The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

Abdul Rahman Al-Shahem d. 1442 AH
72

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

اصناف

المثال الرابع: الإكْرَاه في الدِّين وقِتَال الكَافِرِين: قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: ٢٥٦] مع قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) [التوبة: ٧٣]. صورة التعارض: أنَّ آيَة "البقرة" فِيها عَدم الإكْرَاه، وآيَة التَّوبَة فيها الإكْرَاه والإغْلاظ. و"لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قَدْ أكْرَه العَرب على دِين الإسْلام وقَاتَلَهم، ولم يَرضَ مِنهم إلَّا بالإسْلام" (^١). جَمْع القرطبي: قال القرطبي: اخْتَلَف العُلَمَاء في مَعْنَى هَذه الآيَة على سِتَّة أقْوال: الأوَّل: قِيل: إنها مَنْسُوخَة؛ لأنَّ النبي ﷺ قد أكْرَه العَرَب على دِين الإسْلام، وقَاتَلهم ولَم يَرضَ مِنهم إلَّا بالإسْلام، قَاله سُليمان بن موسى. قَال نَسَخَتْها: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) [التوبة: ٧٣]، ورُوي هَذا عَنْ ابنِ مَسعود وكَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِين. الثَّاني: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَة، وإنما نَزَلَتْ في أهْل الكِتَاب خَاصَّة، وأنهم لا يُكْرَهُون على الإسْلام إذا أدَّوا الْجِزْية، والذين يُكْرَهُون أهل الأوْثَان، فلا يُقْبَل مِنْهم إلَّا الإسْلام، فَهُمْ الذين نَزَل فِيهم: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) .... والْحُجَّة لهذا القَول مَا رَواه زَيد بن أسْلَم عن أبيه قال: سَمِعْتُ عُمر بن الخطاب يَقُول لِعَجُوز نَصْرَانِيَّة:

(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٢٦٨). والمراد بالإكراه عدم قبول غير الإسلام، وقتالهم على ذلك. وسيأتي في تفسير الآية ما يُوضِّح المراد.

1 / 72