما الدولة الأيوبية ٥٦٧ هـ، وفي بلاد فارس قامت الدولة الصفارية عام ٢٦١ هـ، والدولة السامانية في بلاد ما وراء نهر جيحون وامتدت حتى شملت معظم البلاد الفارسية والتركستانية عام ٢٠٤ هـ، والدولة الحمدانية في حلب (^٣) والموصل (^٤).
_________
(^١) بلاد واسعة كثيرًا، ووعثاء شاسعة حدها من مدينة مليانة وهي آخر حدود أفريقيا إلى آخر جبال السوس، وراؤها البحر المحيط، وهي دولة عربية معروفة الآن. انظر: معجم البلدان (٥/ ١٨٨).
(^٢) مصر الآن دولة في شمال القارة الأفريقية وعاصمتها القاهرة. انظر: معجم البلدان (٥/ ١٦٠).
(^٣) مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء، وهي الآن مدينة من مدن الجمهورية العربية السورية. انظر: معجم البلدان (٢/ ٣٢٤).
(^٤) انظر: تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون، لعمر فروخ، المكتب التجاري، بيروت، ص ١٦٦ - ١٦٨.
المقدمة / 7
الحياة الاجتماعية في هذا العصر:
مالت طبقات المجتمع في مطلع الخلافة العباسية لصالح الفرس؛ بسبب اعتماد الخلفاء عليهم في البدء، حيث توازت طبقات العرب والفرس في السلم الاجتماعي، ولا يعني هذا أنه لم توجد أجناس أخرى، فقد وجد الجنس التركي وشكل طبقة ثالثة من طبقات المجتمع، وصلت إلى الحكم بدخول الأتراك السلاجقة إلى بغداد، وكان أول تواجد لهم في الجيش - وهم من الأتراك الذين قدموا من التركستان - ثم إلى بلاط الحكم حتى سيطر الأتراك على مصائر الخلافة، وقد ساعد على صهر الأجناس داخل المجتمع التطور الاقتصادي خاصة في العراق (^١)، حيث وجد مجتمعا مدنيا جديدا يقوم على معيار المال وسلطة الحكم للتمييز بين أفراده.
الحياة الاقتصادية في هذا العصر:
لقد ازدهرت الحياة الاقتصادية في العصر العباسي، واتسمت بالتأنق والتفنن في المطعم، والملبس، والمسكن، وجادت الصناعات الضرورية والكمالية، وتعاظمت الثروات وانتشر العلم.
وتعددت موارد بيت المال مما كان له كبير الأثر على ازدهار الحياة الاقتصادية ومن الموارد: الزكاة، والخراج، والجزية، والفيء، والغنيمة، وعشور التجارة (الجمارك)، والضرائب والأوقاف (^٢).
وقد ازدهر في هذا جمع العديد من العلماء في شتى المجالات، وكان لهم العديد من المصنفات في أنواع العلوم، وخاصة العلوم التربوية وبيان سبل تحصيل العلم، والعلاقة بين العالم والمتعلم، والتطرق للعديد من أساليب التربية وبيان أثرها، مما ينفي الجمود والركود في الفكر التربوي عن القرن السادس الهجري.
المطلب الأول اسم مؤلف الهداية ونسبه ومولده ونشأته
أولًا: اسمه ونسبه:
هو شيخ الإسلام الإمام برهان الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني (^٣) المرغيناني (^٤).
_________
(^١) العراق: بلد معروف، سمي بذلك لأنه دنا من البحر وفي حده اختلاف كبير، وهي أعدل أرض الله هواء وأصحها مزاجًا وماءً، تقع في جنوب وشرق العراق دولة إيران، وفي شمالها دولة تركيا، وفي شمال غربها الجمهورية العربية السورية، وفي غربها دولة الكويت. انظر: معجم البلدان (٤/ ١٠٥).
(^٢) انظر: تاريخ العراق في العصر الحديث الأخير، لبدري محمد، مطبعة الإرشاد، بغداد، (ص ٢٩٦).
(^٣) الفرغاني: نسبة إلى فرغانة، ناحية بالمشرق، وهي إقليم واسع مشهور باسم "وادي فرغانة"، وتضم عددًا من المدن العريقة خمسة: منها في أوزبكستان، وبعضها الآخر في قرغيزستان وطاجيكستان.
انظر: معجم البلدان: ٤/ ٢٥٣، والأنساب: ٤/ ٣٦٧.
(^٤) المَرغِينَانِي: نسبة إلى مرغينان مدينة بفرغانة، وتسمى حاليًا بمرغيلان، وهي إحدى المدن الشهيرة في أوزبكستان. انظر: معجم البلدان: (٥/ ١٠٨)، والأنساب: (٥/ ٢٥٩).
المقدمة / 8
وذكر اللكنوي في مقدمته على "الهداية" أن نسبه ينتهي إلى أبي بكر الصديق ﵁ (^١).
ثانيًا: مولده ونشأته:
ولد الإمام المرغيناني عقيب صلاة العصر من يوم الاثنين الثامن من شهر رجب سنة إحدى عشرة وخمسمائة (٥١١ هـ).
ولم تزد كتب التراجم في ذكر أفراد أسرته عن أبيه وجده لأمه وأولًاده وحفيده، فأما أبوه وجده لأمه عمر بن حبيب أبو حفص القاضي فقد كان لهما أكبر الأثر في حياته العلمية وتربيته الدينية، حيث هيئا له النشأة العلمية، وحثاه على طلب العلم في باكورة شبابه، وكانا من مشايخه الأول،
وكان جده لأمه من جلة العلماء المتبحرين في الفقه والخلاف، وبدأ يلقِّنه مسائل الفقه والخلاف في عمر مبكر وأوصاه بالجد والمثابرة والاجتهاد في الطلب وأن يكون ذا همة عالية.
وقد أثرت فيه وصية جده، فثابر واجتهد ولم يفتر عن الطلب، نقل عنه تلميذه الزرنوجي أنه قال: "إنما غلبت شركائي بأني لم تقع لي الفترة في التحصيل" (^٢).
المطلب الثاني
شيوخه وتلاميذه
أولًا: شيوخ الإمام المرغيناني:
جمع المرغيناني لنفسه مشيخة، وسماها "مشيخة الفقهاء"، وقد وقف عليها القرشي وكتبها لنفسه، وعلق منها فوائد ونبه إليها أثناء التراجم، فبلغ عدد شيوخه اثنين وثلاثين شيخًا، كلهم من مشاهير علماء الحنفية (^٣)، ومنهم:
١ - والده ﵀، وهو أبو بكر بن عبد الجليل: درس عنده، وكان يوقف بداية الدرس على يوم الأربعاء، وكان المرغيناني يقفو أثره، ويقول: هكذا كان يفعل أبي (^٤).
٢ - جده لأمه: عمر بن حبيب، أبو حفص القاضي الإمام، من جلة العلماء المتبحرين في فن الفقه والخلاف، صاحب النظر في دقائق الفتوى والقضايا (^٥).
٣ - أحمد بن عبدالعزيز بن عمر، الصدر السعيد، تاج الدين، أخو الصدر الشهيد، تفقه على يد أبيه برهان الدين الكبير عبدالعزيز، وعلى يد شمس الأئمة بكر بن محمد الزرنجري، وتفقه عليه ابنه محمود صاحب الذخيرة وصاحب الهداية وغيرهما (^٦).
_________
(^١) انظر: سير أعلام النبلاء: (٢١/ ٢٣٢)، والجواهر المضية: (٢/ ٦٢٧)، وتاج التراجم: ص ٢٠٦، ومابعدها، والفوائد البهية: (ص ٢٣٠) ومابعدها.
(^٢) انظر: الجواهر المضية: ٢/ ٦٢٧، وتاج التراجم: ص ٢٠٦ ومابعدها، وتعليم المتعلم طريق التعلم:
ص ١٠١، والفوائد البهية: ص ٢٣٠ ومابعدها.
(^٣) انظر: الجواهر المضية: ٢/ ٦٢٧، وتاج التراجم: ص ٢٠٦ ومابعدها، والفوائد البهية: ص ٢٣٠ ومابعدها.
(^٤) انظر: تعليم المتعلم طريقة التعلم (ص ٩٠)، الجواهر المضية: ٢/ ٦٢٧.
(^٥) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٤٣ - ٦٤٤)، طبقات الحنفية (٢١٢)، التعليقات السنية (ص ٢٣١).
(^٦) انظر: الجواهر المضية (١/ ١٨٩ - ١٩٠)، طبقات الحنفية (ص ٢٢٨ - ٢٢٩)، الطبقات السنية
(ص ٢٢٩).
المقدمة / 9
٤ - أحمد بن عبد الرشيد بن الحسين البخاري، الملقب بقوام الدين، والد الإمام طاهر صاحب "الخلاصة"، أخذ العلم عن أبيه وله "شرح الجامع الصغير" (^١).
٥ - أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد، أبو الليث، ابن شيخ الإسلام أبي حفص عمر النسفي، يعرف بالمجد (^٢).
٦ - أبو بكر بن حاتم الرشداني، ويعرف بالحكيم، ذكره المرغيناني في معجم شيوخه (^٣).
٧ - أبو بكر بن زياد المرغيناني، الإمام، الزاهد، الخطيب، خطب بمرغينان مدة، كان مجتهدا في العبادة ذكره المرغيناني في معجم شيوخه (^٤).
٨ - الحسن بن علي بن عبدالعزيز المرغيناني، أبو المحاسن، ظهير الدين (^٥).
٩ - زياد بن إلياس، أبو المعالي، ظهير الدين، تلميذ الإمام أبي الحسن
البزدوي (^٦).
١٠ - سعيد بن يوسف الحنفي، القاضي، نزيل بلخ، سمع الحديث ببخارى (^٧).
١١ - صاعد بن أسعد بن إسحاق بن محمد بن أميرك المرغيناني، ضياء الدين (^٨).
١٢ - عبد الله بن أبي الفتح الخانقاهي (^٩)، المرغيناني (^١٠).
١٣ عبد الله بن محمد بن الفضل الصاعدي، الفراوي، أبو البركات، المقلب بصفي الدين (^١١).
١٤ - عثمان بن إبراهيم بن علي الخواقندي (^١٢)، الأستاذ، أحد مشايخ فرغانة (^١٣).
١٥ - عثمان بن علي بن محمد بن علي، أبو عمرو، البيكندي، البخاري، هو من أهل بخارى، ووالده من بيكند (^١٤)، روى عنه صاحب الهداية وذكره في مشيخته (^١٥).
_________
(^١) انظر: الجواهر المضية (١/ ١٨٨ - ١٨٩)، طبقات الحنفية (ص ٢٢٥)، كشف الظنون (١/ ٥٦٢).
(^٢) انظر: الجواهر المضية (١/ ٢٢٧ - ٢٢٨)، الطبقات السنية (ص ٢٧)، الفوائد البهية (ص ٥٥).
(^٣) انظر: الجواهر المضية (٤/ ١٠٦).
(^٤) انظر: الجواهر المضية (٤/ ١٠٦ - ١٠٧).
(^٥) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٧٤)، الفوائد البهية (١٠٧ - ١٠٨).
(^٦) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٢١٣)، طبقات الحنفية (٢٢٣ - ٢٢٤).
(^٧) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٢٥ - ٢٢٦).
(^٨) انظر: الجواهر المضية (١/ ٣٨١).
(^٩) الخانقاهي: بفتح الخاء المعجمة والنون بينهما، وفتح القاف، وفي آخرها الهاء، هذه النسبة إلى خانقاه. انظر: الأنساب للسمعاني (٢/ ٣١٣)، اللباب في تهذيب الأنساب (١/ ٤١٥).
(^١٠) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٣٢٣).
(^١١) انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(^١٢) الخواقندي: بضم الخاء المعجمة، والقاف المفتوحة، بينهما الواو والألف ثم النون الساكنة وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى خواقند، بلدة من بلاد فرغانه. انظر: الأنساب للسمعاني (٢/ ٤١٢).
(^١٣) انظر: طبقات الحنفية (٢٢٩ - ٢٣٠).
(^١٤) بيكند بالكسر وفتح الكاف وسكون النون بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى لها ذكر في الفتوح وكانت بلدة كبيرة حسنة كثيرة العلماء. انظر: معجم البلدان (١/ ٥٣٣).
(^١٥) انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٣٣٦ - ٣٣٧)، شذرات الذهب (٤/ ١٦٢).
المقدمة / 10
١٦ - علي بن محمد بن إسماعيل الإسبيجابي السمرقندي، المعروف بشيخ الإسلام، سكن سمرقند، وصار المفتي (^١).
١٧ - عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازه، برهان الأئمة، أبو محمد، حسام الدين، المعروف بالصدر الشهيد، ذكره المرغيناني في مشيخته (^٢).
١٨ - عمر بن عبد الله البسطامي، أبو شجاع، ضياء الإسلام ذكره المرغيناني في مشيخته، وقال: هو من كبراء مشايخ بلخ (^٣).
١٩ - فضل الله بن عمران، أبو الفضل، الأشفورقاني (^٤)، الإمام والزاهد، قال المرغيناني: قدم علينا مرغينان، وأجاز لي ما له فيه حق الرواية، من مسموع ومجاز إجازة مطلقة، وكتب بخط يده (^٥).
٢٠ - محمد بن أحمد بن عبدالله الخطيبي (^٦) الجادكي، قال المرغيناني: رأيته برشدان (^٧)، وقرأت عليه أحاديث وأجاز لي، وذكره في مشيخته (^٨).
٢١ - محمد بن الحسن بن مسعود بن الحسن، المعروف أبوه بإبن الوزير، ذكره المرغيناني في مشيخته، وقد أجازه بمرو إجازة عامة لجميع مسموعاته ومستجازاته، من جملتها شرح الآثار للطحاوي (^٩).
٢٢ - محمد بن الحسين بن ناصر بن عبدالعزيز النوسوخي (^١٠)، الملقب
_________
(^١) انظر: تاج التراجم (٢٢١٢ - ٢١٣)، كشف الظنون (١/ ١٦٢٧).
(^٢) انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٩٧)، مفتاح السعادة (٢/ ٢٧٧).
(^٣) انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٤٥٢)، شذرات الذهب (٤/ ٢٠٦)، الفوائد البهية (ص ٢٤٤ - ٢٤٥).
(^٤) أشفورقان: من قرى مرو الروذ والطالقان فيما يحسب ياقوت. انظر: معجم البلدان (١/ ١٩٨).
(^٥) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٩١ - ٦٩٢).
(^٦) الخطيبي: بفتح الخاء الموحدة، وكسر الطاء المهلمة، وبعدها ياء، وباء موحدة، هذه النسبة إلى الخطيب، قال السمعاني: ولعل أحدًا من أجداد المنتسب إليه كان يتولى الخطابة. انظر: الأنساب للسمعاني (٢/ ٣٨٥)، الجواهر المضية (٤/ ١٩٣).
(^٧) هكذا في كتب التراجم، والمذكور في معجم البلدان (٣/ ٤٥): رشتان، ولعله المقصود؛ لأن التاء قريبة من الدال عند النقل إلى اللغة الأخرى، ورشتان: بكسر الراء، وبعد الشين تاء مثناة من فوقها، وآخره نون: من قرى مرغينان، ومرغينان من قرى فرغانة بما وراء النهر.
(^٨) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٣٧).
(^٩) انظر: الجواهر المضية (٤/ ١٣٣).
(^١٠) النَّوسُوخي: نسبة إلى نوسوخ، بلدة من بلاد فرغانة وذكر اللكنوي في الفوائد البهية (ص ٢٧٣): أنه بَندَنِيجِيّ، نسبة إلى بندنيج، بفتح الباء المنقوطة الموحدة، بلدة من بلاد فرغانة أيضًا.
المقدمة / 11
بضياء الدين، تفقه عليه المرغيناني، وسمع منه كتاب الصحيح لمسلم (^١).
٢٣ - محمد بن عمر بن عبد الملك الصفار، أبو ثابت، المستملي (^٢).
٢٤ - محمد بن محمود بن علي، العلامة أبو الرضا، الطرازي، سديد الدين (^٣).
ثانيًا: تلاميذ الإمام المرغيناني:
لقد تفقه على يد الإمام المرغيناني جم غفير، وتخرج على يديه خلق كثير ممن صار لهم شأن في المذهب درسا وإفتاء فيما بعد (^٤)، ولا غرابة فمن كان مثله في العلم والفضل لابد وأن يكثر تلاميذه، فالمنهل العذب كثير الزحام دائما ومن هؤلاء:
١ - عماد الدين بن علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني، المرغيناني، ابن صاحب الهداية (^٥).
٢ - عمر بن علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني، المرغيناني، أبو حفص، الملقب بنظام الدين، ابن صاحب الهداية، من آثاره: جواهر الفقه، الفوائد (^٦).
٣ - محمد بن علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني، المرغيناني، انتهت إليه رئاسة المذهب في عصره وأقر له بالفضل والتقدم أهل عصره (^٧).
٤ - برهان الإسلام الزرنوجي، صاحب كتاب "تعليم المتعلم طريق التعلم" وأكثر فيه من ذكر شيخه برهان الدين المرغيناني ونقل عنه في عدة مواضع (^٨).
٥ - عمر بن محمود بن محمد، القاضي، الإمام، أحد من تفقه على يديه،
قال صاحب الهداية: (قدم من رشدان للتفقه علي، وواظب على وظائف درسي مدة) (^٩).
٦ - المحبر بن نصر، أبو الفضائل، الإمام فخر الدين، الدهستاني، تفقه على يد الإمام المرغيناني، مات سنة ٦٠٥ هـ (^١٠).
٧ - محمد بن عبدالستار بن محمد، العمادي، الكردري، البراتقيني (^١١).
_________
(^١) انظر: الجواهر المضية (٣/ ١٤٦ - ١٤٧)، الفوائد البهية (ص ٢٧٣ - ٢٧٤).
(^٢) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٢٨٦ - ٢٨٧).
(^٣) انظر: طبقات الحنيفية (٤/ ١٣١)، الجواهر المضية: (٣/ ٣٦٣، ٣٦٤).
(^٤) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٢٨)، الفوائد البهية (ص ٢٣١).
(^٥) انظر: كشف الظنون (٢/ ١٢٧)، الفوائد البهية (ص ١٥٩ - ١٦٠).
(^٦) انظر: طبقات الحنفية (ص ٢٥٧)، هدية العارفين (١/ ٧٨٢).
(^٧) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٢٧٧)، طبقات الحنفية (ص ٢٥٧).
(^٨) انظر: الجواهر المضية (٢/ ١٤٦)، الفوائد البهية (ص ٩٣).
(^٩) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٧١).
(^١٠) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٤٢١).
(^١١) انظر: سير أعلام النبلاء (٢٣/ ١١٢ - ١١٣)، تاج التراجم (ص ٢٦٧ - ٢٦٨).
المقدمة / 12
٨ - محمد بن علي بن عثمان، القاضي، السمرقندي، كان مفتيا، مشارا إليه (^١).
٩ - محمد بن محمود بن حسين، مجد الدين، الأستروشني (^٢) أخذ عن أبيه وعن أستاذ أبيه الإمام المرغيناني (^٣).
١٠ - محمود بن حسين، شيخ الإسلام، الملقب بجلال الدين، وبرهان الدين، الأستروشني، تفقه على يد الإمام المرغيناني (^٤).
١١ - محمود بن أبي الخير أسعد البلخي، برهان الدين، الشيخ، الإمام، العالم، لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو، واللغة، والفقه، والحديث، تفقه على يد الإمام المرغيناني (^٥)، صاحب الهداية (^٦).
المطلب الثالث
حياته، وآثاره العلمية، وثناء العلماء عليه
أولًا: حياته:
كان إمامًا، فقيهًا، حافظًا، محدثًا، مفسرًا، جامعًا للعلوم، ضابطًا للفنون، متقنًا، محققًا، نظارًا، مدققًا، زاهدًا، ورعًا، بارعًا، فاضلًا، ماهرًا، أصوليًا، أديبًا، شاعرًا، وله اليد الباسطة في الخلاف، والباع الممتد في المذهب (^٧).
ثانيًا: آثاره العلمية:
لقد خلف الإمام المرغيناني للأجيال اللاحقة ثروة علمية ينتفع بها بعد موته، كلها نافعة، مفيدة، تعد مراجع أصيلة في المذهب الحنفي.
قال اللكنوي: (كل تصانيفه مقبولة، معتمدة، لاسيما الهداية، فإنه لم يزل مرجعا للفضلاء، ومنظرا للفقهاء) (^٨)، وأشهر مؤلفاته التي أتفق عليها أصحاب التراجم:
١ - بداية المبتدي: هو متن كتاب الهداية، كان الباعث له على تأليفه، هو تطلعه إلى أن يجمع العلم الكثير في القول الوجيز، مع وضوح العبارة، وجودة في الأسلوب، ورقة في المعاني، جمع فيه مسائل الجامع الصغير للإمام محمد بن الحسن الشيباني، والمختصر لأبي الحسين القدوري، واختار فيه ترتيب الجامع الصغير، وهو مطبوع (^٩).
_________
(^١) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٢٦٥).
(^٢) الأسُتَرُوشِني: نسبة إلى أستروشنة وهي مدينة عظيمة تقع في أقليم أستروشنة في شرق سمرقند. انظر: بلدان الخلافة الشرقية (ص ٥١٧ - ٥١٨).
(^٣) انظر: تاج التراجم (ص ٢٧٩)، كشف الظنون (٢/ ١٢٦٦).
(^٤) انظر: الفوائد البهية (ص ٣٤١).
(^٥) انظر: الجواهر المضية: (٢/ ٦٢٧، ٦٢٨)، وطبقات الحنفية لابن الحنائي (ص ٢١١،) ٢١٢، وتاج التراجم: (ص ٢٠٦، ٢٠٧)، وتعليم المتعلم طريق التعلم: (ص ٩٠، ١٠١)، والفوائد البهية:
(ص ٢٣٠ - ٢٣٢)، التعليقات السنية: (ص ٢٢٩ - ٢٣١).
(^٦) انظر: الإعلام بما في تاريخ الهند من الأعلام للشيخ: عبدالحي الحسني (١/ ١١٧ - ١٢٧).
(^٧) انظر: الجواهر المضية: (٢/ ٦٢٧)، وتاج التراجم: (ص ٢٠٦، ٢٠٧)، وتعليم المتعلم طريق التعلم:
(ص ١٠١)، والفوائد البهية) ص ٢٣٠ - ٢٣٢)، ومقدمة الهِدَايَة للكنوي: (٣/ ٢).
(^٨) انظر: الفوائد البهية (ص ٢٣٣).
(^٩) انظر: تاج التراجم (ص ٧٠٢)، مفتاح السعادة (٢/ ٢٣٨)، كشف الظنون (١/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
المقدمة / 13
٢ - الهداية في شرح البداية: أشهر مؤلفات المرغيناني، وبها اشتهر، فصار يقال له: صاحب الهداية. وسيأتي الحديث عنه في مبحث خاص به إن شاء الله تعالى.
٣ - منتقى الفروع: عده الكفوي من تصانيف الإمام المرغيناني، وتابعه اللكنوي (^١)
٤ - كتاب الفرائض أو فرائض العثماني: قال في كشف الظنون: " قال (أي: صاحب الهداية) فيها بعد الحمد: "هذا مجموع يلقب بالعثماني" … وكان المتن للشيخ العثماني، وأعرض (أي: الشيخ العثماني) عن ذكر الرد، وذوي الأرحام، وما عداه من تفريعات الأحكام، فأصلح ذلك المرغيناني، وذكر بعد انتهائه زوائد وفوائد من عدة كتب، وذلك إكراما له، تواضعا، لا لاحتياجه إلى تصحيح كتاب غيره، مع غزارة علمه، وعدم مثله، وكثرة فضله، وقدرته على تصنيف كتاب من عنده".
وذكر من شروح الكتاب: شرح الشيخ منهاج الدين إبراهيم بن سليمان السراي ﵀ (^٢).
٥ - التجنيس والمزيد: الكتاب كما يظهر مما سماه به مؤلفه: "التجنيس والمزيد، وهو لأهل الفتوى خير عتيد"، عبارة عن مجموعة أحكام فقهية متنوعة في فروع مذهب الإمام أبي حنيفة، التي استنبطها المتأخرون، ولم ينص عليها المتقدمون، إلا ما شذ عنهم في الرواية.
ذكر المؤلف في خطبة الكتاب أن تأليفه هذا تتمة لما بدأ بجمعه، شيخه الصدر الشهيد، حسام الدين، عمر بن عبدالعزيز (ت ٥٣٦ هـ) من كتب المتأخرين (^٣)، ولم يكتف المرغيناني بجمع الأقوال فحسب، بل قام بتنظيمها تنظيمًا جيدًا مع بيان الحجج والأدلة العقلية والنقلية، هذا إلى جانب آرائه الخاصة، وأقواله السديدة التي أبرزت شخصيته الفقهية لترجيحاته معللًا لبعض الأقوال على الأخرى (^٤)، وقد طبع جزء منه يمثل ربع الكتاب تقريبا (^٥).
٦ - "نشر المذاهب"، وذكره اللكنوي باسم "نشر المذهب" (^٦).
٧ - مختارات النوازل: جمع فيه مجموعة من فتاوى النوازل، ولا يزال الكتاب مخطوطا، وقد حقق قسم العبادات منه بالجامعة الإسلامية.
٨ - كفاية المنتهى: وهو شرح للبداية، وفاء بوعده، شرحا، مطولا، في نحو ثمانين مجلدًا وسماه كفاية المنتهي، قال في مقدمة الهداية (وقد جرى علي الوعد، في مبدأ بداية المبتدئ، أن أشرحها، بتوفيق الله تعالى، شرحا، أرسمه بكفاية المنتهي، فشرعت فيه، والوعد يسوغ بعض المساغ) (^٧)، وهو كتاب مفقود، قال العيني: (وهو كتاب معدوم، لم يوجد في ديار العراق، والشام، ومصر) (^٨)، وقال علي القاري: (إنه فقد في وقعة التتار ولم يوجد) (^٩).
_________
(^١) الفوائد البهية (ص ٢٣١).
(^٢) انظر: تاج التراجم (ص ٢٠٧)، مفتاح السعادة (٢/ ٢٣٨)، كشف الظنون (٢/ ١٢٥٠ - ١٢٥١).
(^٣) انظر: التجنيس والمزيد (١/ ٨٩ - ٩٢).
(^٤) انظر: كشف الظنون (١/ ٣٥٢ - ٣٥٣).
(^٥) انظر: تاج التراجم (ص ٢٠٦)، طبقات الحنفية (ص ٢٤٢).
(^٦) انظر: كشف الظنون (٢/ ١٩٥٣)، الفوائد البهية (ص ٢٣١).
(^٧) انظر: الهِدَايَة (١/ ١٤ - ١٥).
(^٨) انظر: البناية (٩/ ١٦٨).
(^٩) انظر: مفتاح السعادة (٢/ ٢٣٨)، كشف الظنون (١/ ٢٥٣).
المقدمة / 14
ثالثًا: ثناء العلماء عليه:
أثنى على صاحب الهداية علماء فحول، من شيوخه، ومعاصريه، وتلامذته، وممن جاء بعده، فأطنبوا في وصفه، وأسهبوا في مدحه، وشهروا مآثره، وشيدوا فضائله، وقد كان ﵀ لجميل الذكر حقيقا، ولحن الوصف خليقا.
فمن شيوخه الذين أذعنوا له:
١ - شيخ الإسلام علي بن محمد الإسبيجابي (ت ٥٣٥ هـ)، قال صاحب الهداية: (وشرفني، ﵀، بالإطلاق في الإفتاء، وكتب لي بذلك كتابًا، بالغ فيه وأطنب) (^١).
٢ - الصدر الشهيد عمر بن عبدالعزيز بن مازه (ت ٥٣٦ هـ)، قال صاحب الهداية: (وكان يكرمني غاية الإكرام، ويجعلني في خواص تلاميذه في الأسباق الخاصة) ولاشك أن مثل هذه العناية الزائدة من الشيخ لتلميذه لا يكون إلا لنباهة فيه وتفوق.
وممن عاصره من كبار الفقهاء وأعيان العصر، واعترفوا بفضله وتقدمه:
الفقيه المشهور الإمام فخر الدين قاضيخان (ت ٥٩٢ هـ) (^٢)، والإمام زين الدين العتابي (ت ٥٨٦ هـ)، وصاحب المحيط والذخيرة برهان الدين محمود بن أحمد بن عبدالعزيز (ت ٦١٦ هـ) (^٣)، وصاحب الفتاوى الظهيرية القاضي ظهير الدين البخاري (ت ٦١٩ هـ) (^٤)، وأما المثنون عليه ممن جاء بعده:
١ - وصفه العلامة جمال الدين بن مالك النحوي (ت ٦٧٢ هـ) بأنه كان يعرف ثمانية علوم (^٥).
٢ - ووصفه الإمام الذهبي (ت ٧٤٨ هـ)، فقال: (عالم ما وراء النهر، برهان الدين، أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبدالجليل المرغيناني، الحنفي، … وكان من أوعية العلم، رحمه الله تعالى) (^٦).
٣ - قال الحافظ عبدالقادر القرشي، الحنفي (ت ٧٧٥ هـ): (وهو علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني، شيخ الإسلام، برهان الدين، المرغيناني، العلامة، المحقق، صاحب الهداية، أقر له أهل عصره بالفضل والتقدم) (^٧).
٤ - ووصفه الإمام أكمل الدين البابرتي (ت ٧٨٦ هـ) صاحب العناية شرح الهداية بقوله: (شيخ مشايخ الإسلام، حجة الله على الأنام، مرشد علماء الدهر، ما تكررت الليالي والأيام، المخصوص بالعناية، صاحب الهداية) (^٨).
_________
(^١) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٥٩٢).
(^٢) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٢٧)، الفوائد البهية (ص ٢٣١).
(^٣) انظر: الفوائد البهية (ص ٢٣١).
(^٤) انظر: تاج التراجم (ص ٢٣٢)، مفتاح السعادة (٢/ ٢٥٢).
(^٥) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٢٨).
(^٦) انظر: سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٣٢).
(^٧) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٢٧).
(^٨) انظر: العِنَايَة (١/ ٢).
المقدمة / 15
٥ - وذكره الكمال ابن الهمام صاحب فتح القدير (ت ٨٦١ هـ) بمثل ما ذكره البابرتي رحمهما الله (^١).
٦ - وقال الكفوي في وصفه: (وكان فارسا في البحث، عديم النظير، مفرط الذكاء، إذا حضر في مجلس كان هو المشار إليه، والفتاوى تحمل من أقطار الأرض إلى ما بين يديه، وكان الطلبة ترحل إليه من البلاد للتفقه عليه، له في العلوم آثار ليس لغيره) (^٢).
٧ - ووصفه العلامة خير الدين الزركلي قائلا: (علي بن أبي بكر بن عبدالجليل الفرغاني، المرغيناني، من أكابر فقهاء الحنفية، نسبته إلى مرغينان من نواحي فرغانة، كان حافظا، مفسرا، محققا، أديبا) (^٣).
المطلب الرابع
مذهبه وعقيدته
أولًا: مذهبه:
الإمام المرغيناني من أئمة المذهب الحنفي، فهو الفقيه الحنفي صاحب البداية والهداية، ذو فضل وسعة علم وفقه، وقد كان مطلع على أنواع شتى من الفنون، وصنف ودرس، وأفتى وعلم، وحاجج وناظر، ومصنفاته تدل على سعة علمه وما يملكه من أفق واسع في شتى العلوم.
ثانيًا: عقيدته:
من خلال مطالعتي لعدد من المصادر التي ترجمت للمرغيناني؛ لم ألاحظ أنها اهتمت بإبراز جانب الاعتقاد في حياته، أو توضيح معتقده، كما أن المرغيناني لم يتعرض فيما وقع في يدي من كتبه إلى مسألة عقدية يمكن من خلالها معرفة تفاصيل معتقده، غير أن من ترجم له كانوا يثنون عليه، ويصفونه بأنه إمام عصره، وعالم بالمنقول والمعقول، وله باع في الكتابة والتصنيف، ولكن من خلال الاطلاع والبحث لاحظت أمورًا قد يستدل بها على عقيدته منها:
١ - قوله ﵀: (في حديث عمار بن ياسر ﵁ حين ابتلى به وقد قال له النبي ﵊: "كيف وجدت قلبك" قال: مطمئنًا بالإيمان فقال ﵊: "فإن عادوا فعد" وفيه نزل قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ (^٤) الآية، ولأن بهذا الإظهار لا يفوت الإيمان حقيقة لقيام التصديق وفي الامتناع فوت النفس حقيقة فيسعه الميل إليه …) (^٥).
ومن المعلوم أن جمهور الماتريدية يقولون إن الايمان هو التصديق (^٦) خلافًا لمذهب أهل السنة والجماعة والذين يقولون إن الإيمان قول وعمل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمن قال إن الإيمان قول وعمل فمراده قول اللسان والقلب وعمل القلب والجوارح) (^٧).
_________
(^١) انظر: فتح القدير (١/ ٦).
(^٢) انظر: أعلام الأخيار (ص ٢٠١).
(^٣) انظر: معجم المؤلفين (٧/ ٤٥).
(^٤) سورة النحل من الآية (١٠٦).
(^٥) انظر: الهداية (٣/ ٢٧٧).
(^٦) انظر: شرح العقائد النسفية ص (١٢٠)، شرح المقاصد في علم الكلام (٥/ ١٧٦).
(^٧) انظر: كتاب الإيمان (ص ١٦٢ - ١٦٢).
المقدمة / 16
٢ - ما ذكره الألوسي ﵀: من سلسلة إسناده في إجازة كتب أبي منصور الماتريدي الاعتقادية وغيرها، وفي سندها الإمام المرغيناني (^١).
وهذا يظهر منه أنه على معتقد الماتريدية، هذا ما وصلت إليه بعد البحث، وأستغفر الله عن الخطأ، فهذا العالم بذل الكثير من جهده ووقته لنشر العلم، أسأل المولى له الرحمة والمغفرة وأن يجزيه بالحسنات إحسانًا وبالسيئات عفوًا وغفرانا.
المطلب الخامس
وفاته
توفي الإمام المرغيناني ليلة الثلاثاء، الرابع عشر من ذي الحجّة، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة (٥٩٣ هـ، الموافق لسنة ١١٩٧ م)، ودفن بسمرقند، إحدى المدن العريقة ببلاد ما وراء النهر، وتقع حاليًا في جمهورية أوزبكستان (^٢).
المبحث الثاني نبذة مختصرة عن كتاب (الهداية)
وفيه تمهيد وثلاثة مطالب:
التمهيد: … ويشتمل على أهمية الكتاب ومنزلته ومنهجه.
المطلب الأول: أهمية هذا الكتاب.
المطلب الثاني: منزلته في المذهب الحنفي.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.
التمهيد
هذا الكتاب العظيم "الهداية" كما سماه به مؤلفه، شرح لمتن، واختصار لكتاب في وقت واحد، وذلك أنه خطر ببال المؤلف في أول الأمر أن يؤلف كتابا في الفقه، جامعا لأنواع المسائل، صغيرا في الحجم كبيرا في الرسم، وكان من متون المذهب المشتهرة المتداولة إذ ذاك كتابان:
الأول: "مختصر القدوري" للإمام أبي الحسين أحمد بن محمد القدوري
﵀.
الثاني: "الجامع الصغير" للإمام محمد بن الحسن الشيباني ﵀.
فوقع اختيار صاحب "الهداية" على هذين الكتابين لمكانتهما عند العلماء، فجمع مسائلهما في كتاب سماه "بداية المبتدي"، اختار فيه ترتيب "الجامع الصغير"، ثم وفق لشرح هذا الكتاب، فشرحه شرحا طويلا، وسماه "كفاية المنتهي"، ولما كاد أن يفرغ منه تبين له فيه الإطناب، وخشي أن يهجر لأجله الكتاب، فاختصره بكتابه هذا الذي سماه "الهداية"، جمع فيه بين الرواية والدراية، وذكر أصول المسائل وترك الزوائد في كل باب (^٣).
_________
(^١) انظر: غرائب الاغتراب (ص: ١٣٤).
(^٢) انظر: سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٣٢)، الجواهر المضية (١/ ٣٨٣)، تاج التراجم (ص: ٢٠٦)، الفوائد البهية (ص ١٤١)، الأعلام للزركلي: (٣/ ٣٤٤).
(^٣) انظر: مقدمة الهِدَايَة شرح البداية (١/ ١٤).
المقدمة / 17
ولعظم هذا الكتاب اهتم العلماء به، ويظهر ذلك حينما نرى التزام بعض العلماء بقراءته وتدريسه طوال حياته حتى عرف بقارئ الهداية، ومنهم من انصرف إلى حفظه واستظهاره، واهتمامهم بتأليف شروح له.
من أهم شروح كتاب الهداية وأشهرها:
١ - وقاية الرواية في مسائل الهداية: (وهي مختصر للهداية) للعلامة تاج الشريعة أو برهان الشريعة أو برهان الدين صدر الشريعة الأول عبيد الله بن محمود المحبوبي ﵀ (ت ٧٤٧ هـ).
٢ - النقاية شرح الوقاية للعلامة عبيدالله بن مسعود بن تاج الشريعة الملقب بصدر الشريعة الأصغر ﵀ (ت ٧٤٧ هـ).
٣ - فتح باب العناية بشرح النقاية للعلامة علي بن سلطان القاري ﵀ (ت ١٠١٤ هـ).
٤ - العناية في شرح النقاية للعلامة صالح بن محمد بن عبدالله بن أحمد التمرتاشي الغزي ﵀ (ت ١٠٥٥ هـ).
٥ - مذيلة الدراية لمقدمة الهداية للشيخ أبي الحسنات محمد عبدالحي بن محمد عبد الحليم اللكنوى الهندي الحنفي الأنصاري ﵀ المتوفى سنة (١٣٠٤ هـ).
٦ - عمدة الرعاية لحل ما في شرح الهداية للعلامة اللكنوى ﵀
(ت ١٣٠٤ هـ).
٧ - العناية للعلامة أكمل الدين محمد بن محمود بن أحمد البابرتى ﵀
(ت ٧٨٦ هـ).
٨ - البناية للعلامة بدر الدين محمود بن أحمد العيني ﵀ (ت ٨٥٥ هـ) وعليه تعليقات للعلامة المولوي محمد عمر الشهير بناصر الدين الرامفوري
﵀.
٩ - فتح القدير للعاجز الفقير على الهداية للعلامة محمد بن عبد الواحد المعروف بالكمال بن الهمام ﵀ (ت ٨٦١ هـ)، وعليه ذيل بعنوان (نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار) للعلامة شمس أحمد قاضي زاده ﵀ (ت ٩٨٨ هـ) وله تتمة للعلامة محمد ابن عبدالرحمن الحنفي ﵀.
المطلب الأول
أهمية هذا الكتاب
إن أقوى ما يستدل به على أهمية أي كتاب هو اهتمام العلماء واعتناؤهم به، ولا شك أن كتاب "الهداية" قد لقي من الخواص والعوام قبولًا، ومن العلماء والفضلاء اعتناء لا يوجد له مثيل، فمن مظاهر ذلك الاعتناء:
١ - أنهم رووه بالسند عن مؤلفه، وتداولوه رواية، وإجازة، وقراءة، فافتتح كثير من الشراح كالبابرتي (^١)، والعيني (^٢)، وابن الهمام (^٣)، وغيرهم شروحاتهم بذكر أسانيدهم إلى صاحب "الهداية" وقد تقدم في ترجمة الإمام محمد بن عبدالستار الكردري- ﵀، تلميذ صاحب الهداية أنه راوي الكتاب عن مؤلفه.
_________
(^١) انظر: العِنَايَة (١/ ٢).
(^٢) انظر: البناية (١/ ٢٤).
(^٣) انظر: فتح القدير (١/ ٥ - ٧).
المقدمة / 18
ولقب الإمام سراج الدين عمر بن علي بـ "قارئ الهداية" لكثرة قراءته وعرضه له على مشايخه (^١)، بل كان لكتاب "الهداية" حفظة، حفظوه عن ظهر قلب، مع أنه ليس بصغير الحجم، كالشيخ شهاب الدين محمود بن أبي بكر بن عبد القاهر
(ت ٦٧٥) (^٢)، والإمام محمد بن الحسن الحلبي ﵀ (ت ٧٤٤ هـ) حفظه في صغره، وعرضه على جماعة (^٣).
٢ - أنهم تداولوه درسًا وتدريسًا في الحلقات العلمية والمدارس والمعاهد والجامعات، من عصر المؤلف إلى يومنا هذا.
قال العيني في خطبة كتابه البناية: (صار - أي: كتاب الهداية- عمدة المدرسين في مدارسهم، وفخر المصدرين في مجالسهم، فلم يزالوا مشتغلين به في كل زمان، ويتدارسونه في كل مكان) (^٤).
٣ - يُعَدُّ كتاب "الهداية" من المصادر الأساسية، والمراجع اللازمة للمؤلفين في الفقه الحنفي، فهذا الزيلعي في التبيين (^٥)، وابن نجيم في البحر (^٦)، وابن عابدين في حاشيته (^٧)، وغيرهم أكثروا الإحالات عليه، واعتمدوا تخريجه للمسائل، وتقريره للدلائل، ونقله لمذاهب أئمة المذهب (^٨).
٤ - يعتبر كتاب "الهداية" من كتب المذهب التي عليها المعول في الفتوى، قال البدر العيني في خطبة شرحه: (وذلك - أي: مالقي كتاب الهداية من القبول - لكونه … مشتملا على مختار الفتوى) (^٩).
٥ - ترجمة كتاب "الهداية" إلى شتى اللغات، حتى يتسنى للجميع الاستفادة من هذا الكتاب، خاصة طلبة المدارس والمعاهد (^١٠).
٦ - حظي كتاب "الهداية" بثناء بالغ من علماء المذهب قل مثله لكتاب آخر، كيف وقد وجد قبولًا منذ عهد مؤلفه (^١١).
_________
(^١) انظر: كشف الظنون (٢/ ٢٠٣٣).
(^٢) انظر: الجواهر المضية (٣/ ١٣٧).
(^٣) انظر: الجواهر المضية (٣/ ٤٥٦ - ٤٥٧).
(^٤) انظر: البناية (١/ ٢٢).
(^٥) انظر: تبيين الحقائق (١/ ١٨٢).
(^٦) انظر: الأشباه والنظائر (١/ ٤٩).
(^٧) انظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٨٠).
(^٨) انظر: التنبيه على مشكلات الهِدَايَة (١/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(^٩) انظر: البناية (١/ ٢٢).
(^١٠) انظر: مقدمة المحقق التجنيس والمزيد (١/ ٤٣).
(^١١) انظر: الجواهر المضية (٢/ ٦٢٨).
المقدمة / 19
المطلب الثاني
منزلته في المذهب الحنفي
يُعَدُّ كتاب "الهداية" من المصادر الأساسية والمراجع اللازمة للمؤلفين لمن بعده في الفقه الحنفي.
قال اللكنوي ﵀: (كل تصانيفه مقبولة، معتمدة، لاسيما كتاب "الهداية"، فإنه لم يزل مرجعًا للفضلاء ومنظرًا للفقهاء) (^١).
وقد أولاه علماء الحنفية عناية فائقة، وأثنوا عليه عطرًا فقالوا: هو أصل جليل في الفقه، وكتاب فيه نفع كبير، وخير كثير، يشتمل على أمهات مسائل أصحابنا (^٢) وعيوبها، وأنواع النوازل وفنونها» (^٣).
المطلب الثالث
منهج المؤلف في الكتاب
قال الإمام المرغيناني-﵀: (قد جرى علي الوعد في مبدأ بداية المبتدي أن أشرحها بتوفيق الله تعالى شرحا أرسمه بـ كفاية المنتهى فشرعت فيه والوعد يسوغ بعض المساغ وحين أكاد أتكئ عنه اتكاء الفراغ تبينت فيه نبذا من الإطناب، وخشيت أن يهجر لأجله الكتاب، فصرفت العنان والعناية إلى شرح آخر موسوم
بـ الهداية أجمع فيه بتوفيق الله تعالى بين عيون الرواية، ومتون الدراية، تاركا للزوائد في كل باب، معرضا عن هذا النوع من الإسهاب، مع أنه يشتمل على أصول ينسحب عليها فصول، وأسأل الله تعالى أن يوفقني لإتمامها ويختم لي بالسعادة بعد اختتامها حتى أن من سمت همته إلى مزيد الوقوف يرغب في الأطول والأكبر، ومن أعجله الوقت عنه يقتصر على الأقصر والأصغر، وللناس فيما يعشقون مذاهب والفن خير كله) (^٤).
وكما قلنا إن كتاب "الهداية" شرح لمتن واختصار لكتاب في وقت واحد، وذلك أنه خطر ببال المؤلف في أول الأمر أن يؤلف كتابا في الفقه، جامعا لأنواع المسائل، صغيرا في الحجم كبيرا في الرسم، وكان من متون المذهب المشتهرة المتداولة إذ ذاك كتابان: "مختصر القدوري" للإمام أبي الحسين أحمد بن محمد القدوري، و"الجامع الصغير" للإمام محمد بن الحسن الشيباني.
فكتاب "الهداية" شرح لـ"البداية" واختصار لـ"الكفاية"، وهو شرح موجز اللفظ، واضح المعنى، حسن السبك، جامع لأحكام المسائل المذهبية وأدلتها، مع التعريج على ذكر آراء المخالفين، دل فيه على علم غزير وذوق سليم (^٥).
وإن من اصطلاحاته إذا قال: (الحديث محمول على المعنى الفلاني) يريد به أن أئمة الحديث قد حملوه على ذلك المعنى.
وإذا قال: (يحمل ما رواه فلان على كذا-بصيغة المجهول-) يريد به أن أئمة الحديث لم يحملوه على المعنى المذكور، كما قال في نواقض الوضوء، وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه الشافعي رحمه الله تعالى على القليل؛ فإنه أراد الحديث وهو أن النبي ﷺ: قاء فلم يتوضأ.
_________
(^١) انظر: الفوائد البهية: (ص ٢٣٢).
(^٢) أصحابنا: المقصود الأئمة الثلاثة أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن.
انظر: حاشية ابن عادين (١/ ٦٩).
(^٣) انظر: النافع الكبير: (ص ٣٢)، والمذهب الحنفي: (٢/ ٤٥٤).
(^٤) انظر: مقدمة الهِدَايَة شرح البداية: ١/ ١٤.
(^٥) انظر: مقدمة بداية المبتدي.
المقدمة / 20