ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
اصناف
وليس يئوي الفتى إلا فصيلته
ولا سداد لهم ماله قذذ
ويفهم تسلسل السلطة على مكة للقبائل من كلمة منسوبة إلى عمر بن الخطاب بسند حسن، أنه قال لقريش في بعض خطبه: إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم، فاستخفوا بحقه، واستحلوا حرمته، فأهلكهم الله، فلا تهاونوا به وعظموا حرمته.
ولكن لا يفهم من كلمة الولاة التي ذكرها سيدنا عمر - رضي الله عنه - أنه كان هناك نظام وقضاء وعدل ودولة؛ فإن تاريخ تلك القبائل كان غارقا في الغموض، وحياتهم الخاصة والعامة نهبا بين الخرافات والأساطير، وحاجتهم إلى الكهانة والسحر ملحة حتى فيما له علاقة بالمواريث. ومن ذلك ما يروى أنه لما حضرت نزار بن معد بن عدنان الوفاة آثر إيادا بولاية الكعبة وقال لأولاده: «إن أشكل عليكم كيف تقتسمون التركة، فأتوا الأفعى الجرهمي ومنزله بنجران.» ثم مات فتشاجروا في ميراثه فتوجهوا إلى الأفعى في نجران، وهو كاهن كسطيح، ولكن ظهر للأفعى من ذكاء أولاد نزار وفطنتهم ما أدهشه؛ فقد كشفوا له عن أمور لها علاقة بنسبه وأصله ولون طعامه! ولا يهمنا في هذه الأسطورة إلا شيئان؛ أولهما: التجاء المتنازعين إلى الكاهن ليفصل لهم في المواريث كأنه محكمة ترضى حكومته ولا يطعن في الرأي الذي يراه، والثاني: سيادة نظام الأمومة بدليل أن إيادا - أحد أولاد نزار - قال لإخوته: «لم أر كاليوم رجلا أسرى لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى إليه!» فسمعهم الأفعى فذهب لأمه وقال لها: اصدقيني من أبي؟
فقالت إنها كانت لملك كثير المال لا يولد له ولد فخافت أن يموت ولا يولد له، فمر بها رجل وكان نازلا عليه (أي ضيف الملك) فطلبت إليه أن يقع عليها (علاقة جنسية غير مشروعة) فولدت منه الأفعى.
عهد العماليق ونزوح القبائل إلى مكة
كانت العماليق ولاة الحكم بمكة فضيعوا حرمة البيت، واستحلوا فيه أمورا عظاما، ونالوا ما لم يكونوا ينالون، فقام أحدهم - وهو عموق - فيهم خطيبا فقال: يا قوم، أبقوا على أنفسكم؛ فقد رأيتم وسمعتم من هلك من صدر الأمم قبلكم - قوم هود وصالح وشعيب - فلا تغفلوا، وتواصلوا فلا تستخفوا بحرم الله وموضع بيته، وإياكم والظلم والإلحاد؛ فإنه ما سكنه أحد فظلم فيه وألحد إلا قطع الله دابرهم واستأصل شأفتهم!
وإنك لترى ألوانا من هذه الخطب للدلالة على النصح.
1
فلم يقبلوا منه هذه النصيحة وتمادوا في هلكة أنفسهم حتى سلبهم الله النعم بحبس المطر عنهم، وتسليط الجدب عليهم، فكانوا يكرون الظل بمكة ويبيعون الماء، فأخرجهم الله من مكة، ثم ساقهم الله بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رءوس آبائهم - وكانوا من حمير - فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا، ومن مثل هذه حذر سيدنا عمر قومه.
نامعلوم صفحہ