القول المعتبر في بيان الإعجاز للحروف المقطعة من فواتح السور
القول المعتبر في بيان الإعجاز للحروف المقطعة من فواتح السور
ناشر
مطابع برنتك للطباعة والتغليف-السودان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
٢٠١١
پبلشر کا مقام
الخرطوم
اصناف
تقييد آيات الرحمن، وخاصة فيما نزل من القرآن ابتداءً، بسبب يورث تخصيص الكلام وإخراجه من عموم البيان (وما هو إلا ذكر للعالمين)، فما جاء في كتب أسباب النزول هو من السنة الواجب إتباعها في شؤون الدين كلها إن صحّت، ولكن هذه الكتب لم تأت بزيادة إلا بتقييد كلام الله بأسباب ظاهرة مجموعة في كتاب طلبًا لابتداع علم جليل جديد، من غير إشباع للعلم نفسه، ولم تكن الأسباب المذكورة فيها إلا وصفًا للحال الذي نزلت فيه بعض آيات القرآن، ومنها ما هو شهادة حق ومنها ما هو وصف لواقعة معينة ليس فيها تأويل للآيات والسور، ومنها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف وموضوع، فكان جمعها على هذه الطريقة سببًا لفهم القرآن وكأنه كلام مبهم، لا سببًا في تنزيله والتوسع في بيان مقاصده.
ولبيان هذا السبب أورد بعض الأمثلة على احتجاج من قال بأن أسباب التنزيل من الآثار قد تكون الطريق الوحيدة لفهم الآيات، ومنها قولهم بأنه "قد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا" الآية وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبًا لنعذبن أجمعون، حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي ﷺ عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. أخرجه الشيخان." (١) فأقول: لماذا أشكل عليه فهمها ولم يشكل على غيره؟ والسبب هو الأخذ بعموم اللفظ في سياقٍ واضح كالشمس، وقد أخذ بداية الآية وكأنه خطاب منفصل عما قبله، وما كان كلام ابن عباس ﵁ إلّا بيانًا لما جاء في الآية التي قبلها، ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ
_________
(١) الإتقان في علوم القرآن، ج١ ص٨٨ - باب ما جاء في أسباب النزول، وهي عندي زلة قلم لا تحتسب على عالم جليل وإمام حافظ كالسيوطي، وقد كانت غايته أسمى من مجرد الكتابة، فقد جمع الجوامع في اللغة والحديث والتفسير والفقه، وغيرها من علوم القرآن، ويسر على المسلمين طلب العلم، بل وكان مِفصلًا من مفاصل العلم في تاريخ الإسلام، ﵀ وجعل مأواه الجنة.
1 / 53