179

ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله

ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله

اصناف

وصف شخصيته على ألسنة المعاصرين

وإليك وصفا جاء على لسان امرأة رأته للمرة الأولى وهو في طريق هجرته إلى المدينة مع أبي بكر اسمها أم معبد الخزاعية، وقد وصفته لزوجها الذي عاد إلى الخيمة على أثر انصراف النبي وصاحبيه، قالت: «ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدا، له رفقاء يحفون به، إذا قال سمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند.» فقال أبو معبد زوجها: «والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا.» أقول فإن صحت هذه الرواية الجميلة، فلا يعادل فصاحة المرأة في الوصف إلا فراسة زوجها في الاستدلال، ولا أخالها إلا صادقة. على أنني لم أذكر هذه النبذة إلا استكمالا لوصف شخصه على لسان امرأة من أهل عصره لم تعرفه من قبل. وسيأتي خبرها بالتفصيل.

وكان أنس بن مالك من أصحاب النبي

صلى الله عليه وسلم

الذين عمروا بعده طويلا فكان الناس يجتمعون إليه ويقولون له صف لنا رسول الله

صلى الله عليه وسلم

فكان يصفه بقوله: «كان رسول الله

صلى الله عليه وسلم

أبيض مشربا بحمرة ضخم الرأس، أزج الحاجبين، عظيم العينين، أدعج، أهدب، شثن الكف والقدمين، إذا مشى تكفأ كأنما ينحط من صبب، ويمشي في صعد كأنما يتقلع من صخر، إذا التفت التفت جميعا، ليس بالجعد القطط ولا السبط، ذا وفرة إلى شحمة أذنيه، ليس بالطويل البائن، ولا القصير المتطامن، له عرف أطيب من المسك الأذفر، لم تلد النساء قبله ولا بعده مثله، بين كتفيه خاتم النبوة كبيضة الحمامة، لا يضحك إلا تبسما، في عنفقته شعرات بيض لا تكاد تبين.» ومن الحسن أن نقف لحظة لنقارن بين الوصفين؛ وصف المرأة التي لم تعرفه، والرجل الذي عاشره أعواما، لقد بدأت أم معبد فوصفت الرسول

صلى الله عليه وسلم

نامعلوم صفحہ