The Curriculum: Past and Present
المنهج بين الماضي والحاضر
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
ایڈیشن نمبر
السنة الحادية عشرة
اشاعت کا سال
العدد الثاني غرة ذي الحجة عام ١٣٩٨هـ
اصناف
بعجزه عن مجازاة الغرب في الإنتاج فقد بؤنا بالإخفاق الذريع وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطرًا داهمًا يتعرض به التراث الحضاري الغربي لكارثة تاريخية ينتهي بها الغرب وتنتهي معه وظيفته القيادية ". اهـ.
والأصل أن يتلقى المسلم العلوم الكونية من مسلم ارتبط علمه بعقيدته، فإذا لم يوجد العالم المسلم الذي يغني المسلمين عن التلقي على أيدي الكافرين فإن أخذ العلم عنهم عندئذ متعين ولكن ليس لكل فرد من أفراد المسلمين أن يكون ذلك المتلقي بل الواجب أن يختار الأفراد الذين لا يخشى عليهم من دسائس الكافرين وشبهاتهم ممن أعدوا إعدادًا خاصًا في تصورهم الصحيح للإسلام وربوا تربية إيمانية ثابتة ودربوا على السلوك الإسلامي حتى أصبح يسري في أرواحهم ودمائهم ويجب أن يتلقوا فقط العلوم الكونية البحتة وألا يتلقوا شيئًا من الجوانب الاعتقادية أو الأخلاقية أو التشريعية أو الاجتماعية، وأن يكونوا عالمين أن تلقيهم عن هؤلاء الأعداء إنما هو من باب الاضطرار كأكل الميتة يقدر بقدره فإذا أصبح في استطاعة المسلمين الاستغناء بعلمائهم كان لزامًا عليهم بذل جهودهم لتعليم أبنائهم تعليمًا يفوقون به أعداءهم حتى يحققوا أمر الله ﷿:
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ .
وهذا هو السبيل الذي سلكه المسلمون في العصور الفاضلة عصور الفتح والعلم والقيادة التي كانت أوروبا في حينها في عصورها المظلمة المسماة بالعصور الوسطى التي يخطىء بعض الكتاب من المسلمين بل الراجح أنهم يتعمدون أن يطلقوها على تلك العصور النيرة للمسلمين زورًا وبهتانًا.
أقول: لقد سلك السلمون هذا المسلك العظيم فاطلعوا على العلوم الموجودة في عهدهم وكانت مطوية في الكتب التي تدرس نظريًا وتشرح وتترجم وتختصر فقط فحولها المسلمون إلى علوم تجريبية تطبيقية في فترة يسيرة من الزمن فأصبحوا أساتذة العالم وموجهيه يفد إليهم طالبو المعرفة من كل مكان، والسر في ذلك ما سبق من اعتبارهم كل عمل يعملونه عبادة تقربهم إلى الله. ولقد عرف أعداء الإسلام هذا السر الذي قفز بالمسلمين في فترة قصيرة من رعاة إبل حفاة جهال متباغضين إلى قادة للعالم حكماء كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
1 / 254