خير من عباده، وأنه خير من العرش وأفضل منه، وهو كما ترى تأويل بعيد تنفر منه العقول الرشيدة وتأباه الفطر السليمة، فإنه لا تمجيد لله في ذلك ولا تعظيم له، بل هو تأويل سمج مرذول، فإنه يشبه قول القائل الجبل أثقل من الحصى، ورسول الله أفضل من اليهود، والجواهر فوق قشر البصل أو قشر السمك، ونحو ذلك مما التفاوت فيه عظيم، ولا شك أن التفاوت بين الله وبين عباده أعظم، ولو أن المتأول أثبت الفوقية مطلقًا، فوقية الذات، وفوقية القهر والغلبة، وفوقية القدر والمنزلة لكان ذلك صوابًا، لاتفاقه مع نصوص الكتاب والسنة مع عدم المحذور" (١).
ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: " فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله ﷺ من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة، مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله - هو العلي الأعلى، وهو فوق كل شيء ... وأنه فوق السماء ... ثم عن السلف في ذلك من الأقوال، ما لو جمع لبلغ مئين وألوفًا، ثم ليس في كتاب الله، ولا في سنة رسوله ﷺ، ولاعن أحد من سلف الأمة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك، لا نصًا ولا ظاهرًا" (٢).
دليل الفطرة:
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي ﵀: "وقد شهدت العقول السليمة، والفطر المستقيمة على علو الله على خلقه، وكونهِ فوق عباده، كما صرحت بذلك نصوص الكتاب والسنة المتنوعة المحكمة" (٣).