204

The Comprehensive Dictionary of Contemporary Figures

المعجم الجامع في تراجم المعاصرين

اصناف

عبد العزيز السلمان
الشيخ عبد العزيز السلمان.
ورحل شيخ المعلمين وعلامة القرن العشرين كما سماه بذلك الشيخ كامل محمد عويضة المؤرخ المعروف في كتاب أصدره عن الشيخ عبد العزيز السلمان مايزال مخطوطًا يقارب (٢٣٠) صفحة.. رحل هذا العالم الجليل بصمت وعاش طوال حياته بصمت دون أي بروز أو مظهر من مظاهر الدنيا الزائفة بل كأنه لا يحب الإطراء ولا المدح بل كانت جميع أعماله العلمية لله ﷿ وجميع العروض المادية لأجل بيع مؤلفاته رفضها بل كان يأذن لأهل الخير أن يطبعوا كتبه وقفًا لله ﷿ رحمك الله أيها الشيخ الورع وجعل الجنة مأواك.
ميلاده ونشأته
هو الشيخ الفقيه المدقق الزاهد عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان ولد سنة ١٣٣٧هـ أو ١٣٣٩هـ على ما ذكره ابنه عبد الحميد نقلًا عن أبيه بخطه ولقد نشأ في بيت علم وصلاح وخير ونشأ بين أبوين كريمين ولكن أباه قد توفي وهو صغير فكفلته أمه واعتنت به أيما عناية وأدخلته مدرسة المعلم محمد بن عبد العزيز الدامغ لتحفيظ القرآن الكريم ومكث في هذه المدرسة ثلاث سنوات حفظ فيها القرآن الكريم، بعد ذلك دخل مدرسة الأستاذ صالح بن ناصر بن صالح ﵀ وتعلم في هذه المدرسة الكتابة والقراءة والخط والحساب وتخرج منها، وقد انشغل في بداية شبابه بالتجارة وفتح محلًا يقوم فيه بالبيع والشراء ثم لما حصل الكساد أثناء الحرب العالمية الثانية على العالم كله وخصوصًا الجزيرة العربية أصبحت التجارة ليس لها مردود جيد فترك الشيخ عبد العزيز مزاولة التجارة واتجه إلى طلب العلم.
طلبه للعلم
كانت الخطوة الأولى للشيخ ﵀ إلى عالم العلم والعلماء هي مدرسة العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ١٣٧٦هـ ﵀ التي كانت في الحقيقة منارة العلم والمعرفة انضم الشيخ عبد العزيز إلى هذه المدرسة التي كانت تعقد غالبًا في جامع عنيزة الكبير كان ذلك سنة ١٣٥٣هـ وكانت حلقة الشيخ عبد الرحمن السعدي اشبه بخلية نحل يتوافد عليها الطلبة من كل حدب وصوب ينهلون من علم الشيخ ابن سعدي ﵀ حيث لازمه ستة عشر عامًا إلى سنة ١٣٦٩هـ وقد قرأ على الشيخ مع زملائه علوم العقيدة والفقه والحديث واللغة العربية وقد عرف الشيخ عبد الرحمن السعدي ﵀ بحرصه الشديد على تعهد تلاميذه بطريقته الفذة التي تميز بها عن بقية العلماء في طريقة التدريس وتوصيل المعلومات إلى ذهن التلميذ وجعل الاختيار له في الكتاب الذي يريده وأسلوب النقاش الذي يفتح لطالب العلم الكثير من أبواب العلم وفهم المسائل بشكل جيد. ولقد تأثر شيخنا عبد العزيز ﵀ بشيخه السعدي كثيرًا لا في طريقة تدريسه وتعامله مع التلاميذ والعطف عليهم والسؤال عن حالهم فحسب، بل في التقلل من حطام الدنيا والعيش بالكفاف والقناعة وعدم الخوض في أعراض الناس وتركه ما لا يعنيه ﵀ مع الانكباب على العلم وطلب المعرفة التي كانت شغله الشاغل لا من ناحية التدريس في معهد الرياض العالي أو التأليف الذي كان يفرغ له جل وقته عندما أحيل إلى التقاعد ولقد تعين ﵀ في المعهد العلمي بالرياض إبان إنشائه سنة ١٣٧٠هـ رشحه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ١٣٨٩هـ ﵀ وهذا دليل على كفاءته العلمية وقدرته المعرفية فلقد جاء إلى الرياض وهو قد ارتوى من العلم والمعرفة من حلقة شيخه عبد الرحمن ﵀، الذي كان دائمًا يلهج بالثناء عليه والدعاء له وهذا دليل وفائه ﵀ وهكذا كان دأب سلفنا الصالح مع شيوخهم وعلمائهم.
استمر الشيخ عبد العزيز مدرسًا في معهد إمام الدعوة حتى سنة ١٤٠٤هـ.
ما قاله عنه تلاميذه ومحبوه
قال عنه العلامة الشيخ صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي بوزارة العدل أنه «رجل تعلوه السكينة والبساطة، جم الأخلاق، واسع البال، كان يشرح درسه مرتين بأسلوب شيق، وكان يمازح تلامذته بمداعبة جادة وموزونة. وكان ﵀ جادًا صبورًا واسع النظر، وربما يذكرك بمن سلف من السلف، وكان ذا طول في التأني والتحمل وحسن الأداء وتعلمنا منه النقاش والشعور بالمسؤولية واسنطاق حال النص بشجاعة علميّة وادبية.
وكما قال أيضًا الشيخ عبد المحسن بن محمد العجمي وهو أحد تلامذة الشيخ قائلًا:.... كنا نزوره ﵀ في بيته القديم بحي الديرة شارع السويلم ونصلى معه في مسجده القديم فيستقبلنا بحفاوة ونحن بعد لم نناهز الحلم ويتحدث معنا وكأنه أب لنا يحرص ويهمه أن نسير على منهج الحق ونقتفي أثر السلف ثم يدخلنا في بيته ويزودنا بالكتب والمؤلفات القيمة له ولغيره لاسيما كتابه الزاخر بالعلم والأدب والأخلاق والمواعظ «موارد الظمآن» ثم يقوم ﵀ بحثنا على طلب العلم والحرص في تحصيله والجد في تعلمه وحفظ أوقاتنا بما ينفعنا وكان يوصينا كثيرًا بقراءة كتب السلف مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيّم وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة السلفية ﵏ كل ذلك بتوجيه حكيم ومنطق رزين وشفقة وحب، ومما ذكره الشيخ عبد الرحمن الرحمة عن الشيخ السلمان قائلًا: «فلقد رزئت الأمة الإسلامية بوفاة عالم من علمائها المخلصين ومجاهد من مجاهديها الصادقين نذر وقته ونفسه لنشر العلم الصافي وبيان أحكام الدين وذلك عن طريق التأليف والتصنيف.
مؤلفاته وآثاره العلمية
الشيخ عبد العزيز السلمان من المكثرين في التأليف وأول كتاب ألفه هو الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطة سنة ١٣٨٢هـ وكتبه الوعظية لها قبول لدى الناس ويحرص عليها أئمة المساجد يقرأونها بعد صلاة العصر على المصلين وقبل صلاة العشاء وخصوصًا في ليالي شهر رمضان من كتاب موارد الظمان وهو اسم على مسمى ففيه من المواعظ والرقائق مايروي الظمأن، ووضع الشيخ السلمان ثقله العلمي كله في هذا الكتاب وصدر هذا الكتاب، في ستة مجلدات كبار ضخام، وبقية مؤلفاته كلها معروفة لدى الناس فلا حاجة لذكرها، وقد تجاوزت طباعة بعض كتبه إلى ما يقارب (٣٦) طبعة وهو كتاب محاسن الدين الإسلامي، والطبعة (٣٧) فسوف تصدر بعد فترة وجيزة وقد ترجمت جميع كتبه إلى اللغة الأوردية وحصل لها فتح عظيم وتأثير كبير عند الشعوب التي تتكلم بهذه اللغة، والجدير بالذكر أن كثيرًا من دور النشر كانت تلح على الشيخ أن تطبع كتبه وعرضها للبيع فرفض رفضًا باتًا وقال هي وقف لله تعالى ولا أريد إلا الثواب من الله ﷿ في هذه الكتب. ومع ذلك قامت بعض دور النشر بطبع كتبه بدون إذنه وعرضتها للبيع، والكتاب الذي طبعته هو كتابه من معجزات النبي ﷺ.
اللحظات الأخيرة للشيخ السلمان
يقول ابنه عبد الحميد عن اللحظات الأخيرة قبل أن يتوفى والده بساعات: كان الوالد ﵀ في حياته لايعاني من أمراض مستعصيه سوى داء الركبتين حيث إنه في المدة الأخيرة أصبح لا يستطيع المشي إلا بصعوبة وكان يستعمل العكازين وكان يخدم نفسه بنفسه في داخل البيت وكان يستمتع بكامل قواه ويضيف ابنه قائلًا: إن أبي عندما ألف كتابه الأخير مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار قال ليّ ياعبد الحميد أريد أن أتأهب بهذا الكتاب -إن شاء الله- ﷿ لدخول دار القرار، ولم يؤلف الشيخ بعد هذا الكتاب أي كتاب.
ويقول ابنه عبد الحميد كان من عادة الوالد قبل أن ينام أن أجلس معه قليلًا وأسأله هل يريد شيئًا أقضيه له وفي يوم وفاته في الساعة الثانية عشرة ليلًا يوم الأحد التاسع عشر من شهر صفر لعام ١٤٢٢هـ وكالعادة ذهبت إليه وكان بجانبه شريط به تسجيل لأحد قراء القرآن الكريم يستمع إليه وكان هذا دأبه أما قارئًا للقرآن الكريم أو مستمعًا. وقلت له هل تريد شيئًا يا ابي؟ قال لا وإذا أردت شيئًا سأطلبك ولمست يده فإذا هي مرتفعة الحرارة وذهبت إلى غرفتي وأنا غير مطمئن ورجعت له مرة ثانية ولمست يده فإذا هي أكثر حرارة وبلغ منه الجهد والأعياء وأصبح واضحًا فقلت له سوف نحملك إلى المستشفى فرفض وقال أعاني من ألم شديد «وهو يشير إلى صدره» لايعلم مداه إلا الله ﷿ ولو كان الموت يُشترى لأشتريته ولكن لايجوز تمني الموت. ولعل ذلك مرض الموت وذكرت له أول الحديث عن رسول الله ﷺ: أريد معرفة ذاكرته وأكمل ليّ الحديث، نصف الحديث بأكمله ﵀ وأتت الوالدة -حفظها الله- وأسقته من ماء زمزم فشرب منه ثم استقبل القبلة ﵀ وتشهد الشهادة كلمة التوحيد وفاضت روحه الطاهرة في الساعة الثالثة ليلًا في وقت تستجاب فيه الدعوات.
بواسطة العضو السعيدي

1 / 205