The Correct Words on the Science of Tajweed
القول السديد في علم التجويد
ناشر
دار الوفاء
ایڈیشن نمبر
الثالثة
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
پبلشر کا مقام
المنصورة
اصناف
[خطبة الكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* قال تعالى:
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [البقرة: ١٢١].
وعن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ:
«الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» [مسلم ٧٩٨/ ٢٤٤].
وقال الإمام ابن الجزرى ﵀:
والأخذ بالتّجويد حتم لازم ... من لم يجوّد القرآن آثم
لأنه به الإله أنزلا ... وهكذا منه إلينا وصلا
وهو أيضا حلية التّلاوة ... وزينة الأداء والقراءة
وهو إعطاء الحروف حقّها ... من صفة لها ومستحقّها
1 / 5
المحتويات
الموضوع رقم الصفحة تقديم ١٣ مقدمة الطبعة الثانية ١٥ مقدمة المؤلف ١٧ القرآن الكريم ٢٣ الفضائل القرآنية من السنة النبوية ٢٥ آداب تلاوة القرآن ٢٧ آداب سماع القرآن ٢٨ حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم ٣٢ الفصل الأول مبادئ علم التجويد ٣٥ أركان ومراتب القراءة ٣٨ اللحن وأنواعه ٤٠ الاستعاذة ٤٢ البسملة ٤٤ الاستعاذة مع البسملة مع أول السورة ٤٦ حكم البسملة بين السورتين ٤٨ الفصل الثانى أحكام النون الساكنة والتنوين تمهيد ٥٣ الإظهار الحلقى ٥٥
1 / 7
الإدغام بغنة ٥٨ الإدغام بغير غنة ٦١ الإقلاب ٦٣ الإخفاء ٦٥ الفصل الثالث أحكام الميم الساكنة ٧١ الإدغام ٧٣ الإظهار ٧٥ النون والميم المشددتان ٧٩ أحكام اللامات السواكن ٨١ الحالة الأولى للام (ال) «الإظهار» ٨٢ الحالة الثانية للام (ال) «الإدغام» ٨٤ لام الفعل ٨٦ لام الحرف- لام الاسم- لام الأمر ٨٨ الفصل الرابع المد والقصر تمهيد ٩٣ أقسام المد ٩٦ المد الواجب المتصل ٩٩ المد الجائز المنفصل ١٠١ المد البدل ١٠٣ المد الجائز العارض للسكون ١٠٦ المد اللازم ١٠٨ فوائد نحو المدود ١١٧ ألقاب المدود ١٢١
1 / 8
الوقف على أواخر الكلم ١٢٣ خلاصة أوجه الوقف ١٢٨ الوقف على هاء الضمير ١٣١ هاء الكناية ١٣٣ الفصل الخامس مخارج الحروف تمهيد ١٣٩ أقسام الحروف والمخارج ١٤٢ المخرج الأول من المخارج العامة [الجوف] ١٤٥ المخرج الثانى من المخارج العامة [الحلق] ١٤٦ المخرج الثالث من المخارج العامة [اللسان] ١٤٨ المخرج الرابع والخامس من المخارج العامة [الشفتان والخيشوم] ١٥١ ألقاب الحروف عشرة ١٥٢ الفصل السادس صفات الحروف تمهيد ١٦٠ صفتا الهمس والجهر ١٦٢ صفتا الشدة والرخاوة ١٦٤ صفتا الاستعلاء والاستفال ١٦٦ صفتا الإطباق والانفتاح ١٦٧ صفتا الإذلاق والإصمات ١٦٨ صفتا الصفير والقلقلة ١٧٠ صفتا اللين والانحراف ١٧٢ صفات التكرير والتفشى والاستطالة ١٧٤ صفة الخفاء ١٧٦
1 / 9
أقسام الصفات ١٧٨ فوائد تتعلق بالصفات ١٨٠ صفات الحروف حسب قوتها ١٨١ الفصل السابع المتماثلان ١٨٧ المتقاربان ١٨٩ المتجانسان ١٩١ المتباعدان ١٩٣ التفخيم والترقيق ١٩٥ تنبيهات وتسمى التحذيرات ٢٠٤ الوقف والابتداء ٢٠٦ علامات الوقف ومصطلحات الضبط ٢١١ الفصل الثامن همزة الوصل ٢١٧ همزة الوصل مع همزة الاستفهام ٢٢٢ همزة القطع ٢٢٤ الحذف والإثبات ٢٢٦ هاء التأنيث التى يوقف عليها بالتاء ٢٣٣ هاء التأنيث المتفق فيها على الإفراد ٢٣٥ هاء التأنيث التى وقع فيها الخلاف بين الإفراد والجمع ٢٤٠ الفصل التاسع المقطوع والموصول ٢٤٧ أحكام قصر المد المنفصل ٢٥٦ سجود التلاوة ٢٥٨
1 / 10
الحكمة من السكتات ٢٦٠ مبحث في التكبير ٢٦٢ أحوال السلف بعد ختم القرآن ٢٦٧ التعريف بالإمام (عاصم) ٢٦٩ التعريف ب (حفص) ٢٧١ حمدا لله ٢٧٣ المراجع ٢٧٥
1 / 11
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
تقديم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه ونصره ووالاه إلى يوم الدين.
وبعد
ففروع العلم كثيرة متشعبة، وشرف كل علم إما بشرف موضوعه، وإما لشدة الحاجة إليه.
والحكمة مقسومة بين العباد لم تؤثر بها الأزمنة، ولا خصّت بها الأمكنة، بل هى باقية إلى يوم القيامة، يؤتيها الله من يشاء من عباده، والعلم ضالة لا يوجدها إلا جد الطالب،
وظهر لا يركبه إلا استظهار الراغب، وعقبة لا يصعدها إلا الصابر الدائب، ودرجة لا يرتقيها إلا الباحث المواظب، وإنما يتفاضل الناس فيه بالاجتهاد والدأب وحسن الارتياد، ومن أدمن قرع الباب فيوشك أن يدخل، ومن واصل السير فأحرى به أن يصل.
وهذا كتاب ممتاز بعنوان: (القول السديد فى علم التجويد) للأخ الكريم الأستاذ/ على الله بن على أبو الوفا.
ويمتاز هذا الكتاب بسعة قضاياه ومسائله، وكثرة أمثلته وشواهده، وقد ابتدأ المؤلف هذا الكتاب بذكر فضل القرآن وآداب تلاوته وسماعه، وختمه بمبحث التكبير، وتضمن هذا الكتاب تسعة فصول، كل فصل منها اشتمل على عدة مباحث.
وقد اعتمد المؤلف فى هذا الكتاب على ثمانية وعشرين مرجعا خاصة بعلم القراءات، وغير هذه الشيء الكثير من مصادر لم يذكرها المؤلف فى قائمة المصادر والمراجع أتت فى كتابه؛ ككتب الحديث والتفسير والتاريخ والموسوعات وغيرها، وهذا يدل على سعة ثقافة المؤلف فى شتى العلوم وليس القراءات فقط، كما يدل على مدى الجهد الذى بذله فى
1 / 13
إخراج هذا الكتاب.
وأسأل الله ﷿ أن ينفع به، وأن يوفق المؤلف ويسدد على طريق الخير خطاه.
د/ على على على لقم الثلاثاء ٦ من ربيع الأول ١٤١٩ هـ ٣٠ من يونيه ١٩٩٨ م مدرس اللغويات فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة
1 / 14
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
فهذا الكتاب الذى أضعه بين يدى أخى القارئ الكريم:
(القول السديد فى علم التجويد) طبعته الأولى كانت استجابة لرغبة الإخوة الشغوفين لعلم تجويد القرآن الكريم.
ولكى يتمكن لهم تيسير وفهم وتطبيق هذا العلم العظيم بأسلوب سهل ويسير، ولله الحمد والمنة، حظى الكتاب برواج طيب لم يكن فى الحسبان، وهذا الفضل من الله وحده، ونفدت الطبعة الأولى من المكتبات فى كثير من بلاد العالم فى أقل من عام، ويدرّس الكتاب فى كليتى الشريعة والتربية جامعة الكويت، وطلاب وطالبات دور القرآن الكريم بالكويت شغوفون بدراسة هذا الكتاب.
ولمّا شعرت بالحاجة الملحّة إلى طباعته مرة ثانية، قمت بمراجعة الكتاب، وتوضيح بعض المباحث وما رأيته مفيدا من التنقيح والتهذيب من زيادة وتعديل وتمثيل؛ كشجرة المدود ورسم مخارج الحروف، وتصويب الأخطاء المطبعية، وزيادة مباحث أخرى مفيدة.
وهكذا شأن الإنسان فيما يكتبه فهو لا يكاد يكتب شيئا فى يومه إلا ويرى نقصا فيه فى غده، وهذا من أكبر علامات نقص الإنسان وقصوره وتفرّد الله وحده بالكمال المطلق وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* [الروم: ٦]. فكانت الطبعة الثانية أدقّ وأوفى بعون الله تعالى وفضله.
وكان الفراغ والانتهاء من مراجعة وتحقيق هذا الكتاب للطبعة الثانية يوم الجمعة ٢٩ من ذى الحجة ١٤١٩ هـ الموافق ١٦ من أبريل ١٩٩٩ م.
وكتبه/ أبو عمر على الله بن على أبو الوفا كفر طناح- المنصورة- مصر ت ٣٨٧٨٧٥/ ٥٠.
1 / 15
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذى اصطفى من عباده حملة كتابه، وأثنى عليهم من فوق سماواته، القائل فى كتابه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر: ٢٩]، وأوجب عليهم تجويد القرآن، قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: ٤]، وبفضله وفقهم للمداومة على تعلّمه وتعليمه ومنّ عليهم بلذيذ شرابه وجعلهم من خواص أحبابه.
عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إن لله أهلين من الناس» قيل: من هم يا رسول الله؟. قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» (١)، فالله تعالى خص حفظة كتابه بمزايا بين العباد؛ فضلهم على غيرهم بحفظه فصانوه من كل تحريف وتبديل وتقديم وتأخير وزيادة ونقص، وفرقوا بين المفخم والمرقق، والممدود والمقصور، والمدغم والمظهر.
فطوبى لمن ألهم حق تلاوته وجعله قائدا له، وصدق عليه قول الله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة: ٢١]. ويزداد المؤمن شرفا ورفعة كلما كان قائما على تعلّم القرآن وتعليم أحكام تجويده وسهل الله له طرق تدريسه ويسر له عسيره.
وأفضل ما يرطب به العبد لسانه ويصون به جوارحه ويعمر به قلبه وجوارحه وفؤاده ذكر الله؛ لقول الله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: ٢٨].
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى الذى كان خير معلم للناس كافة، ووضع وسام الشرف على صدر كل من شغل بالقرآن تعلّما وتعليما. عن عثمان بن عفان قال:
قال رسول الله ﷺ: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (٢).
ورضى الله تعالى عن الصحابة والتابعين الأجلاء، الذين نقلوا لنا القرآن عذبا
_________
(١) النسائى فى الكبرى فى فضائل القرآن (٨٠٣١)، والحاكم فى المستدرك ١/ ٥٥٦.
(٢) البخارى فى فضائل القرآن (٥٠٢٧)، وأبو داود فى الصلاة (١٤٥٢).
1 / 17
سلسلا كما سمعوه ووصل إليهم من المصطفى ﷺ، وجودوا أحكامه وعملوا بما فيه ولزموا آدابه.
فالسعيد من وفقه الله وانشغل بتدريس القرآن وتجويده، وتدبر معانيه، وعمل بما فيه، وتزود من آدابه، وتخلق بأخلاقه، وجعل القرآن نصب عينيه آناء الليل وأطراف النهار، فكان سببا له بالفوز بالجنة، وكان من حزب الله المفلحين.
فعلم التجويد من أفضل العلوم شرفا ومنزلة وفكرا، وكيف لا وهو يتعلق بأفضل كتاب نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وعلى آله ومن والاه.
أما بعد
أخى القارئ الكريم، يقول الفقير إلى رحمات ربه، الراجى عفوه وغفرانه:
على الله بن على أبو الوفا:
وبعد أن منّ الله علىّ وجعلنى من المشتغلين بتدريس تجويد القرآن قرابة العشرين عاما بالأزهر الشريف بمصر، وبالطائف بالسعودية، ودار القرآن الكريم بالكويت، وبكلية الشريعة جامعة الكويت- استخرت الله تعالى فى تأليف هذا الكتاب وجمعت فيه كل خبراتى بأسلوب سهل ويسير، مع تنسيق الكتاب تنسيقا يتناسب مع طرق التدريس الحديثة، ووضعت فيه قواعد علم التجويد، وأسميته:
(القول السديد فى علم التجويد) وراعيت عدم التطويل المملّ أو التقصير المخلّ، مراعيا تشعّب الوقت لدى طلاب العلم فى الفنون الأخرى، ولم آل جهدا فى البحث من أوثق الكتب فى الشروح للمتون كمتن التحفة ومتن الجزرية، ومتن الشاطبية، ومتن الطيبة لأصحاب هذه المتون.
وسلسلت الكتاب فى فصول ومباحث، وجمعت عناصر المبحث قبل البدء فيه، ثم بعد ذلك الشرح، وهو عبارة عن توضيح موجز لعناصر المبحث بأقصر عبارة مع دقة التنسيق، وذكر الأمثلة التى تساعد طالب العلم على استيعاب المبحث، ثم الاستشهاد بالمتن الذى يوثق العلم لدى أهله، ثم مناقشة فى نهاية كل مبحث، مع تخريج الآيات القرآنية، وتخريج الأحاديث المستشهد بها، واستخلصت ذلك من الشروح الميسرة التى
1 / 18
تخلصت من الحشو والتفريع والإغراق فى سوق الآراء الخلافية.
وأرجو من الله تعالى السداد والتوفيق وأن ينفعنى بهذا العمل فى دنياى وأخراى، وأن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ويثقل به ميزان حسناتى يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: ٨٨، ٨٩]. فهو نعم المولى ونعم النصير، والله تعالى أسأل العون والسداد.
وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود: ٨٨].
الجمعة السابع من ذى القعدة عام ١٤١٨ هـ السادس من مارس عام ١٩٩٨ م.
المؤلف على الله بن على أبو الوفا الكويت- الجهراء
1 / 19
تمهيد
القرآن الكريم:
الفضائل القرآنية من السنة النبوية.
آداب تلاوة القرآن وسماعه.
مس المصحف للجنب والحائض.
حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن.
1 / 21
القرآن الكريم
القرآن له حق التلاوة:
قال الله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [البقرة: ١٢١]، قال ابن مسعود: والذى نفسى بيده إن حقّ تلاوته: أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله. وقال ابن عباس مثل ذلك.
فالقرآن: كلام الله الذى نزل به الروح الأمين على قلب رسول الله ﷺ، المتعبد بتلاوته، والذى وصل إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المتحدى بأقصر سورة منه. وهو حبل الله المتين، وهو النور المضىء الذى من استنار به يهدى إلى سبل السلام وإلى طريق مستقيم. فيه نبأ من قبلنا، وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله.
والقرآن: له تأثير فى قلوب المؤمنين، قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الزمر: ٢٣].
فسعادة المسلمين فى التمسك بالقرآن والعمل بما فيه والوقوف عند هديه وتعاليمه، فهو قانون الشريعة الإلهية وفيه السعادة الأبدية، وعهد بين الله وخلقه، والميثاق الصالح للعباد لكل زمان ومكان؛ لأن الذى أنزله: يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤].
القرآن: خير موعظة، وشفاء لما فى الصدور، وهدى ورحمة لكل مؤمن. قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس: ٥٧].
القرآن: له آدابه عند استماعه؛ السماع والإنصات بخشوع وتفكر وتدبر، ولعل الرحمات تعم من الله على عباده. قال تعالى: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: ٢٠٤].
القرآن: تطمئن به قلوب المؤمنين. قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ
1 / 23
اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: ٢٨].
القرآن: نزل تبيانا لكل شىء: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: ٨٩].
القرآن: خشع منه الجبل وتصدع من خشية الله. قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: ٢١] القرآن: يسره الله للتذكر وللتدبر والأخذ بأحكامه. قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ* [القمر: ١٧].
القرآن: يتوعد المعرضين عنه، الناسين لتلاوته وأحكامه بضنك فى المعيشة ويوم القيامة يحشرون عميا. قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه: ١٢٤].
اللهم اجعلنا من أهل القرآن التالين لحروفه، المقيمين لحدوده، الشافع لهم يوم القيامة ... آمين.
1 / 24
الفضائل القرآنية من السنة النبوية
فضل تعلم القرآن وتعلمه:
عن عثمان بن عفان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» (١).
فضل تلاوة القرآن:
روى أبو داود والترمذى بسنديهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل فى الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (٢).
فضل الحسنات على التلاوة:
روى الترمذى بسنده عن ابن مسعود: أن رسول الله ﷺ قال: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» (٣).
أهل القرآن هم أهل الله:
روى النسائى والحاكم بسنديهما عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «إن لله أهلين من الناس» قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: «أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته» (٤).
من أحب القرآن يحبه الله ورسوله:
يخبرنا عبد الله بن مسعود ﵁: أن من أحب القرآن يحبه الله ورسوله، فيقول:
من أحب أن يحبه الله ورسوله فلينظر: فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله (٥).
_________
(١) البخارى فى فضائل القرآن (٥٠٢٧)، وأبو داود فى الصلاة (١٤٥٢).
(٢) أبو داود فى الصلاة (١٤٦٤)، والترمذى فى فضائل القرآن (٢٩١٤) وقال: «حسن صحيح».
(٣) الترمذى فى فضائل القرآن (٢٩١٠) وقال: «حسن صحيح غريب من هذا الوجه».
(٤) النسائى فى الكبرى فى فضائل القرآن (٨٠٣١)، والحاكم فى المستدرك ١/ ٥٥٦.
(٥) الطبرانى فى الكبير ٩/ ١٤٨ (٨٦٥٧) وقال الهيثمى فى المجمع ٧/ ١٦٨: «رجاله ثقات».
1 / 25
القرآن شافع لأصحابه يوم القيامة:
روى عن أبى أمامة ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتى يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (١).
القرآن شفاء القلوب:
قال رسول الله ﷺ: «إن هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد». قيل: فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: «ذكر الموت وتلاوة القرآن، ألم تسمعوا قوله تعالى:
وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ» [يونس: ٥٧] (٢).
القرآن يقرأ ويدرس جماعة:
روى مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» (٣).
القرآن يحبّب سماعه من الغير:
روى الشيخان بسنديهما عن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «اقرأ علىّ القرآن». فقلت: يا رسول الله، أأقرأ وعليك أنزل؟ قال: «إنى أحب أن أسمعه من غيرى»، فقرأت عليه من أول سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء: ٤١]. قال: «حسبك الآن»: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان (٤).
القرآن عمارة البيوت:
قال رسول الله ﷺ: «أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان؟» قلنا: نعم. قال: «ثلاث آيات يقرؤهن أحدكم فى صلاته خير له من ثلاث خلفات (٥) عظام سمان» (٦). وقال رسول الله ﷺ: «من ليس فى جوفه شىء من القرآن كالبيت الخرب» (٧).
_________
(١) مسلم فى صلاة المسافرين (٨٠٤/ ٢٥٢).
(٢) بصائر ذوى التمييز للفيروزآبادي ١/ ٦٤.
(٣) مسلم فى الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٩٩/ ٣٨).
(٤) البخارى فى التفسير (٤٥٨٢)، ومسلم فى صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٤/ ٢٥٢).
(٥) الخلفات: جمع خلفة وهى الحامل من النوق، وهى من أعز أموال العرب.
(٦) مسلم فى صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٢/ ٢٥٠)، وابن ماجة فى الأدب (٣٧٨٢).
(٧) الترمذى فى فضائل القرآن (٢٩١٣) وقال: «حسن صحيح»، والدارمى فى فضائل القرآن ٢/ ٤٢٩.
1 / 26
آداب تلاوة القرآن وسماعه
أولا: آداب تلاوة القرآن:
يجب على قارئ القرآن الكريم أن يخلص النية لله تعالى، ويكون دائما بعيدا عن الرياء والسمعة؛ لقول الله تعالى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر: ١١] وقراءة القرآن من أفضل العبادات لله؛ لذا فعلى القارئ أن يحضر قلبه مع عقله وقت القراءة؛ لكى يزداد تدبرا؛ لقول الله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: ٢٩].
وعند البدء بالقراءة يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لقول الله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل: ٩٨].
ومعنى الاستعاذة: الالتجاء والاعتصام بالله من الزلل ومن وساوس الشيطان.
ولأن تالى القرآن يناجى الله تعالى فيحرص على الآتى:
١ - أن يجلس فى مكان طاهر.
٢ - أن يكون على وضوء فإن قرأ وهو غير متوضئ جاز بإجماع المسلمين، شرط ألا يمس المصحف، لقول الله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: ٧٩].
٣ - ويجلس فى خشوع وخضوع لأنه يناجى الله تعالى.
٤ - ويستقبل القبلة ما أمكنه.
٥ - ولا يقرأ وهو يغالب النعاس خشية خلط القراءة.
٦ - وينظف فاه بالسواك لقول على ﵁: إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك (١).
٧ - يحرص على نظافة ثوبه؛ لقول الله تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ [المدثّر: ٤].
_________
(١) ابن ماجة فى الطهارة وسننها (٢٩١) وفى الزوائد: «إسناده ضعيف».
1 / 27
٨ - وأن يقرأ بترتيب المصحف من أوله إلى آخره، إلا أنه جائز لتعليم الصبية القراءة من آخر المصحف لأوله؛ ترغيبا فى حفظ السور القصيرة ولسهولة مراجعتها.
٩ - وعلى القارئ أن يرد السلام على من يسلم عليه؛ لقول الله تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [النساء: ٨٦].
١٠ - ويقرأ قاعدا وماشيا وقائما وعلى جنبه؛ لقول الله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ [النساء: ١٠٣].
١١ - إذا سمع المؤذن قطع قراءته وتابع المؤذن فى النداء؛ لقول الرسول ﷺ: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول» شطر من الحديث (١).
١٢ - وأن يزين القرآن بصوته ويحسن صوته قدر ما استطاع، ولا يكون مفرطا ولا مقصرا، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذى إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله» (٢).
١٣ - وإذا مر بآيات الرحمة سأل الله من فضله، وإذا مر بآيات العذاب استعاذ بالله وخاف من عذابه، وإذا مر بآيات تنزيه نزه الله تعالى، وإذا مر بآيات لا تليق مع جلال الله تعالى قرأها بخفض صوته مثل قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:
٦٤]. وإذا مر بآية فيها سجدة سجد ندبا خلافا للحنفية وجوبا فى غير الصلاة عن أبى حنيفة ويجيزه الشافعى فى غير الصلاة، ويكون متوضئا ويقول فى سجوده: سجد وجهى للذى خلقه وصوّره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين (٣).
١٤ - ولا يرفع صوته بالقرآن إن كان بجواره من يقرأ القرآن، فكل يناجى ربه.
ثانيا: آداب سماع القرآن:
للقرآن الكريم آداب عند استماعه، ولأن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة، فالله تعالى أمر بالإنصات عند تلاوته تعظيما له واحتراما، لا كما يتعمده كفار قريش فى قولهم:
لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت: ٢٦].
_________
(١) البخارى فى الأذان (٦١١)، ومسلم فى الصلاة (٣٨٣/ ١٠).
(٢) الدارمى فى فضائل القرآن ٢/ ٣٣٨، وفضائل القرآن لابن كثير ص ٣٦.
(٣) الترمذى فى أبواب الصلاة (٥٨٠) وقال: «حسن صحيح»، والحاكم فى المستدرك ١/ ٢٢٠ وقال:
«صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبى، وأحمد ٦/ ٣٠.
1 / 28
وقال الحسن: إذا جلست إلى القرآن فأنصت له.
روى الإمام أحمد عن أبى هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة» (١).
ولهذا قال البعض من العلماء ﵏: (استماع القرآن أفضل من تلاوته).
_________
(١) أحمد ٢/ ٣٤١.
1 / 29