انقلاب شاعری جدید
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
اصناف
يا موت! أيها الملاح العجوز، آن الأوان فارفع المرساة!
مللنا المقام هنا، يا موت! فعجل بالرواح!
إن يكن قد ادلهم سواد البحر والسماء
فإن قلوبنا التي تعرفها يفيض منها الضياء!
اسكب سمك فينا، كي يمنحنا القوة!
إن تكن هذه النار تحرق منا الدماغ،
فنحن نريد أن نغوص إلى أعماق الهاوية،
ماذا يضيرنا إن كانت هي الجحيم أو السماء؟ (نريد أن نغوص) في أعماق المجهول، لكي نعثر على شيء جديد!
هذه الحيرة التي يقاسيها بودلير هي نفس الحيرة التي تمزق الروح الحديث. إنها تتمرد على سجن الواقع وتنتفض للإفلات من ضيقه وملله ووحشته وانحطاطه، ولكنها عاجزة عن الإيمان بحقيقة عالية تبارك ثورتها أو ترسم هدف رحلتها. وهي لذلك تحيا في صراع لا نجاة منه، وتنتهي إلى نوع من الصوفية التي تعشق الأسرار لذاتها.
وبودلير يتحدث كثيرا عن «السر» وعما فوق الواقع والطبيعة. ولكننا لن نفهم معنى هذه الكلمات حتى نعرف مضمونها عنده، وليس هذا المضمون إلا السر المطلق نفسه. تلك هي المثالية الفارغة التي يعيش فيها بودلير، وذلك هو الشيء الآخر الغامض الذي سيزداد لدى رامبو غموضا، وينتهي عند مالارميه إلى العدم، وعند الشعراء المعاصرين إلى ولع بالأسرار، وحب للغموض لذاته. (9) سحر اللغة
نامعلوم صفحہ