يفتر عن الذّكر في شيء منها، فإن لم يَقُلْ بالذّكرَيْن في الرفع والاعتدال، بقي أحد الحالين خاليًا عن الذّكر.
وأما الجواب عن قوله ﷺ: «وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد» فقال أصحابنا: فمعناه: قولوا ربنا لك الحمد مع ما قد علمتموه من قول: «سمع الله لمن حمده» وإنما خصّ هذا بالذّكر، لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي ﷺ بسمع الله لمن حمده، فإن السنة فيه الجهر، ولا يسمعون قوله: «ربنا لك الحمد»، لأنه يأتي به سرًا، وكانوا يعلمون قوله ﷺ: «صلوا كما رأيتموني أصلي» مع قاعدة التأسي به ﷺ مطلقًا، وكانوا
يوافقون في «سمع الله لمن حمده» فلم يحتج إلى الأمر به، ولا يعرفون «ربنا لك الحمد» فأمروا به، والله أعلم» (١) انتهى.
قلت: من الواضح أن في حديث أبي هريرة السابق «... ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد» ذكرين اثنين:
أحدهما: قوله: «سمع الله لمن حمده» في اعتداله من الركوع.
والآخر: قوله: «ربنا ولك الحمد» إذا استوى قائمًا.
فإذا لم يقل المقتدي ذكر الاعتدال، فسيقول مكانه ذكر الاستواء، وهذا أمر مشاهد من جماهير المصلّين، فإنهم ما يكادون يسمعون منه «سمع الله لمن حمده» إلا سبقوه بقولهم: «ربنا ولك الحمد» وفي هذا مخالفة صريحة للحديث، فإن حاول أحدهم تجنّبها وقع في مخالفة أخرى، وهي إخلاء الاعتدال من الذّكر المشروع فته بغير حجّة (٢) .