﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ ١ الآية.
الآية الثانية: قوله: (وإن يمسسك): أي: يصبك بضر، كالمرض، والفقر، ونحوه. قوله: ﴿فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ ٢ (لا) نافية للجنس، واسمها: (كاشف)، وخبرها: (له)، و(إلا هو) بدل، وإن قلنا بجواز كون، خبرها معرفة صار (هو) الخبر: أي: ما أحد يكشفه أبدا إذا مسك الله بضر إلا الله، وهذا كقول النبي ﷺ " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك "٣.
قوله: ﴿وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ﴾ ٤ هنا قال: (يردك)، وفي الضر قال: (يمسسك) فهل هذا من باب تنويع العبارة، أو هناك فرق معنوي؟ الجواب: هناك فرق معنوي، وهو أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله، بل تنسب إلى فعله، أي: مفعوله.
فالمس من فعل الله، والضر من مفعولاته، فالله لا يريد الضر لذاته، بل يريده لغيره، لما يترتب عليه من الخير، ولما وراء ذلك من الحكم البالغة، وفي الحديث القدسي: " إن من عبادي من لو أغنيته أفسده الغنى "٥.
أما الخير، فهو مراد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ ٦.
فإذا أصيب الإنسان بمرض، فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد
١ سورة الأنعام آية: ١٧.
٢ سورة الأنعام آية: ١٧.
٣ من حديث ابن عباس، رواه: أحمد في "المسند" (١/ ٢٩٣، ٣٠٧)، والترمذي (أبواب صفة القيامة، باب "ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ٧/٢٠٣) - وقال: "حديث حسن صحيح".
٤ سورة يونس آية: ١٠٧.
٥ من حديث أنس، رواه: الطبراني.
٦ سورة الجن آية: ١٠.