القول المعتبر في بيان الإعجاز للحروف المقطعة من فواتح السور
القول المعتبر في بيان الإعجاز للحروف المقطعة من فواتح السور
ناشر
مطابع برنتك للطباعة والتغليف-السودان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
٢٠١١
پبلشر کا مقام
الخرطوم
اصناف
بحروف لم تجمع يومًا كتابًا ذا شأن فضلًا عن أي كتاب عادي، وبالمحصلة يبقى أنهم كانوا في شك من كتابتهم لما كان فيها من ضعف، ولا تكاد تقارن بلغات الأمم حولهم، ولشكهم في كتابتهم وعجزها عن احتواء كتاب جامع تكون فيه الرسالة للأمم كلها، ولكن هل هذا يستقيم وهم قد كفروا به أصلًا وهو عربي اللغة وقد فهموه؟ فكيف يستقيم طلبهم لتغيير ما قد كفروا به، والسبب في شكهم يشترط تعظيمهم لهذا الكتاب! وعلى هذا الطلب لو غير الله الكتاب للغة أخرى لقالوا: كتاب أعجمي ورسول عربي! كأبسط كلمة ممكنة عند الكافر به، أو سيقولون هذا كلام أعجمي ونحن عرب لا نفهمه، وهذا ما جاءت الآية بتقريره (١)، ولو أُنزل ما هو جديد بلغة أخرى، وبقي القديم على حاله بالعربية سيكون ردهم: أيعقل أن يكون كتاب منه ما نزل عربي ومنه ما ينزل أعجمي فيكون مختلطًا وفيه اختلاف، بالتالي سؤالهم ليس للإيمان بالقرآن على كل الوجوه، بل هو شبهة، وهذا ديدنهم، قال الزمخشري: "كانوا يقترحون عليه آيات تعنتًا لا استرشادًا، لأنهم لو كانوا مسترشدين لكانت آية واحدة مما جاء به كافية في رشادهم. ومن اقتراحاتهم ﴿لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ﴾ " (٢) وأقول نعم، ولكن هذه ليست من التعنت، لأن التعنت لا يكون مع الشبهة بل يكون بعد الحجة، كقوله تعالى ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] وهذه الشبهة فيها المكيدة، وسؤالهم جاء من ذات الباب الذي علموا أنه معجزة للرسول ﷺ، وهو لا يعرفه بكونه أمّي لا يقرأ ولا يكتب، وأغلب الظن أنهم قالوا بما معناه (يا محمد إن كان كتابك أُنزل للأمم جميعًا، فلماذا لا
(١) وعلى قراءة من قرأ أعجمي وعربي قال الشوكاني: قرأ أبو بكر، وحمزة، والكسائي: ﴿ءأعجميّ﴾ بهمزتين محققتين. وقرأ الحسن، وأبو العالية، ونصر بن عاصم، وهشام بهمزة واحدة على الخبر، وقرأ الباقون بتسهيل الثانية بين بين. وقيل: المراد: هلا فصلت آياته، فجعل بعضها أعجميًا لإفهام العجم، وبعضها عربيًا لإفهام العرب. فتح القدير (٥١٩/ ٤) (٢) الكشاف (٣٨٢/ ٢) تفسير سورة هود
1 / 123