The Commentary on the Treatise of the Reality of Fasting and the Book of Fasting from the Branches and Selected Issues from It
التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه
اصناف
ولا يلزمه عن يوم سوى يوم (و)، وعند شيخنا: لا يقضى متعمد بلا عُذْرٍ (خ) صومًا، ولا صلاة، قال: ولا يصح منه، وأنه ليس في الأدلة ما يخالف هذا، بل يوافقه، وضُعِّفَ أمره ﵇ المجامع بالقضاء؛ لعدول البخاري ومسلم عنه (١) .
(١) كلام شيخ الإسلام هو الصواب بلا شك، وأن من أخر صوم يوم من رمضان بلا عذر فإنه لا يقضي عنه صوم الدهر؛ لقول النبي ﷺ: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، لكن عليه أن يتوب إلى الله ويستغفر، ويكثر من الأعمال الصالحة، والحسنات يذهبن السيئات، وظاهر كلام الشيخ ﵀ أنه لو تعمد الفطر في أثناء النهار لم يقضِ؛ لأنه تعمد إفساد الصوم فهو كالذي تعمد تأخيره إلى ما بعد رمضان، وفي هذا نظر، والصواب أنه إذا تعمد الفطر في رمضان فهو آثم، وعليه القضاء وليس كالذي لم يصم أصلًا، والفرق: أن الذي شرع في الصوم التزمه، فصار في حقه كالنذر، وهو صوم واجب، فيجب عليه القضاء، وأما الذي لم يشرع فيه أصلًا فقد اعتمد أن لا يصوم، فلا ينفعه القضاء، والمذهب أنه يلزمه القضاء، ولو تعمد الفطر، لكنه يكون آثما، والأدلة تدل على أنه لا ينفعه القضاء؛ لقول النبي ﷺ: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» [سبق تخريجه] .
وأما قوله ﵀: «ليس في الأدلة ما يخالف هذا، بل يوافقه» وضعف أمره ﷺ المجامع بالقضاء، وعلل هذا التضعيف بعدول البخاري ومسلم عنه، فهل نأخذ من هذا قاعدة أن كل شيء لم يكن في البخاري ومسلم فهو ضعيف؟ الجواب: لا، فالشيخ ﵀ لا يريد هذا، لكن الحديث ورد في البخاري ومسلم وغيرهما، وجاءت الزيادة في غير ما رواه البخاري ومسلم، فتكون هذه الزيادة في غير ما رواه البخاري ومسلم شاذة، والشاذ من قسم الضعيف، هذا وجه كلام الشيخ ﵀.
فإن قال قائل: الزيادة لا تكون شاذة إلا إذا لم يمكن الجمع؟
فالجواب: أن يقال: لما عدل البخاري ومسلم عن ذكر القضاء مع أنه من تمام القصة، ومما تتوافر الدواعي على نقله لو صح، دل على أنه لم يصح عندهما، فهذا وجه التضعيف في هذه المسألة خاصة، ولا يؤخذ من الكلام أن شيخ الإسلام ﵀ يرى أن كل ما عدل عنه البخاري ومسلم فهو ضعيف، بل في هذه المسألة بخصوصها وأشباهها؛ لأن القصة واحدة، والمقام مقام بيان الواجب، فلو كانت هذه الزيادة صحيحة ما تركها البخاري ومسلم.
1 / 196