المطلب الأول
في اللغات هل هي توقيفية أو اصطلاحية؟
يجوز أن تكون اللغات والأسماء كالسماء والأرض والجنة والنار وغيرها من الأسماء كلها توقيفية، ويجوز أن تكون كلها اصطلاحية، ويجوز أن يكون بعض هذه اللغات توقيفية، وبعضها اصطلاحية، لأن الاستدلال على كونها توقيفية أو اصطلاحية، أو احتمال الأمرين يكون إما عن طريق العقل أو عن طريق الواقع.
أما العقل فإنه يجوز الأمور الثلاثة: حيث يجوز كونها توقيفية؛ لأن الله قادر على أن يخلق للناس العلم بهذه الأسماء والألفاظ، ويُسمعها بعضهم أو جميعهم، ويُخبرهم بأن هذه الأسماء قصدت للدلالة مع مسمياتها ومعانيها.
والعقل أيضًا يجوز كونها اصطلاحية بأن واحدًا قد انبعثت داعيته أو جماعة انبعثت دواعيهم إلى وضع هذه الألفاظ بإزاء معانيها، ثم حصل تعريف الباقين بالإشارة والتكرار كما يفعل الوالدان بالولد الرضيع.
والعقل - أيضًا - يجوِّز كون بعضها توقيفي، وبعضها الآخر اصطلاحي؛ لأنه إذًا أمكن كل واحد من القسمين أمكن التركيب منهما جميعًا.
أما الواقع من هذه الأقسام فلا يمكن إلا ببرهان عقلي، أو