258

The Beneficial Speech on the Book of Tawheed

القول المفيد على كتاب التوحيد

ناشر

دار ابن الجوزي

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

محرم ١٤٢٤هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ ١ الآية.

الآية الثانية: قوله: (وإن يمسسك): أي: يصبك بضر، كالمرض، والفقر، ونحوه. قوله: ﴿فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ ٢ (لا) نافية للجنس، واسمها: (كاشف)، وخبرها: (له)، و(إلا هو) بدل، وإن قلنا بجواز كون، خبرها معرفة صار (هو) الخبر: أي: ما أحد يكشفه أبدا إذا مسك الله بضر إلا الله، وهذا كقول النبي ﷺ " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك "٣.
قوله: ﴿وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ﴾ ٤ هنا قال: (يردك)، وفي الضر قال: (يمسسك) فهل هذا من باب تنويع العبارة، أو هناك فرق معنوي؟ الجواب: هناك فرق معنوي، وهو أن الأشياء المكروهة لا تنسب إلى إرادة الله، بل تنسب إلى فعله، أي: مفعوله.
فالمس من فعل الله، والضر من مفعولاته، فالله لا يريد الضر لذاته، بل يريده لغيره، لما يترتب عليه من الخير، ولما وراء ذلك من الحكم البالغة، وفي الحديث القدسي: " إن من عبادي من لو أغنيته أفسده الغنى "٥.
أما الخير، فهو مراد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن: ﴿وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ ٦.
فإذا أصيب الإنسان بمرض، فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد

١ سورة الأنعام آية: ١٧.
٢ سورة الأنعام آية: ١٧.
٣ من حديث ابن عباس، رواه: أحمد في "المسند" (١/ ٢٩٣، ٣٠٧)، والترمذي (أبواب صفة القيامة، باب "ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ٧/٢٠٣) - وقال: "حديث حسن صحيح".
٤ سورة يونس آية: ١٠٧.
٥ من حديث أنس، رواه: الطبراني.
٦ سورة الجن آية: ١٠.

1 / 265